الجولاني يطرق أبواب المعارضة في جنيف: اتركوا الحرب لأهلها... وتنحوا جانباً

معارضون يصفون خطابه بـ«الشقاقي» وينبهون من «شيطنة» الفصائل

الجولاني يطرق أبواب المعارضة في جنيف: اتركوا الحرب لأهلها... وتنحوا جانباً
TT

الجولاني يطرق أبواب المعارضة في جنيف: اتركوا الحرب لأهلها... وتنحوا جانباً

الجولاني يطرق أبواب المعارضة في جنيف: اتركوا الحرب لأهلها... وتنحوا جانباً

زاد الخطاب الأخير لقائد «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، الذي دعا فيه قادة المعارضة للتنحي من تعقيد المشهد السوري، في ظل انقسام واضح بين معارضي النظام حول جدوى المشاركة في مفاوضات جنيف، والسير بالحل السياسي، ما دام الميزان في الميدان يميل لمصلحة رئيسه بشار الأسد وحلفائه.
وفيما اعتبر الجولاني، في بيان تلاه في شريط فيديو، أن الاعتداءات الانتحارية التي استهدفت مقرين من أكبر المراكز الأمنية في مدينة حمص، في وسط سوريا، وأدّت لمقتل العشرات، بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في المدينة العميد حسن دعبول، هي «درس» لقادة المعارضة المشاركين في مفاوضات جنيف، داعيا إياهم إلى «التنحي جانباً»، وصف خالد خوجة، الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، خطاب الجولاني بـ«الشقاقي»، معتبراً أنّه «يحوّل هدف عملية حمص بالدرجة الأولى إلى شيطنة الفصائل التي حضرت (آستانة)، الموجودة في (جنيف4)، وتغطية الاعتداءات عليها».
وأمل الجولاني الذي تبني تفجيرات حمص في أن يكون هذا العمل «درساً لبعض السياسيين المنهزمين في جنيف، ومن قبلها آستانة، درساً يمسح شيئاً من العار الذي ألحقه هؤلاء المغامرين بأهل الشام»، لافتا إلى أنّه «قد آن لهؤلاء المغامرين أن يتركوا الحرب لأهلها، ويتنحوا جانباً». وسأل الجولاني الذي يندر ظهوره في أشرطة فيديو: «أما ثبت لهم أن الدول تلعب بهم، ويصفق لذلك النظام (السوري) ودي ميستورا؟ أما تبين لهم أن هذا النظام المجرم لا ينفع معه إلا لغة القوة والدماء؟».
ورأى عبد الرحمن الحاج، الباحث المتخصص بشؤون الجماعات المتشددة، أن الجولاني حاول في خطابه الأخير «تسويق هيئة تحرير الشام، بعد العملية النوعية التي نفذتها في حمص، كقوة بديلة عن القوى التي تشارك في جنيف، لا يمكن تجاهلها لا في المفاوضات الجارية حالياً ولا في أي عملية لرسم مستقبل سوريا، باعتبار أنّها القوة الأكبر على الأرض»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لغته كانت لافتة، باعتبار أنّه على خلاف العادة لم يعتمد لغة معادية لنظام الدولة، بل قريبة من منطق السياسة، وهو خطاب جديد لـ(القاعدة)».
وأضاف: «لا شك أن ما عرضه الجولاني يؤكد مرة جديدة أن خيارات المعارضة تضيق، مما يتطلب إعادة تنظيم نفسها، خصوصاً أنّها غير قادرة على لفظ هيئة تحرير الشام، أو إطلاق أحكام عليها، باعتبار أنّها تساعدها إلى حد بعيد بتغيير موازين القوى على الأرض».
من جهته، رأى رئيس الأمانة العامة لـ«إعلان دمشق»، سمير نشار، أن الجولاني «يتحدث من موقع قوة ومعرفة في الميدان، بعدما سيطرت هيئة تحرير الشام على معظم مواقع فصائل المعارضة التي شاركت في اجتماعات آستانة، وانضمام الآلاف من المقاتلين أخيراً إلى صفوف الهيئة»، متسائلاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كيف تتصور المعارضة أصلا أن يقدم الروس على تنازلات في جنيف، بعد كل ما فعلوه بحلب؟»، وأضاف: «على كل حال، فإن عملية حمص موضع إعجاب لدى كثير من السوريين، باعتبار أن المراكز المستهدفة هي من أعتى مراكز المخابرات، ونماذج مصغرة عن مسلخ صيدنايا الذي تحدثت عنه منظمة العفو الدولية».
واتهم الجولاني الذي يشغل منصب القائد العسكري في «هيئة تحرير الشام»، قادة المعارضة السياسية بأنهم «يدفعون شيئًا لا يملكونه، ويهبون النظام نصرًا دون أن ينتصر»، وتوعد بتنفيذ تفجيرات أخرى بعد حمص، معتبرًا أن «هذا العمل ما هو إلا حلقة في سلسلة عمليات تأتي تباعًا بإذن الله».
وتأتي مواقف الجولاني فيما تستضيف الأمم المتحدة في جنيف جولة رابعة من مفاوضات السلام، بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة، لم تنجح حتى اللحظة في تحقيق أي تقدم. وينبثق وفد المعارضة الرئيسي إلى جنيف عن الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل أطيافاً واسعة من القوى المعارضة والفصائل، لكنها تستثني «هيئة تحرير الشام». وقد استبعدت الأخيرة أيضاً من وفد الفصائل الذي شارك في جولتي محادثات في آستانة، برعاية روسية - تركية - إيرانية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».