عباس يعتبر قانون الكنيست شرعنة لسرقة أراضي الفلسطينيين

الرئيس الفرنسي يحذر من «نتائج خطيرة» لنقل السفارة الأميركية إلى القدس

الرئيس الفرنسي هولاند يرحب بالرئيس الفلسطيني عباس أمام قصر الإليزيه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي هولاند يرحب بالرئيس الفلسطيني عباس أمام قصر الإليزيه (أ.ب)
TT

عباس يعتبر قانون الكنيست شرعنة لسرقة أراضي الفلسطينيين

الرئيس الفرنسي هولاند يرحب بالرئيس الفلسطيني عباس أمام قصر الإليزيه (أ.ب)
الرئيس الفرنسي هولاند يرحب بالرئيس الفلسطيني عباس أمام قصر الإليزيه (أ.ب)

استفاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من «منصة الإليزيه»، حيث استقبله الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، بعد ظهر أمس، في أول لقاء بين الطرفين بعد مؤتمر السلام الذي استضافته باريس منتصف الشهر الماضي، لتوجيه مجموعة رسائل تتناول تسريع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وشرعنة المستوطنات العشوائية، وخطط واشنطن لنقل سفارتها إلى القدس، ولم ينس أبو مازن أيضا، تذكير بريطانيا بمسؤولياتها التاريخية في النكبة الفلسطينية، بسبب وعد بلفور الذي تريد لندن الاحتفال بمرور مائة عام على إعلانه، داعيا إياها إلى الاعتذار للشعب الفلسطيني والاعتراف بدولته، إذا أرادت أن «تعوض» عن الأضرار التي ألحقتها به.
وكان الرئيس الفلسطيني يتحدث إلى الصحافة بجوار الرئيس هولاند، بعد الاجتماع الذي ضم الطرفين بحضور وزيري خارجية البلدين، جان مارك إيرولت، ورياض المالكي، إضافة إلى صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين ونبيل أبو ردينة الناطق باسم أبو مازن. ومن الجانب الفرنسي، حضر مستشارو الرئيس هولاند وموظفون كبار من الخارجية.
الواقع أن زيارة أبو مازن إلى باريس، كانت مقررة بمناسبة المؤتمر الذي عقد في 15 الشهر الماضي، على أن يأتي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى العاصمة الفرنسية. لكن معارضة الأخير للمؤتمر ورفضه المطلق الحضور، دفع باريس إلى تأجيل زيارة محمود عباس إلى أمس. وما بين التاريخين، حصلت تطورات كثيرة، أهمها تسريع الاستيطان الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، وظهور مؤشرات على موقف أميركي متراخ، لا بل متفهم للاستيطان، ما اعتبر علامة مشجعة لنتنياهو لاستغلال الفرصة وفرض أمر واقع جديد، آخر تجلياته القانون الذي صوت عليه الكنيست قبل يومين ويشرعن المستوطنات العشوائية أيا كان مكانها. لذا، قال هولاند، أمس، إن تسريع الاستيطان «جعل الأوضاع أكثر تعقيدا»، وإنه إذا وافق المجلس الدستوري الإسرائيلي على القانون، فإن ذلك سيكون بمثابة «ضم فعلي للأراضي الفلسطينية». وأعرب هولاند عن أمله في أن «تتراجع» الحكومة الإسرائيلية عن القانون.
من جانب آخر، حذر الرئيس هولاند من نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ووصف ذلك بأنه سيكون «خطوة أحادية تترتب عليها نتائج خطيرة». وسبق لوزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، أن اعتبرها «استفزازية»، ونتائجها ستكون «كارثية». وعبرت مصادر فرنسية رسمية، عن «إحباطاتها» تجاه الخطوات الأولى للإدارة الأميركية في الملف الفلسطيني، ليس فقط في موضوع نقل السفارة، ولكن أيضا بشأن ملف الاستيطان. وهي تعتبر أن واشنطن «تجهض عمليا حل الدولتين، لأنها تغض النظر عن الاستيطان الذي يمنع عمليا قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل». ولا تخفي المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، مخاوفها من اندلاع «انتفاضة جديدة» وأعمال عنف واسعة النطاق، في حال استمرت الأمور على هذا المنوال. لكن مشكلة باريس، أن عهد الرئيس هولاند ينتهي بعد ثلاثة أشهر، والبلاد دخلت تماما في أتون الحملة الرئاسية، ولا شيء بالتالي يضمن أن تكون التزامات الحكومة الحالية ملزمة للرئيس القادم والحكومة المقبلة.
أما أبو مازن الذي بقي يومين في العاصمة الفرنسية، فقد استفاد من زيارته لعقد مجموعة من اللقاءات الحكومية والنيابية. وقد شدد على عزم الطرف الفلسطيني على مواجهة الخطط الإسرائيلية في المحافل الدولية. وفيما اعتبر تشريع الكنيست الأخير «تحديا للمجتمع الدولي»، وأنه «يجيز سرقة الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح المستوطنين، ويشرع، بأثر رجعي، البناء الاستيطاني»، فقد أكد أن حكومته «ستواصل العمل مع المحاكم الدولية لحماية وجودنا». كذلك اعتبر الإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية «عدوانا على شعبنا سنواجهه في المحافل الدولية»، مضيفا أن ما تقوم به إسرائيل اليوم، هو «الوصول إلى دولة واحدة تعمل بنظام الأبارتهايد»، بينما الجانب الفلسطيني ملتزم بحل الدولتين. وفي نداء أشبه بالاستغاثة، طالب أبو مازن المجتمع الدولي بالتدخل «قبل فوات الأوان».
أما في موضوع نقل السفارة الأميركية، فقد رأى أبو مازن، أنه «استباق للحل السياسي أو إنهاء له»، واصفا إياه بـ«العمل الخاطئ»، داعيا الدول العازمة على القيام بهذه الخطوة، إلى انتظار التوصل إلى حل سياسي وإقامة الدولة الفلسطينية، وبعدها تستطيع القيام بما ترغب فيه. وأخيرا، نوه أبو مازن بما صدر عن مؤتمر باريس، وخصوصا قرار إقامة «لجنة متابعة دولية لإقامة السلام في عام 2017»، فيما يبدو أنه قراءة متفائلة لما جاء في بيان المؤتمرين.
من جانبه، هدد صائب عريقات، في محاضرة ألقاها أمس في العاصمة الفرنسية، بسحب اعتراف منظمة التحرير بدولة إسرائيل في اليوم نفسه، الذي تنفذ فيه واشنطن خططها بنقل السفارة إلى القدس، في حال إقدامها على ذلك. كذلك حذر من أن السلطة الفلسطينية ستطلب في اليوم عينه، الانضمام إلى 16 منظمة دولية لم تنضم إليها حتى الآن، بفعل الضغوط الإسرائيلية والأميركية. ووفق الرؤية الفلسطينية، فإن سحب الاعتراف بإسرائيل، سيعني آليا، أن المسؤولية عن إدارة الأراضي الفلسطينية ستكون على عاتق سلطة الاحتلال، وسيترافق ذلك مع توجه الفلسطينيين، وفق عريقات، إلى الأمم المتحدة لتعليق عضوية إسرائيل فيها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.