الموت يغيب آخر رفاق عمر المختار عن 110 أعوام

رئيس الحكومة الإيطالية يشيد بالسراج... ومجلس النواب يفشل في حل خلافاته

عبد الرازق جلغاف البرعصي
عبد الرازق جلغاف البرعصي
TT

الموت يغيب آخر رفاق عمر المختار عن 110 أعوام

عبد الرازق جلغاف البرعصي
عبد الرازق جلغاف البرعصي

نعى ناشطون ليبيون، أمس، عبد الرازق جلغاف البرعصي، آخر رفاق زعيم المقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي عمر المختار، بعدما وافته المنية بمدينة البيضاء بشرق ليبيا عن عمر ناهز 110 أعوام.
وشارك البرعصي في المقاومة ضد الاستعمار الإيطالي في العقد الثاني من القرن الماضي. وهو ينتمي لأسرة ترتبط بعلاقات تاريخية وثيقة مع الأسرة السنوسية التي انحدر منها عاهل ليبيا الراحل إدريس السنوسي.
ويعد البرعصي آخر رفاق عمر المختار، الملقب بأسد الصحراء، قائد المجاهدين الليبيين الذي قاوم الاحتلال الإيطالي. وبوفاته، يكون الليبيون قد ودعوا آخر نجوم المقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي.
ولد عبد الرزاق البرعصي عام 1907، في مدينة البيضاء، بالمنطقة الشرقية، وهو ينحدر من أسرة ترتبط بعلاقات تاريخية وثيقة مع الأسرة السنوسية التي انحدر منها ملك البلاد الأسبق إدريس السنوسي. وقد بدأ البرعصي في مقاومة الاحتلال الإيطالي منذ أن كان في ريعان شبابه، إلى جانب المختار قبل إعدامه عام 1931، وهو ينتمي إلى قبيلة البراعصة التي اشتهرت بمقاومة الإيطاليين، وحظيت باهتمام كبير من طرف المؤرخين، على اعتبار أن البراعصة لم يستسلموا أبداً للمحتل الإيطالي، وظلت قبيلتهم تتميز بمكانة بارزة خلال العهد الملكي، وحظي أبناؤها بأعلى المناصب الحكومية.
وخلال الغزو الإيطالي لليبيا، وظهور حركة المقاومة القوية التي قادها «أسد الصحراء» عمر المختار، شاركت فيها قبيلة البراعصة بقوة، وبينهم جلغاف، وتمكنت من تكبيد المحتل خسائر فادحة، خصوصاً في معارك فاصلة، بينها معركة أم الشافتير التي وقعت عام 1927، ومعركة فزان عام 1928 التي خسر فيها الإيطاليون مئات الجنود ومعدات عسكرية متنوعة، وأجبروا على تغيير استراتيجيتهم، واتباع سياسة إبادة جماعية للنساء والأطفال بمختلف الأسلحة، وبينها الطيران، لإضعاف المقاومة، وإجبارها على الانسحاب.في غضون ذلك، أشاد رئيس الحكومة الإيطالية باولو جينتيلوني بشجاعة فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، باعتبارها «حقيقة جديدة ومهمة»، وقال إن «المواقف المسؤولة التي تتبناها السلطات الليبية الحالية والسراج أمر مهم جدًا»، مشيرا إلى أن حكومة السراج أبدت استعدادها لتحمل المسؤولية في مجال مكافحة تهريب المهاجرين، لكنه استدرك بالتأكيد على أن «هذا لا يمحو هشاشة الوضع الليبي، بل يخبرنا أن هناك أرضية يجب العمل عليها».
إلى ذلك، أرجأ مجلس النواب الليبي، عقب جلسة عقدها بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق، البت في كيفية مناقشة آلية اختيار لجنة الحوار التي ستمثل مجلس النواب بالحوار السياسي، وفقا للمبادرة المقترحة من اللجنة المصرية الرسمية المعنية بالأزمة الليبية.
ووسط خلافات بين أعضائه، عجز المجلس عن حسم هذه الخلافات بسبب تباين وجهات النظر حول عملية اختيار أعضاء اللجنة الجديدة، علما بأن وفدا من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وصل أمس إلى مطار طبرق الدولي، تمهيدا لعقد محادثات مع أعضاء مجلس النواب المعترف به دوليا.
وتزامنت هذه الأحداث مع عودة ملف المهاجرين إلى واجهة الأحداث السياسية في ليبيا، حيث اعتبرت الاستخبارات الإيطالية أمس أن ليبيا تبقى نقطة تجمع وانطلاق المهاجرين نحو إيطاليا، التي أكد رئيس وزرائها جينتيلوني مواصلة دعمه حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج.
ووصفت الاستخبارات الإيطالية ليبيا بأنها «نقطة تجمع وانطلاق المهاجرين نحو إيطاليا»، وأكدت في تقرير بثت مقتطفات منه وكالة أنباء «آكي» الإيطالية أن «طريق وسط البحر المتوسط الذي يربط شمال أفريقيا بسواحلنا الجنوبية، مثل خلال العام الماضي الطريق الرئيسي للهجرة نحو أوروبا، حتى على ضوء التغييرات التي حدثت على الجانبين الغربي والشرقي».
ولاحظ التقرير أن الضوابط القوية المشتركة بين المغرب وإسبانيا حدّت بشكل كبير من تدفق المهاجرين عبر هذا الطريق، وإعادة توجيه جزء منهم إلى ليبيا، مما عزز مكانتها البارزة بوصفها مركز تجمع ونقطة انطلاق للمهاجرين نحو إيطاليا، مبرزا أن «هذا جعل من ليبيا الطريق الأكثر سهولة لعبور المهاجرين الذين يأتي معظمهم من منطقة القرن الأفريقي وخليج غينيا».
وفي سياق متصل، حذر تقرير لمنظمة اليونيسيف حمل عنوان «رحلة مميتة للأطفال: طريق الهجرة وسط البحر الأبيض المتوسط»، من المخاطر الشديدة التي تواجه الأطفال اللاجئين والمهاجرين أثناء قيامهم بالرحلة المحفوفة بالمخاطر من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى ليبيا، عبر البحر إلى إيطاليا.
وأشار معظم الأطفال والنساء أنهم دفعوا أموالاً للمهرّبين في بداية رحلتهم، مما ترك كثيرا منهم تحت طائلة الديون، وجعَلَهم عُرضة لسوء المعاملة، والاختطاف والاتجار، ومواجهة ظروف قاسية، بما في ذلك عدم وجود الطعام المغذِّي والمأوى الملائم، في مراكز الاحتجاز الليبية، التي تديرها كلٌ من الحكومة والميليشيات المسلحة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.