انتحاري الموصل استخدم تعويضاً تلقاه لتمويل خلية «داعشية» في مانشستر

بلير يدافع عن جهوده لإطلاق سراح الحارث من غوانتانامو

السجين البريطاني جمال الحارث في سجن قندهار نهاية عام 2001 قبل ترحيله إلى غوانتانامو (أ.ف.ب)
السجين البريطاني جمال الحارث في سجن قندهار نهاية عام 2001 قبل ترحيله إلى غوانتانامو (أ.ف.ب)
TT

انتحاري الموصل استخدم تعويضاً تلقاه لتمويل خلية «داعشية» في مانشستر

السجين البريطاني جمال الحارث في سجن قندهار نهاية عام 2001 قبل ترحيله إلى غوانتانامو (أ.ف.ب)
السجين البريطاني جمال الحارث في سجن قندهار نهاية عام 2001 قبل ترحيله إلى غوانتانامو (أ.ف.ب)

كشفت وثائق مسربة من تنظيم داعش الإرهابي أن الانتحاري البريطاني الذي تسلم تعويضا من الحكومة يقدر بنحو مليون جنيه إسترليني بعد الإفراج عنه من معتقل غوانتانامو من المرجح أن يكون قد استخدمه في تمويل خلية مانشستر الإرهابية. وكشفت وثائق تنظيم داعش المسربة أن جمال الحارث المولود بمدينة مانشستر كان قد تعرف على التنظيم الإرهابي عن طريق رفائيل هوستي، وهو متطرف يبلغ من العمر 24 عاما يعيش بنفس المدينة بشمال إنجلترا. ويعتقد أن هوستي شجع العشرات من المسلمين البريطانيين على السفر إلى سوريا، منهم صديقاه المقربان عزام جواد، وأنيل خليل رؤفي اللذان قتلا بهجمات شنتها طائرات الدرون. وكشفت الوثائق التي حصلت صحيفة «ديلي تلغراف» على نسخة منها أن هوستي، الذي عمل تحت كنية «أبو القعقاع البريطاني»، قد مول الكثير من المقاتلين البريطانيين الذين سافروا إلى سوريا. وتواترت الأخبار عن تلك التعويضات بعد أن تعهد الوزراء أمس بالعمل على استعادة نحو 20 مليون جنيه إسترليني دفعتها الحكومة البريطانية لسبعة عشر معتقل سابق بمعتقل غوانتانامو في حال ثبت استخدام أي من تلك المبالغ في تمويل الإرهاب.
ودعا اللورد كارليل، مراجع سابق لتشريعات الإرهاب، إلى إجراء تحقيق مستقل في هذا الشأن، قائلا: «لا نعرف حجم المال الذي تلقاه الحارث، لكننا نعلم أنه اشترى منزلا، لكن تمويل متشدد لا يتطلب الكثير من المال». وفي حديثه لصحيفة «ذا تيليغراف»، قال اللورد كارليل، «السؤال الآن هو هل مول أي إرهابيين آخرين؟ سيكون هناك الكثير من الدروس لنتعلمها في المستقبل، فما حدث يثير احتمالية قيام الحارث بتمويل خلية للسفر إلى سوريا».
وأكدت زوجة الحارث شوكي بيغام أمس أنه لم يتبق الكثير من المال بعد شرائه للمنزل وسفره إلى سوريا للقتال في صفوف «داعش». وفي حديثها للقناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني الليلة قبل الماضية، كشفت شوكي أن المال الذي تلقاه كان تسوية ودية خارج المحكمة، ولم يكن تعويضا بحكم المحكمة، رغم أنها زعمت أن المبلغ كان أقل من المليون جنيه إسترليني المعلن عنه.
وفي ذات السياق، زعمت شبكة «سكاي نيوز» أن المخابرات البريطانية (إم آي 5) حذفت اسم الحارث المولود في مانشستر من قوائم المراقبة عندما غادر المملكة المتحدة عام 2014، ولدى سؤالها عن مراقبة ورصد تحركات الحارث، زعمت شوكي أن الحارث أوقف وتعرض للاستجواب من قبل السلطات البريطانية لستة ساعات لدى عودته من رحلة إلى غزة عام 2009، لكن خلاف ذلك، لا تعتقد أنه كان مراقبا. وقال تصريح صادر عن عائلة الحارس لإذاعة «بي بي سي» إنهم يعتقدون أن رقم مليون جنيه إسترليني مبالغ فيه وغير دقيق، مشيرين إلى تسويه جرت مع أربعة معتقلين سابقين، منهم الحارث، تمت مقابل مبالغ أقل. وفي التصاريح، أفادت العائلة بأن جمال الذي عرفوه حتى عام 2001 عندما اعتقل في خليج غوانتانامو لم يكن متورطا في الانضمام لتنظيمات مثل «داعش». فقد كان شخصا مسالما ووديعا. وسواء فعل ذلك أو لم يفعل، فهم يعتقدون من خبرتهم أنه تغير كليا في هيئته الجسمانية والنفسية نتيجة للمعاملة غير الإنسانية التي لاقاها على مدى عامين في غوانتانامو.
