موسكو تلمح إلى مبادرات بديلة في المفاوضات السورية

دعت إلى الضغط على المعارضة لالتزام وقف النار

موسكو تلمح إلى مبادرات بديلة في المفاوضات السورية
TT

موسكو تلمح إلى مبادرات بديلة في المفاوضات السورية

موسكو تلمح إلى مبادرات بديلة في المفاوضات السورية

انتقد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، الأمم المتحدة ما وصفه بأنه «مماطلة غير مبررة» في استئناف المفاوضات السورية في جنيف، ووجه تحذيرات مبطنة من احتمال الاعتماد على «مبادرات» بديلة للحل، في ظل ما وصفه «غياب عملية تفاوضية أممية» حول الأزمة السورية.
وفي حديث أجرته معه وكالة «تاس»، اعتبر غاتيلوف أن «انقطاع المفاوضات منذ أبريل (نيسان) 2016 امتدت لفترة طويلة بشكل غير مبرر»، داعيًا الأمم المتحدة إلى «العجلة» في هذا المجال، لافتًا إلى أن «المفاوضات وبعد أشهر طويلة من التأجيل ستنطلق في العشرين من فبراير (شباط) الحالي: (على الأقل هذا ما حدده المبعوث الدولي دي ميستورا)»، على حد قوله.
ويرى نائب وزير الخارجية الروسي، أن المماطلة في مفاوضات جنيف «تلحق الضرر بمجمل عملية التسوية»، موجها تحذيرات مبطنة للأمم المتحدة، حين أشار إلى أنه «في ظل غياب عملية تفاوضية أممية، تتشكل مبادرات أخرى»، ودون أن يوضح ما هي تلك المبادرات، عاد ولمّح إلى دور الأمم المتحدة بصفتها مظلة تفاوضية، حين أشار إلى أنه «من الصواب لو تندرج كل تلك المبادرات تحت مظلة واحدة»، إلا أن هذا يتطلب «تفادي الانقطاع الطويل للمفاوضات»، حسب قوله. وأعرب غاتيلوف عن قناعته بضرورة «التركيز على النظر في قضايا محددة، بما يتناسب مع جدول الأعمال الذي حدده قرار مجلس الأمن الدولي 2254»، لافتًا إلى أن «إحدى النتائج الإيجابية لمفاوضات آستانة 23 يناير (كانون الثاني) أنها منحت النبض الضروري وحفزت الأمم المتحدة على تبني موقف نشط».
وعلى الرغم من فشل وفود الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار (روسيا - تركيا - إيران) بالتوصل خلال اجتماعهم الأخير إلى توافق حول آليات مراقبة التزام الأطراف بالاتفاق، والتدابير العقابية بحق من ينتهكه، اعتبر غاتيلوف أن اللقاء الفني في آستانة يوم 6 فبراير «أطلق الممارسة العملية حول تنفيذ التدابير الضرورية الرامية إلى دعم نظام وقف إطلاق النار، ومن ثم إطلاق العملية السياسية حول سوريا». إلا أن الوضع ميدانيا في سوريا لم يشهد أي تغيرات، وواصل النظام عمليات القصف والهجمات في أكثر من مكان، منها حي الوعر في حمص، الذي أكد ناشطون فيه، لـ«الشرق الأوسط»، استمرار القصف الصاروخي والمدفعي العنيف من جانب النظام السوري لليوم الثاني على التوالي، على الرغم من أن فصائل المعارضة المسلحة في الوعر جزء من اتفاق وقف إطلاق النار، لافتين إلى أن الحي كان في هذا التوقيت بانتظار دخول مساعدات إنسانية. وحذر الناشطون في حي الوعر من «شبح التهجير، بعد إخلاء حمص القديمة عام 2014»، وقالوا: إن الحصيلة الأولية للقصف سقوط 13 قتيلا بين المدنيين، بينهم 4 أطفال وثلاثة نساء، وإصابة أكثر من 50 مدنيا بجراح، عشرة منهم إصاباتهم خطيرة للغاية.
وبينما تتواصل الانتهاكات من جانب النظام السوري، دعا ممثل روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين، الدول الشريكة في مجموعات العمل في جنيف، إلى «أن تعمل بصورة مثمرة أكثر، مع الفصائل المسلحة التي ترعاها، بغية تحفيز تلك المجموعات على الالتزام الصارم باتفاق وقف إطلاق النار، والتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، لضمان الوصول الإنساني إلى المدنيين». وكان بورودافكين قد توقف خلال حديث لصحافيين روس أمس، عند عمل المجموعات التي تأسست بموجب الاتفاق الأميركي - الروسي لوقف إطلاق النار في سوريا، وبمشاركة مجموعة الدول الداعمة لسوريا، وهي المجموعات الخاصة بمراقبة وقف إطلاق النار، والمجموعة الخاصة بالمساعدات الإنسانية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على تلك المجموعات، وداعيا في الوقت ذاته إلى «تحديثها».
كما أعرب بورودافكين عن أمله نقل التعاون بين موسكو وواشنطن في الشأن السوري إلى مستويات جديدة بعد التغيرات الجارية على فرق العمل الأميركي في جنيف، وأن يجري ذلك التعاون «وفق الأولويات بين القضايا الملحة لروسيا والولايات المتحدة، بما في ذلك ما يخص التصدي للإرهاب الدولي في سوريا، واستئناف عمل المركز الروسي - الأميركي للرد السريع على خروقات نظام وقف إطلاق النار، وتأسيس مجموعة تنفيذية مشتركة للفصل بين مناطق المعارضة والإرهابيين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.