رتبت القاهرة أمس لاجتماع بين القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة فائز السراج، في محاولة للتغلب على العراقيل التي لا تزال تحول دون اعتراف البرلمان بحكومة السراج وانضمام حفتر إليها رسميًا، فيما أعلنت تونس أنها ستستضيف اجتماعًا لوزراء خارجية مصر والجزائر وتونس خلال أيام لمناقشة الأزمة الليبية.
ووصل السراج إلى القاهرة برفقة وزير خارجيته محمد سيالة، فيما وصل حفتر مساء أمس على متن طائرة خاصة. وقال مسؤول مصري إن الاجتماع يعقد في إطار الجهود التي تبذلها اللجنة المصرية العليا المعنية بالملف الليبي والتي يترأسها رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي.
وأوضح المسؤول، وهو على صلة بترتيبات اللقاء الذي يعتبر الثاني من نوعه بين حفتر والسراج منذ نحو عام، أن القاهرة تأمل بأن يسفر هذا الاجتماع عن اتفاق ثنائي يفتح الباب للتوصل إلى حل للوضع السياسي المأزوم في ليبيا. وأضاف: «لا نفرض شيئًا على الطرفين. مهمتنا فقط تسهيل الاجتماع وعقده في أجواء إيجابية. هناك توافق مبدئي على إمكانية التوصل إلى حل وسط، لكن الأمور مرهونة بالإدارة السياسية للفرقاء الليبيين».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن من بين المقترحات المعروضة على الاجتماع، تقليص المجلس الرئاسي لحكومة السراج من تسعة أعضاء إلى ثلاثة فقط يمثلون التقسيم الجغرافي للبلاد، إضافة إلى تشكيل مجلس عسكري يترأسه حفتر يكون مسؤولاً عن إدارة المؤسسة العسكرية، لكن تحت رئاسة السراج وبضمانات مصرية ودولية.
ويقود حفتر قوات الجيش الموالية لمجلس النواب الموجود في مدينة طبرق، لكن المجلس يرفض الاعتراف بحكومة السراج أيضًا بسبب خلاف على مادة في اتفاق الصخيرات الذي أبرم قبل نحو عامين في المغرب برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تتعلق بصلاحيات السراج لتعيين المسؤولين في المناصب العسكرية والأمنية في الحكومة.
ويدور خلاف رئيسي آخر حول الجهة المعنية بصلاحيات منصب القائد الأعلى للجيش الوطني، إضافة إلى تفسير معنى هذا الجيش وهل يعني فقط القوات التي يقودها حفتر، أم الميليشيات المسلحة المنضوية تحت لواء حكومة السراج وتدين بالولاء لها.
وقال مسؤول عسكري مقرب من حفتر لـ«الشرق الأوسط»: «لا أمل في أي اتفاق إذا استمر وجود الميليشيات المسلحة داخل طرابلس»، مؤكدًا أن حكومة السراج «لا تملك أي سيطرة فعلية على هذه الميليشيات التي تتصارع منذ نحو عامين على السلطة، وتخوض معارك شوارع منذ بضعة أيام على التوالي من دون أي موقف رسمي معلن وواضح مناوئ لها من حكومة السراج الموجود في طرابلس».
وطالب فتحي المجبري، أحد نواب السراج، في تصريحات صحافية له أمس بإشراك حفتر في العملية السياسية، لافتًا إلى أن أي حلول لا يمكن لها أن تستقيم في حال استبعاد حفتر أو إقصائه.
ورغم أن السراج أعلن بنفسه الشهر الماضي أنه سيجتمع في القاهرة مع حفتر بوساطة مصرية معلنًا استعداده «للعمل معه للوصول إلى حل من أجل ليبيا»، كما اعتبر أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع هناك»، لكن حفتر قال في المقابل في تصريحات مقتضبة انه لن يلتقي السراج بسبب اعتراضه على «المجموعة التي تعمل معه». وأصدر مكتب حفتر بيانًا الأسبوع الماضي يعتبر فيه أنه ليس معنيًا بلقاء السراج. لكن مصادر ليبية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التصريحات المتبادلة هي جزء من الحرب النفسية والإعلامية المتبادلة بين الطرفين.وتوجد في ليبيا التي تحكمها الفوضى منذ انهيار نظام معمر القذافي عام 2011، ثلاث حكومات، اثنتان منها في طرابلس هما حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها السراج، وحكومة خليفة الغويل التي تحظى بدعم من برلمان طرابلس المنتهية ولايته، في مقابل حكومة يترأسها عبد الله الثني وتدعم حفتر ومقرها في البيضاء بالشرق.
وأعلنت مصر رغبتها تنظيم محادثات «مباشرة» بين أطراف النزاع في ليبيا في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الليبي الشهر الماضي، فيما عقدت اللجنة المصرية المعنية بالأزمة الليبية سلسلة من اللقاءات مع شخصيات ليبية عدة بحضور رئيس اللجنة الفريق حجازي على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، أمس، إن لقاءً مرتقبًا لوزراء خارجية تونس والجزائر ومصر سيعقد خلال أيام في تونس. وأوضح أن اللقاء سيخصص للنظر في وضع تصور عام لحل الأزمة الليبية، بناء على مبادرة طرحها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
وقال الوزير، بحسب وكالة الأنباء الألمانية، إن السبسي «قدم مبادرة وأبلغها للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وكلفني أيضًا بمقابلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي». وأضاف أن «الخطوة التي تقدمنا بها في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) تتقدم الآن، وهناك لقاء مهم بين وزراء خارجية الدول الثلاث لوضع الأسس لهذا التصور».
وأشار إلى زيارة عدد من الشخصيات الليبية إلى تونس في الفترة الأخيرة في إطار الجهود لحلحلة الوضع المتأزم في ليبيا، إلى جانب زيارات مرتقبة لشخصيات أخرى يتوقع وصولها إلى تونس. وأوضح: «تقابلت اليوم مع المبعوث الأممي مارتن كوبلر. كان لقاءً مهمًا ساعد على فهم ما تطلبه الأمم المتحدة. كما نعلم أن الأمم المتحدة بصدد النظر في تعيين مبعوث خاص جديد إلى ليبيا».
ترتيبات في القاهرة لثاني لقاء بين حفتر والسراج
التعيينات العسكرية والأمنية أبرز نقاط الخلاف... واجتماع مصري - تونسي - جزائري خلال أيام
ترتيبات في القاهرة لثاني لقاء بين حفتر والسراج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة