المبعوث الأممي يتجول في طرابلس... وتركيا تعزز حضورها بإعادة فتح السفارة

مسؤول في حكومة السراج يدعو حفتر للخضوع لأوامرها

المبعوث الأممي يتجول في طرابلس... وتركيا تعزز حضورها بإعادة فتح السفارة
TT

المبعوث الأممي يتجول في طرابلس... وتركيا تعزز حضورها بإعادة فتح السفارة

المبعوث الأممي يتجول في طرابلس... وتركيا تعزز حضورها بإعادة فتح السفارة

رغم الاحتقان الأمني الذي تشهده العاصمة الليبية طرابلس منذ أيام بسبب الصراع بين الميلشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة منذ نحو عامين، أعلنت أمس تركيا رسميا عن إعادة فتح سفارتها بطرابلس، بينما تجول مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة في شوارع المدينة التي وصلها أمس في زيارة مفاجئة.
وقال كوبلر في سلسلة تغريدات له عبر موقع «تويتر»، إنه قام أمس بزيارة السفير التركي في طرابلس وهنأه على إعادة فتح سفارة تركيا في العاصمة الليبية. وزار المبعوث الأممي عددا من المحلات والمطاعم والمقاهي بمنطقة زاوية الدهماني بالعاصمة طرابلس في محاولة لإثبات استتاب الوضع الأمني لصالح حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج والمدعومة من البعثة الأممية، بعد توترات واشتباكات شهدتها مؤخرا بسبب خلافات بين السكان وبعض الميليشيات المسلحة خاصة في منطقة حي الأندلس. وأسفرت اشتباكات جرت يوم السبت الماضي عن مصرع عشرة أشخاص وجرح آخرين في منطقة القرة بولي، وسط اتهامات متبادلة بين المجلسين البلديين لهذه المنطقة ومنطقة ترهونة شرق العاصمة عن المسؤولية تجاه ما حدث.
لكن المبعوث الأممي كوبلر قال أمس في المقابل عبر «تويتر»: «سعيد أن أكون في طرابلس بعد اجتماعات مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي لتحسين الوضع السياسي والأمني في ليبيا»، مشيرا إلى أنه التقى مع أكاديميين وممثلين عن المجتمع المدني وليبيين محليين في السوق.
وأضاف كوبلر الذي وزع صورا فوتوغرافية لجولته في شوارع طرابلس «الكهرباء والسيولة والتضخم من أهم شواغل الناس، الجميع يريد عودة الأمم المتحدة بشكل دائم». وقالت الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية‎ التابعة لحكومة السراج في بيان مقتضب عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن الأمن الدبلوماسي قام بتأمين زيارة كوبلر للسفارة التركية بعد افتتاحها رسميا.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية التركية أنها أعادت فتح سفارتها في طرابلس اعتبارا من أمس بعدما أغلقتها لمدة ثلاثة أعوام إثر تردي الوضع الأمني.
وقالت الوزارة في بيان نشره موقعها الإلكتروني الرسمي إن «السفارة التركية في طرابلس عادت إلى ممارسة نشاطها بعدد أقل من الموظفين كمرحلة أولى»، إلى جانب القنصلية العامة التركية لدى مصراتة التي واصلت أعمالها دون انقطاع. وأضاف: «بهذا تكون تركيا قد عززت من وجودها في ليبيا»، لافتا إلى أن «عودة السفارة التركية في طرابلس لمزاولة نشاطاتها، ستساهم في تقديم دعم أكبر للجهود التي تبذلها تركيا والتي ترمي إلى إرساء السلام والاستقرار في ليبيا وإعادة إعمارها».
وأكدت تركيا أنها «ستواصل مساندتها للخطوات التي سيتم اتخاذها في سبيل تحقيق السلام والتوافق استنادًا إلى الاتفاق السياسي الليبي، ودعمها القوي لوحدة الأراضي الليبية ووحدتها الوطنية».
وظلت السفارة التركية في طرابلس مغلقة بعد إجلاء العاملين فيها بعد تدهور الأوضاع الأمنية منتصف عام 2014. إلا أن السفير أحمد أيدان الذي كان يقيم في تونس، أشرف خلال الشهور الماضية على تحضيرات إعادة فتحها.
