احتجاج طلابي ضد رئيس الوزراء العراقي في جامعة الكوت

مقتدى الصدر يعتذر للعبادي ويتهم أتباع المالكي بتنطيم التظاهرة

حيدر العبادي
حيدر العبادي
TT

احتجاج طلابي ضد رئيس الوزراء العراقي في جامعة الكوت

حيدر العبادي
حيدر العبادي

تحول اجتماع عقده مجلس الوزراء العراقي في مجلس محافظة واسط (180 كم جنوب بغداد)، في الكوت، أمس، إلى مشكلة بين رئيس الوزراء حيدر العبادي وطلاب من جامعة واسط، بعد زيارة العبادي لها، حيث خرج عشرات الطلاب في تظاهرات احتجاجية، مرددين كلمات «باطل... باطل» أمام رئيس الوزراء، الأمر الذي اضطر قوات مكافحة الشغب إلى التدخل وفض المظاهرة.
وفي حين اتهم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، من سماهم أتباع «القائد الضرورة» بالوقوف وراء التظاهرة، في إشارة إلى غريمه نائب الرئيس نوري المالكي، اعتبر بيان لحزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي ما «حصل في جامعة الكوت من تصرفات مشينة فعل مستنكر، ولا يعبر عن أخلاق طلاب الجامعة».
كان مجلس الوزراء العراقي قد قرر عقد جلسته الاعتيادية في محافظة واسط، بدلاً من بغداد، لـ«مناقشة واقع المحافظة، وتقديم الخدمات لأهلها»، كما ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء. ويقوم مجلس الوزراء بنقل جلساته الاعتيادية من بغداد إلى المحافظات بين فترة وأخرى.
وعقب انتهاء اجتماع المجلس، زار رئيس مجلس الوزراء العبادي جامعة الكوت، وألقى كلمة دعا فيها إلى إبعاد الجامعات عن الصراعات السياسية، وعدم توريط الطلبة بالخلافات، معتبراً أن «الاهتمام بالجانب التعليمي أمر أساسي، وهو مكمل لانتصارات أبطالنا على العصابات الإرهابية». وشدد على أن «العراق يسير بالاتجاه الصحيح، وينتقل من حالة التشرذم إلى مرحلة التوحد».
إلى ذلك، أصدر زعيم التيار الصدري بياناً «تضامنياً» مع العبادي، اتهم فيه ضمناً أتباع رئيس الوزراء السابق، نائب الرئيس الحالي، نوري المالكي، بالوقوف وراء الحادث، وجاء في البيان «أقدم اعتذاري هذا له حصراً، نيابة عن من فعل، سواء كان ينتمي لي أو كان مندساً من أتباع القائد الضرورة أو غيره». واعتبر الصدر المظاهرة «تعدياً» على رئيس الوزراء، و«انتقاصاً من هيبة الدولة، خصوصاً أن العبادي مستثنى من الفساد إلى يومنا هذا»، عاداً الخروج ضد العبادي «عملاً مستهجناً ومرفوضاً، ويسبب الأذى لمشروع الإصلاح».
وأصدر المكتب الإعلامي لحزب «الدعوة الإسلامية»، الذي يتزعمه المالكي، وينتمي إليه العبادي، بياناً اعتبر فيه ما حصل في جامعة الكوت من «تصرفات مشينة فعلاً مستنكراً، ولا يعبر عن أخلاق طلاب الجامعة وأدبهم وذوقهم»، لافتاً إلى أن بعض الجهات تسعى لتسييس الجامعات، من خلال «تحريض بعض الطلبة للقيام بأعمال شغب وإساءة تهتك قدسية الحرم الجامعي، وتقلل من هيبة الدولة».
على صعيد آخر، يواجه مجلس النواب العراقي هذه الأيام موجة استياء شعبية جديدة على خلفية إجراء اتخذه بشأن زيادة مالية لأعضائه، وشن ناشطون ومدونون في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة هجوما كبيرا على ممثلي الشعب، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان سياق التوتر الذي حكم السلطة التشريعية وناخبيهم من المواطنين العاديين. وبرأي كثير من المراقبين، فإن الحملة المناهضة للإجراء الأخير ترتبط بـ«عدم الثقة» الشعبية المتنامية حيال المجلس التشريعي وأعضائه، كرستها الشعور العام بعدم «انحياز» أغلب النواب إلى المصالح الشعبية قدر انحيازهم إلى مصالح الكتل التي يمثلونها.
ورغم التأكيدات المستمرة من أغلب أعضاء مجلس النواب بشأن عدم وجود زيادة في مرتبات النواب، فإن كثيرا من المواطنين «لا يريدون تصديق ذلك»، كما لمح أحد أعضاء مجلس النواب. واعتبر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن مجلسه «يتعرض لهجمة شرسة خصوصا بشأن رواتب النواب»، مؤكدا أن «البرلمان لن يمضي في زيادة مرتبات أعضائه». وأضاف أن «مجلس النواب حريص على ممارسة دوره التشريعي والرقابي خلال فصله التشريعي، وأنه صوت الشعب ولن تثنيه هذه الممارسات المضللة»، مشيرًا إلى أن «إجمالي راتب عضو مجلس النواب يبلغ 7 ملايين و200 ألف دينار فقط (نحو 6 آلاف دولار أميركي)».
ولعل التضارب في قيمة المبلغ النهائي الذي يتقاضاه النائب أحد أسباب النقمة الجماهيرية ضد المجلس عموما، ففيما يذكر رئيس المجلس مبلغا معينا، يصرح نواب آخرون بأقل من ذلك ويقولون إنه يقترب من سقف 5 ملايين دينار فقط.
وترى النائبة ماجدة التميمي أن خلفية الضجة المثارة على مرتبات أعضاء المجلس مبالغ فيها، وإنها شخصيا تتعرض لـ«حملة ظالمة» بشأن الموضوع، وبرأيها، فإن أصل الموضوع يعود إلى شهر أغسطس (آب) 2015، حين أطلق رئيس الوزراء حيدر العبادي سلسلة إصلاحات إدارية تضمنت تخفيض أجور ومرتبات الرئاسات الثلاث (الجمهورية، والوزراء، ومجلس النواب). وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قللت الإصلاحات في حينها نسبة 45 في المائة من مخصصات أعضاء مجلس النواب، و30 في المائة من بقية الموظفين، ثم خفضت بنسبة 3 في المائة لدعم الحشد والنازحين وواحد في المائة للرعاية الاجتماعية». مضيفة: «كانت المخصصات تعتمد الشهادة الجامعية في تحديد المرتب، شأن موظفي الدولة، الحاصل على شهادة الدكتوراه مثلا، يأخذ مخصصات أكثر من زميله الحاصل على شهادة الإعدادية فقط».
وتتفق النائبة عن التحالف الكردستاني بشأن الموضوع مع النائبة التميمي، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم تحصل أي زيادة جديدة، وشخصيا خضع مرتبي لاستقطاع بسبب حصولي على شهادة الماجستير».
وترى أن الموضوع «لا يتجاوز حملة موجهة ضد مجلس النواب، وهناك من ينساق وراءها».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.