وأضافت زوجة جمال في تصريحها للقناة الرابعة أنها عندما كانت على تواصل مع الحارث أنه كان يشارك في توزيع المعونات في مدينة الباب وكان يعارض فكرة الهجمات الانتحارية. وبعد الإفراج عنه من غوانتانامو عام 2004 وعودته إلى المملكة المتحدة، قالت إنه لم يشكل تهديدا يذكر على مدى عشر سنوات. غير أن تحوله الراديكالي للتطرف بدأ عام 2013 نتيجة للفظائع التي ارتكبها النظم في سوريا.
وتحولت وجهته للتطرف بعد اتصاله مع رفائيل هوستي (المكنى بأبو القعقاع البريطاني والذي يعد من الموردين الرئيسيين للمقاتلين البريطانيين حتى مقتله بقصف من طائرة درون في سوريا العام الماضي). وسافر الحارث إلى سوريا حيث انضم إلى «داعش» عام 2014، والعام الماضي سافرت زوجته إلى سوريا بصحبة أطفالهما الخمسة، وفق شوكي، لتحاول إقناعه بالعودة للمملكة المتحدة، لكن محاولاتها باءت بالفشل. وكان الجهادي، الذي حمل اسم رونالد فيدلر عند المولد، قد اعتقل في جنوب أفغانستان بعدما توجه إلى هناك عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) ثم اقتيد إلى معتقل غوانتانامو عام 2002، وتقول السلطات الأميركية إنه ربما قضى بعض الوقت مع أسامة بن لادن في السودان. غير أنه أفرج عنه من المعتقل سيئ السمعة عام 2004 ليرحل إلى إنجلترا على متن طائرة خاصة وأفرج عنه من دون توجيه اتهامات. وكان الحارث ضمن أكثر من عشرة معتقلين في غوانتانامو دخلوا في تسوية ودية خارج المحكمة تقاضوا بموجبها نحو 20 مليون جنيه إسترليني لإغلاق القضية.
إلى ذلك، دافع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير أول من أمس عن جهود حكومته، لإطلاق سراح جمال الحارث من معتقل غوانتانامو الأميركي، بعد تقارير عن ارتكاب المعتقل السابق عملية انتحارية لتنظيم داعش في العراق هذا الأسبوع.
وادعى تنظيم داعش أن أبو زكريا البريطاني، وهو مواطن بريطاني كان اسمه رونالد فيدلر ثم سمى نفسه جمال الدين الحارث بعد اعتناقه الإسلام، فجر سيارة ملغومة في قاعدة للجيش العراقي جنوب غربي الموصل.
وكانت قوات أميركية خاصة اعتقلت أبو زكريا في أفغانستان ونقلته إلى غوانتانامو عام 2002، وأُطلق سراحه في عام 2004 بعدما ضغطت حكومة رئيس الوزراء في ذلك الحين توني بلير من أجل الإفراج عنه.
وبينما قال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إنه لا يوجد تأكيد مستقل بأن منفذ الهجوم هو أبو زكريا، قال مسؤولون بريطانيون إن الاستخبارات البريطانية تعتقد بـ«ثقة كبيرة» أن الانتحاري هو المواطن البريطاني الذي كان معتقلا في غوانتانامو. وأقر بلير بأن أبو زكريا حصل على تعويض من الحكومة البريطانية في عام 2010 بسبب المدة التي قضاها في معتقل «غوانتانامو»، لكنه لم يكشف عن قيمة التعويض. وقال بلير: «الحقيقة هي أن ذلك كان دائما موقفا صعبا، حيث على أي حكومة أن توازن بين الحريات المدنية والرغبة في حماية أمننا، وعلى الأرجح كنا سنتعرض لهجوم أيا كان المسار الذي اتخذناه»



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».