وسعت تركيا إلى توثيق علاقاتها بليبيا منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عقب تحرك شعبي عام 2011 دعمته قوات حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، فكانت أولى الدول التي عينت سفيرا لدى السلطات الجديدة في طرابلس في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.
إلى ذلك، التقى السفير الإيطالي لدى ليبيا جيوسيبي غريمالدي مع محمد عماري عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج وتحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.
وقال بيان لحكومة السراج إن اللقاء الذي تم بمقرها بطرابلس، تناول العلاقات الليبية الإيطالية والتطورات السياسية في ليبيا، مشيرا إلى أن عماري أكد أهمية عودة السفارات الأجنبية لتسهيل التواصل مع السلطات الليبية، كما لفت إلى المبادرات التي تقدمها بعض الأطراف المحلية والإقليمية، وإلى ضرورة وجود ضمانات لتنفيذ أي اتفاق تصل إليه الأطراف السياسية الليبية، لاعتماد الحكومة والميزانية.
وفي إشارة غير مباشرة إلى المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي الذي يرفض الاجتماع مع السراج، نقل البيان عن عماري تشديده على أهمية السعي لإرساء دولة مدنية في ليبيا بمؤسساتها وسيادتها، وأن تكون القيادة السياسية هي الحاكمة وتكون القيادة العسكرية خاضعة لها، على حد تعبيره.
من جهتها، أعلنت لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، في ختام اجتماعها بالكونغو برازافيل بمشاركة السراج، نيتها زيارة ليبيا خلال الشهر المقبل، لتحريك الجمود السياسي وتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية بغية الوصول إلى حلول للأزمة هناك.
إلى ذلك، أعلن خفر السواحل الإيطاليون أن أكثر من 1360 مهاجرا تم إنقاذهم يوم الجمعة الماضي وعثر على ثلاث جثث على متن 12 زورقا كانت أبحرت من ليبيا رغم الظروف المناخية السيئة.
وفي وقت تحاول الدول الأوروبية احتواء تدفق المهاجرين عبر ليبيا، وخصوصا عبر تقديم مزيد من الدعم لخفر السواحل الليبيين، تم إنقاذ ألف شخص والسبت 150 والأحد أكثر من 210.
واعتبرت صوفي بو المسؤولة في منظمة «إس أو إس المتوسط» غير الحكومية أن الوضع يبقى «دقيقا» بين ليبيا وإيطاليا وخصوصا بعدما قضى 220 شخصا على الأقل في يناير (كانون الثاني) الماضي في حين وصل نحو أربعة آلاف شخص في الأيام الأخيرة إلى إيطاليا.
وفي مدينة بنغازي بشرق البلاد، أعلن المركز الإعلامي للقوات الخاصة التابعة للجيش الوطني أن هذه القوات خاضت أمس اشتباكات عنيفة ضد بقايا الجماعات الإرهابية التي ما زالت تتحصن بالمدينة، لبسط السيطرة على ما تبقى من منطقة العمارات الـ12 آخر معاقل هذه الجماعات بغرب بنغازي.
من جهته، تفقد أحمد العريبي عميد بلدية بنغازي مداخل ومخارج بلدية المدينة، حيث أشاد بدور رجال الجيش الوطني وقوات الأمن في تأمينها. وجاءت هذه الجولة بعدما تقرر إعفاء مدير مديرية أمن بنغازي العقيد صلاح هويدي من مهام منصبه، وتكليف العقيد صلاح الخفيفي خلفا له. وتستعد بنغازي لإعادة افتتاح طريق طرابلس في مدينة بنغازي يوم الجمعة المقبل بعد عامين ونصف من الإغلاق.
وقالت وكالة الأنباء الليبية أن هذا الافتتاح سيمهد لرجوع سكان منطقة قاريونس التي حررتها قوات الجيش منذ أشهر من قبضة الجماعات المتطرفة، لتبدأ أعمال التمشيط والتنظيف من مخلفات الحرب تهيئة لعودة السكان إلى منازلهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».