باريس تسعى لترؤس «جبهة رفض» لتوجهات ترمب

اعتبرت سياساته مصدر «قلق» ودعت إلى «حوار حازم» مع إدارته

باريس تسعى لترؤس «جبهة رفض» لتوجهات ترمب
TT

باريس تسعى لترؤس «جبهة رفض» لتوجهات ترمب

باريس تسعى لترؤس «جبهة رفض» لتوجهات ترمب

يبدو واضحا أكثر فأكثر أن باريس تريد أن تكون في أوروبا زعيمة «جبهة الرفض» في مواجهة سياسات الرئيس الأميركي الجديد، ليس فقط تجاه القارة القديمة ولكن عبر العالم بشكل عام. ولم تعد باريس تخفي «قلقها» من المسالك التي تسير عليها الدبلوماسية الأميركية الجديدة في عهد دونالد ترمب، بل إنها تعبر عنها علنا وبقوة وعلى لسان أعلى المسؤولين فيها، وتحديدا رئيس الجمهورية ووزير خارجيته. وقبل ساعات قليلة من أول اتصال هاتفي بين ترمب وفرنسوا هولاند منذ وصول الأول إلى البيت الأبيض، لم يتردد الأخير بمناسبة قمة أوروبية متوسطية استضافتها العاصمة البرتغالية أمس من دعوة نظرائه الأوروبيين إلى الرد على ترمب «بقوة»، خصوصا عندما تذهب تصريحاته باتجاه نسف البناء الأوروبي، وتشجيع أعضاء فيه على الاحتذاء بالخطوة التي قامت بها بريطانيا بالخروج منه. ودعا هولاند الأوروبيين إلى «حوار حازم» مع الجانب الأميركي.
منذ ما قبل تسلم ترمب لمسؤولياته، لم تسلم تصريحاته من انتقادات باريس العلنية. وبعد أن أعرب ترمب عن عزمه على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وصف وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت هذه الخطوة بأنها «استفزازية»، معتبرا أن تنفيذها ستكون له «نتائج كارثية». وأمس، عاود إيرولت الهجوم على ترمب بمناسبة لقاء جمعه مع وزير الخارجية الألماني الجديد سيغمار غابرييل. وعقب اللقاء، قال إيرولت في لقاء صحافي مشترك مع غابرييل، إن «كثيرا من المسائل تشكل مصدر قلق لدينا» في إشارة إلى السياسات الأميركية الجديدة، كما تبرز من خلال القرارات التنفيذية التي يوقعها ترمب بوتيرة مرتفعة للغاية.
وجاء تعبير إيرولت عن «قلق» بلاده بشأن القرار التنفيذي الأخير الذي وقعه ترمب مساء أول من أمس، وينص على منع دخول المواطنين واللاجئين من سبعة بلدان «مسلمة» «ستة بلدان عربية وإيران» إلى الأراضي الأميركية بحجة محاربة الإرهاب، وذلك لفترة أولى من أربعة أشهر. وتعتبر باريس، وفق وزير خارجيتها، أن قرار ترمب يضرب عرض الحائط بالمبادئ و«الواجبات» التي تقع على كاهل الديمقراطيات، ومنها واجب «استقبال اللاجئين الذين يفرون من الحروب» في بلدانهم. وباريس مستعجلة على التواصل المباشر مع الإدارة الأميركية الجديدة على المستوى الوزاري، علما بأن فرنسا أرسلت منذ انتخاب ترمب موظفين كبارا إلى العاصمة الأميركية للتواصل مع فريق الرئيس الجديد، إلا أن إيرولت يريد التواصل المباشر مع ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي المعين الذي لم يتم تثبيته بعد في الكونغرس. وقال إيرولت أمس إنه ونظيره الألماني يريدان التواصل مع تيلرسون «منذ لحظة تعيينه» ومناقشته «نقطة نقطة» والتوصل معه إلى علاقة «واضحة»، مشيرا إلى أنه سيدعوه للمجيء إلى باريس. وفي رسالة تتسم بالشدة، أعلن إيرولت أن المواقف من الولايات المتحدة الأميركية يجب أن تتسم بـ«الوضوح والانسجام، وأحيانا بالتشدد من أجل الدفاع عن قناعاتنا وقيمنا ورؤيتنا للعالم، وكذلك لمصالحنا الفرنسية والألمانية والأوروبية».
واضح أن باريس عازمة على الوقوف بوجه توجهات السياسة الأميركية الجديدة التي تعتبر مصادرها أنها تشكل «خطرا» على العلاقات الدولية. بيد أن فرنسا لا تريد أن تكون وحدها في الميدان رغم استعدادها لترؤس هذه الحركة، وهي ترغب في الدرجة الأولى أن تكون ألمانيا إلى جانبها. لذا قام الرئيس هولاند بزيارة برلين قبل يومين من أجل «تحفيز» المستشارة الألمانية ولكي يشكل معها جبهة موحدة يمكن أن تجر وراءها الدول الأوروبية الأخرى قبل قمة مالطا الأوروبية القريبة وبعدها قمة روما نهاية الشهر المقبل.
من بين أسباب القلق الفرنسي عزم ترمب على إعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران الموقع في 14 يوليو (تموز) عام 2015. وتريد باريس التي تعتبر أن طهران احترمت بشكل عام التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق المذكور، أن تحترم بنود الاتفاق لأن نقضه يعني «إعادة عقارب الساعة إلى الوراء»، ولأنه يعني «نقضا» لالتزامات رسمية وقع عليها وزير الخارجية الأميركي. وسيكون هذا الموضوع أحد الملفات التي سيناقشها وزير الخارجية في طهران في الزيارة التي سيقوم بها إلى إيران يوم الثلاثاء المقبل.
ولا تتوقف «المخاوف» الفرنسية عند هذا الحد. فباريس تنظر بكثير من القلق إلى «انعطافة» أميركية محتملة إزاء روسيا، الأمر الذي سينعكس على السياسة الأميركية إزاء الملف الأوكراني وموضوع العقوبات المفروضة على روسيا وبطبيعة الحال على الملف السوري. وفي الملف الأول، تتمسك باريس بأن يربط رفع العقوبات الاقتصادية على موسكو بتطبيق كامل لاتفاق مينسك الذي أسهمت مع ألمانيا في التوصل إليه مع الرئيس فلاديمير بوتين. أما بالنسبة للملف السوري، وبعد التوجه الجديد للدبلوماسية البريطانية كما عبر عنه وزير الخارجية بوريس جونسون أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني بحر الأسبوع المنصرم، فإن باريس ستجد نفسها «وحيدة» في مواقفها بعد التغيرات الميدانية والتحولات بالنسبة لمصير النظام السوري والأسد.



ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».