المعارضة تتصدى لمحاولات النظام و«حزب الله» وصل دمشق بالأردن

العاصمي لـ «الشرق الأوسط»: لن نرضخ لأي ضغوط إقليمية لتسليم المعابر

سحابة من الدخان فوق مدينة درعا قرب الحدود مع الأردن بعد غارة من طيران النظام أمس (أ.ف.ب)
سحابة من الدخان فوق مدينة درعا قرب الحدود مع الأردن بعد غارة من طيران النظام أمس (أ.ف.ب)
TT

المعارضة تتصدى لمحاولات النظام و«حزب الله» وصل دمشق بالأردن

سحابة من الدخان فوق مدينة درعا قرب الحدود مع الأردن بعد غارة من طيران النظام أمس (أ.ف.ب)
سحابة من الدخان فوق مدينة درعا قرب الحدود مع الأردن بعد غارة من طيران النظام أمس (أ.ف.ب)

تحتدم المعارك في مدينة درعا الواقعة في الجنوب السوري على خلفية سعي النظام لوصل العاصمة دمشق بالحدود الأردنية، تمهيدا لإعادة فتح معبر «نصيب»، وهو ما تتصدى له فصائل المعارضة التي تسيطر على القسم الأكبر من درعا المحافظة والمدينة.
وأوضح أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر، أن النظام شن ومنذ نحو 10 أيام هجوما على حي المنشية، تمهيدا للسيطرة على المعبر الذي يبعد نحو اثنين من الكيلومترات عنها، «إلا أنه تفاجأ بقدرة الفصائل المقاتلة على التصدي للهجوم»، لافتا إلى أن المعارضة استعادت كل النقاط التي تقدم إليها مؤخرا. وعبّر العاصمي عن هواجس من وجود «اتفاق إقليمي يسمح للنظام باسترجاع معبر نصيب»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن المعارضة لن تسمح بذلك على الإطلاق، ولن ترضخ للضغوط التي قد تتعرض لها لتسليم أي من المعابر الحدودية. وأضاف: «النظام يسيطر حاليا على خط رفيع على شكل لسان يمتد من (الصنمين) حتى منطقة قريبة من الحدود كما على مربع أمني داخل مدينة درعا، أما معظم المحافظة فواقعة تحت سيطرة المعارضة». وتشارك قوات «حزب الله» المنتشرة في مناطق أزرع وأطراف بصرى الشام من الجهة الشرقية كما في مثلث القنيطرة - درعا - ريف دمشق الغربي في معارك حي المنشية. كما يؤكد العاصمي الذي أشار إلى أن المعارضة تخوض حاليا معارك على جبهتين في درعا، الأولى في المدينة بوجه النظام وحلفائه، والثانية في ريف درعا الغربي بوجه «داعش»، مستهجنا «غياب أي دعم للفصائل التي تواجه التنظيم المتطرف والذي يُعالج عناصره داخل إسرائيل».
ميدانيا، أفاد «مكتب أخبار سوريا» باستئناف فصائل المعارضة يوم أمس هجومها على حي المنشية، الذي يعد من أكبر تجمعات القوات النظامية في مدينة درعا، كما باستهدافها بعربة مفخخة، أبنية يتمركز فيها جنود النظام ومقاتلون من «حزب الله». وتدور مواجهات عنيفة بين الطرفين على عدة محاور من الحي، حيث تركز هجوم المعارضة على محور المنطقة المحيطة بطريق إمداد النظام الوحيد إلى حيي سجنة والمنشية. ويواكب الطيران الحربي الروسي حملة النظام في درعا، بحيث أكد ناشطون قصفه أحياء درعا البلد الخاضعة لسيطرة المعارضة، كما استهدافها من قبل القوات النظامية بصواريخ محلية الصنع من طراز «فيل»، ما أدى إلى مقتل عنصر معارض وإصابة آخرين.
من جانبه، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، 35 غارة جوية، قال إن طائرات حربية ومروحية نفذتها على مناطق في مدينة درعا يوم أمس، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات العنيفة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى في محور حي المنشية.
وارتأت السلطات الأردنية تعطيل المدارس في منطقة الرمثا الحدودية مع سوريا «كإجراء احترازي». ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم، وليد الجلاد، القول، إنه تم تعليق دوام جميع المدارس في لواء الرمثا، موضحا أن قرار التعليق جاء بالتنسيق ما بين مديرية التربية والتعليم والحاكم الإداري في اللواء «كإجراء احتزازي».
يُذكر أن عدة فصائل معارضة تابعة لتشكيل الجبهة الجنوبية وجبهة فتح الشام، أعلنت في 12 من الشهر الحالي عملية عسكرية باسم «الموت ولا المذلة» للسيطرة على حيي منشية وسجنة في مدينة درعا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.