تركيا: لم ندخل شمال سوريا لنطهرها من «داعش» ونقدمها للأسد

مصادر دبلوماسية تبلغ «الشرق الأوسط» أن أنقرة ستعمل مع مختلف الأطراف للتمهيد لجنيف

حوار بين المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مع نائب وزير خارجية إيران جابر أنصاري (يمين) وبدا إلى اليسار ممثلو كازاخستان وروسيا وتركيا  (أ.ف.ب)
حوار بين المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مع نائب وزير خارجية إيران جابر أنصاري (يمين) وبدا إلى اليسار ممثلو كازاخستان وروسيا وتركيا (أ.ف.ب)
TT

تركيا: لم ندخل شمال سوريا لنطهرها من «داعش» ونقدمها للأسد

حوار بين المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مع نائب وزير خارجية إيران جابر أنصاري (يمين) وبدا إلى اليسار ممثلو كازاخستان وروسيا وتركيا  (أ.ف.ب)
حوار بين المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مع نائب وزير خارجية إيران جابر أنصاري (يمين) وبدا إلى اليسار ممثلو كازاخستان وروسيا وتركيا (أ.ف.ب)

قالت مصادر دبلوماسية تركية إن أنقرة ستعمل حتى موعد انعقاد مفاوضات جنيف في الثامن من فبراير (شباط) المقبل بالتعاون مع موسكو وطهران على تنفيذ مراقبة دقيقة لوقف إطلاق النار في سوريا من خلال الآلية الثلاثية التي اتفق عليها في ختام مؤتمر آستانة أمس الثلاثاء. ومن ناحية أخرى نفت أنقرة التقارير التي نشرت أمس عن تقديم القوات التركية المقاتلة ضد تنظيم داعش الإرهابي على جبهة الباب بمحافظة حلب تنازلات ميدانية للنظام السوري. حول آستانة، أبلغت المصادر «الشرق الأوسط» إن اجتماعات ستعقد في أنقرة وموسكو خلال الفترة المقبلة مع فصائل المعارضة المسلحة التي شاركت في مباحثات آستانة بهدف التنسيق ومتابعة تطبيق ما اتفق عليه هناك، ورصد الخروق وتحديد الأطراف التي تتورط بها، وبحث المرحلة المقبلة من المفاوضات التي ستركز على العملية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254. وكانت قد اختتمت أمس في العاصمة الكازاخية المباحثات بين النظام السوري والمعارضة برعاية روسية - تركية - إيرانية بالتوصل إلى اتفاق حول إنشاء آلية من الدول الثلاث الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار في سوريا. وأصدرت روسيا وتركيا وإيران البيان الختامي لمباحثات آستانة الذي تلاه وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمانوف، الذي أكد أن الأزمة السورية «لن تحل عسكريا» و«التزام جميع الأطراف الكامل بمبدأ وحدة الأراضي السورية».
وفي السياق ذاته، بحث وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، سير محادثات آستانة. وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن الاتصال الهاتفي جرى بناء على طلب من الجانب الروسي، وإن الجانبين تبادلا وجهات النظر فيما يتعلق بما دار في آستانة حول سوريا. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف ناقش في اتصال هاتفي أمس الثلاثاء مع نظيره التركي محادثات السلام السورية في آستانة، وإنهما «أكدا أهمية إقامة تواصل مباشر بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة». ومن جهتها، نقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن أسامة أبو زيد، المتحدث باسم المعارضة السورية في آستانة، أن هناك «تعهدات من الجانب الروسي لاتخاذ إجراءات من أجل إنفاذ وقف إطلاق النار في سوريا، وبخاصة المناطق المحاصرة»، وأضاف أبو زيد أن «هناك تصريحات لافتة من الجانب الروسي حول وقف إطلاق النار، وأن المعارضة تنتظر شيئا أكثر من التصريحات، وترغب في أن تراها واقعا على الأرض». وتابع أبو زيد أن «وفد المعارضة لم يقابل الوفد الإيراني على الإطلاق خلال المباحثات»، التي اختتمت أمس، موضحا أن هدف فصائل المعارضة «وقف إطلاق النار، وإنهاء القتل والقصف والتهجير القسري، الذي يديره نظام بشار الأسد مع إيران».

على صعيد آخر، أكد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان كورتولموش، إن تركيا لم تنفذ عملية «درع الفرات» أو العملية العسكرية في مدينة الباب، بمحافظة حلب في شمال سوريا، من أجل تسليم المناطق التي يتم تطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي إلى النظام السوري. وقال كورتولموش في لقاء مع وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية أمس الثلاثاء، إن «درع الفرات» المنفذة في شمال سوريا «عملية متعلقة بأمننا القومي، وانطلقت لحماية تركيا وإزالة التهديدات ضدها من المنطقة المحاذية للحدود الجنوبية والباب تحتلها عناصر لا تنتمي للمنطقة، وهدف تركيا الرئيسي يتمثل في عودة سكان المدينة إلى منازلهم بسلام وأمان، وإعادة بناء حياتهم فيها من جديد».
واتهم كورتولموش قوات التحالف الدولي للحرب على «داعش» بالتقصير في تقديم الدعم الكافي للعملية التركية في «الباب» ولفت إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وقوات التحالف الدولي ضد «داعش» «لم يكن لديهم خطة لحل المشكلة في سوريا»، وأعرب عن أمله في أن تدعم الإدارة الأميركية الجديدة «خطوات تفضي إلى نتائج لصالح الشعبين السوري والعراقي». في هذه الأثناء، ميدانيًا، أعلن الجيش التركي في بيان أمس قصف 116 هدفا لتنظيم داعش، ما أسفر عن مقتل 13 من إرهابيي التنظيم، وأن سلاح الجو التركي نفذ غارات على 9 أهداف للتنظيم الإرهابي بمحيط مدينة الباب أسفرت عن تدمير 9 ملاجئ لـ«داعش»، ولفت إلى أن قوات التحالف الدولي نفذت 5 غارات جوية على مواقع «داعش» بمنطقتي بزاعة وقبر المقري، شرق الباب، دمرت خلالها سيارة محمّلة بأسلحة ومبنى ومنصتي إطلاق قذائف هاون.
وكان الجيش الروسي أعلن الاثنين أنه نفذ ضربات جوية ضد مواقع تنظيم داعش في سوريا تم تنسيقها مع الولايات المتحدة، لكن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» نفت الأمر. وأكدت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن قيادة القوة الجوية في سوريا تسلمت الأحد «من الجانب الأميركي إحداثيات أهداف تابعة لتنظيم داعش بالقرب من الباب». وأضاف البيان أن طائرات تابعة للقوات الجوية الروسية وطائرتين من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة «نفذت على إثر ذلك ضربات جوية ضد مواقع الإرهابيين»، مؤكدة أن العملية المشتركة أدت إلى تدمير عدة مخازن للذخيرة والوقود، لكن «البنتاغون» قالت إن «وزارة الدفاع لا تنسق الضربات الجوية مع الجيش الروسي في سوريا».
كذلك أعلن الجيش الروسي من جهة ثانية أن طائرات روسية وتركية نفذت ضربات جديدة على مواقع لتنظيم داعش في الباب بعد أول عملية مشتركة في 18 يناير (كانون الثاني) الحالي وشنت ثلاث قاذفات روسية وأربع تركية الغارات الجديدة التي ضربت 22 هدفا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».