تركيا تعرض الوساطة في العلاقات بين باكستان وأفغانستان

وقعت 60 اتفاقية للتعاون المشترك مع إسلام آباد... والمجال العسكري يأتي في المقدمة

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم (يسار) مع نظيره الباكستاني نواز شريف (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم (يسار) مع نظيره الباكستاني نواز شريف (أ.ف.ب)
TT

تركيا تعرض الوساطة في العلاقات بين باكستان وأفغانستان

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم (يسار) مع نظيره الباكستاني نواز شريف (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم (يسار) مع نظيره الباكستاني نواز شريف (أ.ف.ب)

عرضت أنقرة القيام بدور وساطة بين باكستان وأفغانستان لحل أي مسائل عالقة وتطوير العلاقات فيما بينهما. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الباكستاني نواز شريف في أنقرة أمس الخميس إنه ناقش مع نظيره الباكستاني تطوير العلاقات بين باكستان وأفغانستان، لافتا إلى أنه عرض قيام تركيا بدور الوساطة بين الجانبين. وأنشأت تركيا وباكستان وأفغانستان منذ عام 2007 آلية قمة ثلاثية للحوار والتعاون بين الدول الثلاث ومناقشة ملفي الأمن ومكافحة الإرهاب وزيادة التعاون في المجال الاقتصادي.
وعنيت القمة التي عقدت دورتها الثامنة في عام 2014 بعملية السلام والمصالحة في أفغانستان ومعالجة القضايا التي تشكل تحديا مشتركا لكل من باكستان وأفغانستان وفي مقدمتها الإرهاب والتطرف وتجارة المخدرات كتهديد رئيسي للسلام والأمن والاستقرار الإقليمي.
وقال يلدريم إن هناك تعاونا رفيع المستوى بين تركيا وباكستان، وإن البلدين يدعمان بعضهما البعض في المحافل الدولية، وإن تركيا وباكستان وقفتا إلى جانب بعضهما البعض «وتقاسمتا الآلام والآمال». وأضاف أنه تم توقيع اتفاقيات ثنائية مهمة بين البلدين، وتفعيل العلاقات الاقتصادية، وزيادة حجم التبادل التجاري، وذلك خلال اجتماعات الدورة الخامسة لمجلس التنسيق الاستراتيجي المشترك، موضحا أن الاتفاقيات الموقعة بين تركيا وباكستان بلغت نحو 60 اتفاقية، وأن تنفيذها يقع على عاتق وزارات البلدين.
وندد يلدريم بجميع العمليات الإرهابية التي وقعت في باكستان، موضحا أن لدى البلدين طاقات لمواجهة التنظيمات الإرهابية.
من جانبه، أشاد رئيس الوزراء الباكستاني بالإدارة القوية للدولة التركية برئاسة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مؤكدا أنه تم توقيع الكثير من الاتفاقيات بين تركيا وباكستان في مجالات الطاقة والنقل والمواصلات والتعليم، سيكون لها دور مهم في تطوير العلاقات بين البلدين.
ولفت رئيس الوزراء الباكستاني إلى أن لتركيا دورا فعالا في إحياء السلام العادل والشامل في المنطقة، معربًا عن شكره لتركيا على موقفها الثابت في قضية كشمير ودعمها لباكستان، وكذلك مواقفها مع بلاده في جميع المحافل الدولية. وأدان شريف محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الماضي، مشيدا بدور الشعب التركي في إفشالها.
وعقب المراسم عقد اجتماع ثنائي بين رئيسي الوزراء، أعقبه ترؤس يلدريم وشريف وفدي البلدين في الاجتماع الخامس لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى التركي الباكستاني، حيث جرى توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الطاقة والتجارة والتعليم والنقل والمواصلات.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبل رئيس الوزراء الباكستاني على مأدبة عشاء بالقصر الرئاسي في أنقرة مساء الأربعاء في مستهل زيارته لتركيا. وبحث إردوغان مع شريف العلاقات بين البلدين إضافة إلى عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، في مقدمتها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والعلاقات الباكستانية الأفغانية. كما زار شريف البرلمان التركي وعاين الأماكن التي تعرضت للقصف ليلة محاولة الانقلاب الفاشل.
وكان إردوغان زار باكستان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بصحبة وفد من الوزراء ورجال الأعمال. وعشية وصوله إلى إسلام آباد، أمرت الحكومة الباكستانية موظفي مؤسسات «باك تورك» التي تضم عددا من مدارس حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب بمغادرة البلاد خلال مدة أقصاها 10 أيام، كما أعلنت وزارة الداخلية عدم منح تأشيرة الدخول إلى باكستان لـ108 موظفين تابع لتلك المؤسسات وأسرهم.
