ابن كيران: مشاورات تشكيل الحكومة لا تزال متوقفة

قيادي حزبي مغربي يحذر من دخول البلاد مرحلة العبث السياسي

رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران يتحدث في احد المؤتمرات (غيتي)
رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران يتحدث في احد المؤتمرات (غيتي)
TT

ابن كيران: مشاورات تشكيل الحكومة لا تزال متوقفة

رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران يتحدث في احد المؤتمرات (غيتي)
رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران يتحدث في احد المؤتمرات (غيتي)

قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف، إنه لا ينتظر أي أحد حتى الآن ليرد عليه في مسألة تشكيل الأغلبية الحكومية.
وأضاف ابن كيران، في تصريح صحافي أدلى به، عقب انتهاء اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بالرباط، أمس، أن المشاورات الحكومية لتشكيل الأغلبية لا تزال متوقفة، موضحا أن المشاورات توقفت «بعدما راج كلام وقمت بالرد عليه»، في إشارة إلى ما بات يعرف بـ«بيان انتهى الكلام»، الذي أوقف فيه المشاورات الحكومية إلى حين تراجع الأحزاب المعنية بتشكيل الأغلبية الحكومية عما تعتبرها قيادات «العدالة والتنمية»، الاشتراطات المسبقة والابتزازات.
وأوضح رئيس الحكومة المكلف، أنه حتى الآن لم يتصل به أي أحد، بمن فيهم عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يوجد حاليا ضمن الوفد المرافق للعاهل المغربي في جولته الأفريقية.
على صعيد ذي صلة، قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، نبيل بن عبد الله (الشيوعي سابقا)، والحليف الرئيسي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، إن الصراع السياسي الموجود حاليا في البلاد هو بين أنصار إرساء الديمقراطية، وبين معسكر مناهض للمسار الديمقراطي والإصلاح، يدافع عن مصالح أخرى.
وأوضح بن عبد الله، الذي يوجد في مهمة خارج البلاد، في كلمة ألقاها نيابة عنه أمس عبد الواحد سهيل عضو الديوان السياسي للحزب، خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب (برلمان الحزب) في الرباط، أن ما حققه المغرب من تراكمات سياسية واقتصادية وسمعة جيدة على المستوى الدولي، لا يوازيه ما يحدث حاليا من تصرفات تثير الأسف، في إشارة إلى أزمة تشكيل الحكومة التي عمقت الخلافات بين الأحزاب السياسية، مضيفا أن «المغرب يستحق طبقة سياسية أفضل من الموجودة حاليا».
وانتقد القيادي الحزبي النقاش الدائر حاليا بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، وقال إن هذا النقاش «لا يتعلق بالبرامج والسياسات الحكومية المرتقبة، بل ينصب حول من يدخل الحكومة من الباب، ومن يدخلها من النافذة»، موضحا أن قرار مشاركة حزبه في الحكومة لم يكن سهلا، أو من دون شروط كما يروج البعض، بل جاء بناء على «خلاصة وتحليل مسار»، وذكّر بظروف انضمام الحزب إلى حكومة ابن كيران عام 2011، والذي جاء بناء على تعهد حزب العدالة والتنمية بـ«الاستمرار في نهج الإصلاح»، وزاد قائلا: «معروف عن الحزب أنه يقول ما يفعل ويفعل ما يقول، ويفضل التحالف المعلن عنه من قبل، مثلما كان الأمر مع أحزاب الكتلة الديمقراطية».
وشدد القيادي الحزبي على أن حزب التقدم والاشتراكية «ضد إقصاء أي طرف سياسي؛ لأنه لا يريد للبلاد أن تدخل في أزمة سياسية، بل لا بد من إيجاد حل وسط وتوافقي لمواصلة مسار الإصلاح، وتجنب الدخول في مرحلة العبث السياسي».
وفي المقابل عبر بن عبد الله عن تفاؤله بشأن إمكانية الخروج من مأزق تشكيل الحكومة، وحصول توافق بهذا الشأن مع باقي المكونات السياسية.
من جهة أخرى، انتقد المسؤول السياسي المغربي الهجوم الذي شنه إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، على حزبه وأمينه العام بسبب المبادرات التي كان قد أطلقها من أجل حل أزمة تشكيل الحكومة، وعد ما قاله لشكر في حق الحزب «قمة العبث»، مستغربا أن «يصدر من أحد مسؤولي الحزب القريب منا كلام بهذا المستوى المتدني».
وكان لشكر قد قلل في لقاء تلفزيوني من قيمة حزب التقدم والاشتراكية، وقال إنه لا يحق له أن يتقدم بأي مقترحات أو مبادرات بسبب عدد المقاعد التي حصل عليها (12 مقعدا)، والتي لم تمكنه حتى من التوفر على فريق (كتلة) داخل البرلمان.
وسبق لبن عبد الله أن قدم مبادرات من أجل تجاوز أزمة تشكيل الحكومة، ومنها التوصل إلى اتفاق سياسي يقضي بالتزام الحزب الذي ستسند إليه رئاسة مجلس النواب، أيا كان موقعه، بدعم ومساندة الأغلبية الحكومية التي سيتم تكوينها، وهو ما لم يحدث حيث رفض الاتحاد الاشتراكي هذا العرض. وأقر المسؤول الحزبي بأن النتائج التي حصل عليها الحزب لم ترق إلى المستوى المطلوب، وأنه غير راض عنها، موضحا أن مجموعة من الاختلالات عرفتها تلك الانتخابات التي «لم تكن سليمة في العمق والشكل»، حسب تعبيره، إلا أنها «تميزت عن سابقاتها بحجم وتعبئة وزخم غير مسبوقين في تاريخ الانتخابات المغربية».
جدير بالذكر أن مشاورات تشكيل الحكومة متوقفة، ولم يغير فوز الاتحاد الاشتراكي برئاسة مجلس النواب من موقف حزب العدالة والتنمية، الذي قرر أمينه العام رئيس الحكومة المكلف، إبعاد هذا الحزب من مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة، وظل متمسكا بتشكيل الحكومة من الأحزاب الأربعة للتحالف السابق، وهي التجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، إلى جانب حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية. ولا يعارض ابن كيران دخول «الاتحاد الدستوري» المعارض إلى التحالف المقبل طالما أنه شكل فريقا نيابيا مع التجمع الوطني للأحرار. لكن في المقابل، يتشبث الاتحاد الاشتراكي بالمشاركة في الحكومة رغم اعتراض ابن كيران عليه، حتى أن أمينه العام إدريس لشكر قال أخيرا في لقاء تلفزيوني، فيما يشبه التوسل: «لماذا لا يريدون أن نشارك في الحكومة؟ هل نحن صهاينة؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.