القوات التركية تتقدم جنوب غربي الباب و{تفرمل} اندفاع قوات النظام

الأكراد يتحدثون عن وجود كثيف للميليشيات الإيرانية و«حزب الله» قربها

قوات «درع الفرات» في محيط «الباب» بريف حلب حيث تخوض معارك ضد «داعش» (آرا نيوز)
قوات «درع الفرات» في محيط «الباب» بريف حلب حيث تخوض معارك ضد «داعش» (آرا نيوز)
TT

القوات التركية تتقدم جنوب غربي الباب و{تفرمل} اندفاع قوات النظام

قوات «درع الفرات» في محيط «الباب» بريف حلب حيث تخوض معارك ضد «داعش» (آرا نيوز)
قوات «درع الفرات» في محيط «الباب» بريف حلب حيث تخوض معارك ضد «داعش» (آرا نيوز)

لم يتضح بعد المشهد النهائي الذي سترسو عليه التطورات المتسارعة في بلدة الباب في الشمال السوري، في ظل تضارب أجندات الفرقاء الموجودين في المنطقة، وعدم نضوج قرار إقليمي - دولي حاسم حول مصير المدينة والطرف الذي سيتولى الدخول إليها. فبعد أن كثرت الترجيحات في الأيام القليلة الماضية بتبلور تفاهم روسي - تركي على تولي قوات النظام السوري السيطرة على المدينة بعد طرد تنظيم داعش منها، لفت أمس التقدم الذي أحرزته القوات التركية وقوات «درع الفرات» المحسوبة على المعارضة السورية جنوب غربي الباب، والذي يهدف بحسب معارضين لإيقاف قوات النظام المتقدمة على هذا المحور، في وقت تحدث الأكراد عن وجود كثيف للميليشيات الإيرانية و«حزب الله» قرب الباب.
وتقاطعت المستجدات الميدانية مع مواقف رسمية تركية وأبرزها موقف مجلس الأمن القومي التركي الذي أكد أمس استمرار عملية «درع الفرات في شمال سوريا» حتى تحقيق أهدافها، والعمل على تطهير مدينة الباب من عناصر داعش بالسرعة الممكنة، وذلك بعد أيام معدودة من تأكيد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن «القوات التركية ستعمل على الانتهاء سريعًا من تحرير الباب، وأن أنقرة لا تنوي التقدم داخل الأراضي السورية أكثر من ذلك». ولا يقتصر الصراع حول الباب بين أنقرة والنظام السوري، رغم الحديث عن دور روسي يؤدي لتنسيق غير مباشر بين الطرفين اللذين يتفاديان أي مواجهة على تخوم المدينة، إذ أكدت نوروز كوباني، المسؤولة في المكتب الإعلامي لوحدات حماية المرأة أن لإيران دورا ووجودا كبيرا في المنطقة، باعتبار أن أبرز المقاتلين في صفوف النظام هم من الميليشيات التابعة لإيران ومن عناصر «حزب الله»، لافتة إلى أن أعداد قوات النظام السوري قليلة جدا. وأشارت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود كبير للواء فاطميون ولواء باقر ولواء القدس وحركة النجباء العراقية، موضحة أنّهم «رأس الحربة أو القوات الهجومية». بالمقابل، أكد رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، وجود عناصر لـ«حزب الله» في منطقة الباب، ولكن ليس بأعداد كبيرة، لافتا إلى أن القوة الرئيسية التي تتقدم هناك تابعة لرئيس فرع المنطقة الشمالية في المخابرات الجوية العميد سهيل الحسن. وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك ضباطًا روسيين يشرفون على المعارك».
وفيما أعلن الجيش التركي، أمس، في بيان مقتل 14 مسلحًا من عناصر تنظيم داعش، وتدمير 163 هدفًا شمال سوريا خلال الساعات الـ24 الماضية في إطار عملية «درع الفرات»، أفاد المرصد السوري باندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات «درع الفرات» والقوات التركية من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في المحور الجنوب الغربي لمدينة الباب بريف حلب الشمال الشرقي، حيث تمكنت القوات التركية من التقدم والسيطرة على قريتي الغوز وأبو الزندين، بعد انسحاب التنظيم منهما نتيجة القصف المكثف والاشتباكات العنيفة، لافتًا إلى أنّه «وبهذه السيطرة تكون القوات التركية وقوات درع الفرات تمكنت من التقدم إلى مسافة نحو كيلومتر ونصف من طريق الباب - حلب الرئيسي، حيث سيسفر أي تقدم جديد في الأيام القادمة لهذه القوات عن قطع الطريق من محور ثانٍ أبعد عن مدينة الباب، أمام قوات النظام والمسلحين الموالين لها التي وصلت إلى مسافة نحو 7 كلم بجنوب غربي الباب».
من جهته، نقل «مكتب أخبار سوريا» عن فراس الأحمد، المقاتل بصفوف المعارضة، بأن الفصائل «شنت هجومًا عنيفًا على قريتي الغوز وأبو الزندين، ما أدى لاندلاع اشتباكات مع عناصر التنظيم، تزامنًا مع قصف مدفعي متبادل، وسط شن الطيران الحربي التركي غارات مكثفة على القريتين، ما أجبر التنظيم على الانسحاب منهما». وبحسب الأحمد، فقد أسفرت المواجهات عن «مقتل أربعة عناصر من المعارضة وإصابة 12 آخرين، بينهم ثلاثة حالتهم حرجة، نقلوا إلى النقاط الطبية في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، في حين قتل وجرح عناصر من التنظيم لم يتم التأكد من عددهم، تمكنت المعارضة من سحب ست جثث منهم».
بدوره، يبدو رئيس مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (أنيجما) رياض قهوجي متأكدًا من وجود قرار تركي حاسم بغطاء روسي لدخول الباب، لافتًا إلى أن قوات النظام وإيران «تلعب بالوقت الضائع وتحاول الإيحاء بأنّها منخرطة بالحرب على «داعش»، علما بأن كل القرى التي استعادتها أخيرًا في ريف الباب هي أصلاً معزولة وساقطة عسكريًا، باعتبار أن الأتراك كانوا قد قطعوا طرق الإمداد باتجاهها». وأشار قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأتراك أصبحوا فعليًا على مداخل المدينة ويخوضون حرب شوارع بوجه عناصر داعش، فيما قوات النظام لا تزال على بُعد 7 أو 8 كلم من المدينة». وأضاف: «تأخر أنقرة بتحرير الباب سببه الرئيسي سعيها لتحييد المدنيين الذين يتخذهم التنظيم دروعًا بشرية، ومطالبته واشنطن بوجه خاص بدعمه جويًا وبالقنابل الذكية». أما عن انخراط إيران بالمواجهات في «الباب»، قال قهوجي: «طهران لا شك تتمنى السيطرة على الباب لأنّها تسعى لممر بري بين حدودها الغربية عبر العراق وسوريا إلى البحر الأبيض المتوسط، كما تسعى لطريق استراتيجي يصل الرقة بحلب، وهو ما سيقوم الطرف التركي بالمستحيل ليمنع قيامه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».