وجاءت هذه الإجراءات في إطار حملة دبلوماسية تقوم بها تركيا من أجل إغلاق مؤسسات حركة الخدمة التعليمية والاقتصادية المنتشرة في أكثر من 160 دولة حول العالم.
كما شهدت زيارة إردوغان توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين تركيا وباكستان في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والدفاع والشراكة الاستراتيجية وتبادل الخبرات في مجال الصناعات الدفاعية.
وتستند العلاقات التركية الباكستانية أساسا على التعاون الاقتصادي في مجالات مثل الطاقة والنقل والاتصالات والبنية التحتية والتجارة والنفط والغاز وتكنولوجيا المعلومات، وارتفعت الصادرات التركية إلى باكستان بنسبة 39 في المائة في 2016 مقارنة بالعام 2015.
وتجدر الإشارة إلى أن كلا الطرفين هما من الأعضاء المؤسسين لمنظمة التعاون الاقتصادي، التي تضم عدة بلدان من آسيا الوسطى، ومن المؤسسين لمنظمة التعاون الإسلامي. وفي أعقاب الاتفاقات الإطارية لسنة 1976 أنشأت الدولتان آلية اللجنة الاقتصادية المشتركة، ومنذ ذلك الحين، بدأ عقد الاجتماعات بصفة منتظمة بين المؤسسات العامة في أنقرة وإسلام آباد. كما أن آلية القمة الثلاثية مع باكستان وأفغانستان التي أنشئت في عام 2007 لتطوير التعاون الشامل بين الدول الثلاث من شأنها الذهاب إلى ما هو أبعد من الجوانب التجارية البحتة، أي إلى تطوير هياكل الدفاع والأمن وكل الأمور التي تخص المجال العسكري.
كما وقعت تركيا وباكستان الكثير من الاتفاقيات في مجالات كثيرة، كالخدمات اللوجيستية ومراقبة الجودة، بهدف التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة، وقد نوقش هذا الموضوع منذ سنة 2014، إلى جانب السيناريو الجيو سياسي والجيو استراتيجي الذي جعل للتعاون العسكري أهمية خاصة، حيث إن أنقرة وإسلام آباد وافقتا على تطوير الطائرات المقاتلات من طراز إف 16 باعتماد تكنولوجيا وقطع غيار تركية، وهذه الصفقة كان من شأنها أن تكلف باكستان 75 مليون دولار. كما قدمت القوات الجوية التركية في العام 2015 لإسلام أباد 34 طائرة تدريب قديمة من فئة تي – 37، وقامت شركة «إس تي إم» التركية بتطوير غواصتين باكستانيتين مصنوعتين في فرنسا من طراز أغوستا 90 بي. كما أكدت بعض المصادر الحكومية التركية أن تركيا وباكستان قامتا بإجراء تدريبات مشتركة، وأن إسلام آباد مهتمة كثيرا بدبابات أوتوكار التاي التركية.
كما تستفيد القوات الجوية الباكستانية من خبرة شركة الأسلحة الدفاعية التركية «أسلسان» لتحسين خبراتها في الحرب الإلكترونية وفي التدابير المضادة لتزويد القاذفات المقاتلة بين الصين وباكستان.
وتعمق التعاون العسكري بين تركيا وباكستان منذ إطلاق المجموعة الاستشارية العسكرية التي أنشئت في عام 1988 بهدف توسيع نطاق التعاون وتبادل الخبرات في مجال التدريبات العسكرية بين البلدين، واستعراض الوضع الجيو سياسي الإقليمي. وقد أطلقت الدولتان سلسلة من الحوارات العسكرية بين المسؤولين رفيعي المستوى في عام 2001، لتعزيز التعاون في مجال الدفاع، وهو ما أثمر سلسلة من المناورات العسكرية الجوية والبحرية المشتركة في ذلك الوقت.
وأنفقت باكستان على مجال الدفاع في 2016 ما يقارب 8.2 مليار دولار في مقابل 21 مليار دولار بالنسبة لتركيا، وتشارك منذ عام 2004 في تدريبات نسر الأناضول في تركيا وخلال الاجتماع الرابع للمجلس الاستراتيجي للتعاون الذي عُقد العام الماضي، وقعت تركيا وباكستان على 11 اتفاقية لتعزيز وتطوير التعاون الاستراتيجي. ومن المبادرات المتخذة في هذا الإطار: الدعوة إلى التعاون وتبادل الخبرات في مجال الصناعات الدفاعية بين قطر وباكستان وتركيا. وكان الجيش الباكستاني منذ فترة طويلة مهتما بشراء طائرة الهليكوبتر الهجومية التركية تي - 129 أتاك بالإضافة إلى شراء بعض المعدات العسكرية بطريقة مباشرة والاستفادة من تركيا لتحسين صناعتها الدفاعية، من خلال تحديث المنشآت في شركة الصناعات الثقيلة «تاكسيلا» وأحواض السفن والأشغال الهندسية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.