بيان آستانة يركز على وقف النار ومراقبته عبر آلية ثلاثية

المعارضة تبدي تحفظات عليه

ستيفان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اليوم الثاني من محادثات السلام السورية في آستانة (إ.ف.ب)
ستيفان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اليوم الثاني من محادثات السلام السورية في آستانة (إ.ف.ب)
TT

بيان آستانة يركز على وقف النار ومراقبته عبر آلية ثلاثية

ستيفان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اليوم الثاني من محادثات السلام السورية في آستانة (إ.ف.ب)
ستيفان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال اليوم الثاني من محادثات السلام السورية في آستانة (إ.ف.ب)

قال محمد علوش رئيس وفد المعارضة السورية في محادثات آستانة، اليوم، (الثلاثاء)، ان لديه تحفظات على بيان آستانة الختامي الذي أصدرته روسيا وتركيا وايران، قائلا ان المعارضة المسلحة قدمت اقتراحا منفصلا لوقف اطلاق النار.
وقال علوش للصحافيين بعد المحادثات في عاصمة كازاخستان ان الروس انتقلوا من مرحلة كونهم طرفا في القتال ويمارسون الآن جهودا كي يصبحوا أحد الضامنين وهم يجدون عقبات كثيرة من جماعة ما يسمى "حزب الله" اللبنانية وايران والحكومة السورية. وأضاف أنه يتوقع أن ترد روسيا في غضون أسبوع على اقتراح المعارضة لوقف اطلاق النار. وأشار الى أن المعارضة المسلحة لن تسمح مطلقا بأن يكون لايران التي تدعم النظام السوري رأي في مستقبل سوريا.
وقالت إيران وروسيا وتركيا في بيان مشترك اليوم، إنّها ستؤسس آلية ثلاثية لمراقبة وقف اطلاق النار في سوريا، وضمان الالتزام الكامل به، ومنع أي استفزازات وتحديد كيف سيعمل وقف اطلاق النار.
وقال وزير خارجية كازاخستان خيرات عبد الرحمنوف اثناء تلاوته البيان الختامي للقاء آستانة "لقد اتخذ قرار بانشاء آلية لمراقبة وضمان التطبيق الكامل لوقف اطلاق النار وتجنب أي استفزاز".
وأضافت الدول الثلاث في ختام محادثات سوريا في آستانة، أنّها تدعم رغبة جماعات المعارضة المقاتلة، في المشاركة بالجولة المقبلة من المفاوضات التي ستجري في جنيف في 8 فبراير (شباط)، وتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي رقم 2254. وأكّدت كل من روسيا وايران وتركيا تأييد مشاركة فصائل المعارضة السورية في محادثات جنيف.
ويجري وفد عن الحكومة السورية وآخر عن المعارضة محادثات غير مباشرة لليوم الثاني في عاصمة كازاخستان بينما ترغب تركيا التي تدعم مقاتلي المعارضة وروسيا التي تدعم نظام الرئيس بشار الاسد، في النأي بنفسيهما عن القتال.
ودفع ذلك القوى الثلاث إلى تشكيل تحالف مؤقت يرى البعض أنّه يمثل أفضل فرصة للتقدم صوب اتفاق سلام خصوصًا مع انشغال الولايات المتحدة بقضايا داخلية.
وبعد يومين من المداولات تشير مسودة بيان ختامي أولية إلى أنّ القوى لم تتفق على الكثير بخلاف التأكيد على الحاجة لحل سياسي وتثبيت وقف اطلاق النار الذي بدأ في 30 ديسمبر (كانون الاول)، وتتبادل الاطراف الاتهامات بانتهاكه.
وتتجادل وفود الدول الثلاث بشأن بنود البيان الختامي الذي سيحتاج إلى موافقة وفدي المعارضة والحكومة وليس بالضرورة توقيعه رسميا.
وقال ستافان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة الخاص بسوريا الذي يحضر محادثات آستانة، إنّ القوى الثلاث اقتربت من بيان ختامي يؤكد ويعزز وقف الاقتتال الحالي بين الاطراف المتحاربة. مضيفًا أنّه "لسنا بعيدين عن إعلان ختامي".
وقال دبلوماسيون إنّ هناك فرقا في اللغة المستخدمة إذ عارض النظام السوري استخدام كلمة وقف اطلاق النار مقابل وقف الاقتتال الذي يشير إلى ترتيبات أكثر على المدى القصير.
وذكر أسامة أبو زيد وهو مفاوض كبير من المعارضة للصحافيين، أنّ هناك تعهدات من الجانب الروسي بتعزيز وقف اطلاق النار في مناطق تشهد انتهاكات مستمرة، لكن المعارضة تنتظر ما هو أكثر من التصريحات.
وذكر مصدر من المعارضة أنّها تناقش الآن مسودة للنص الختامي مع داعميها الاتراك.
وقال مصدر بالنظام السوري إنّ المشاورات تدور بشأن ازالة عقبات تضعها تركيا التي قال إنّها تحاول اضافة عناصر خارج اطار العمل في محادثات آستانة.
وتشمل مسودة البيان أمس الاثنين، فقرة تشير إلى أنّ القوى ستفكر أو ستؤسس "آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الالتزام الكامل بوقف اطلاق النار ومنع أي استفزاز وتحديد كل السبل".
وأشارت وكالة الاناضول الرسمية التركية للانباء اليوم، إلى أنّ القوى الثلاث اتفقت على هذا الامر. وقال بعض المراقبين إنّ الاجتماع قد يؤدي لاستئناف المفاوضات بقيادة الامم المتحدة التي يأمل دي ميستورا في استئنافها الشهر المقبل بعدما أوقفها قبل تسعة أشهر.
لكن دبلوماسيين قالوا إنّه لا تزال هناك اختلافات بين القوى خاصة بشأن الصياغة بما في ذلك كيفية استئناف محادثات السلام تحت مظلة قرار للامم المتحدة يدعو لانتقال السلطة.
ولم يتضح أيضًا ما إذا كانت روسيا ستتمكن من الضغط على إيران لاجبار فصائلها على الخطوط الامامية على الالتزام بشروط أي آلية لوقف اطلاق النار في مناطق على مشارف دمشق حيث تدور اشتباكات عنيفة.
وقال دبلوماسي غربي كبير "نود الاعتقاد أن الروس يضغطون على الايرانيين الذين لا يتقبلون بترحاب كبير فكرة وقف اطلاق النار أو الانتقال السياسي".
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إنّ قتالا نشب قرب دمشق اليوم، حيث اشتبكت قوات النظام مع مقاتلي المعارضة في منطقة وادي بردى في اطار آخر محاولاتها للتقدم في المنطقة.
ويحاول النظام وحلفاؤه وبينهم ما يسمى بميليشيا "حزب الله" اللبنانية، التقدم في بلدة عين الفيجة حيث توجد ينابيع مياه ومحطة ضخ تمد معظم دمشق بالمياه.
وأصبحت منطقة وادي بردى أخيرًا، أشرس ساحة للقتال في النزاع السوري.
وفي اشارة ربما لبعض الضغوط على النظام السوري، نقلت وكالة ريا نوفوستي للانباء أمس، عن مسؤول روسي كبير قوله، إنّه يشعر بالقلق لانتهاكات لوقف اطلاق النار في الآونة الاخيرة. وأضاف المصدر أنّ بعض زعماء النظام السوري تلقوا "توبيخا شديدًا" عن ضرورة الالتزام بوقف اطلاق النار.
وشنت جبهة فتح الشام التي كانت تعرف باسم جبهة النصرة، هجومًا وانتزعت بعض المواقع في شمال غربي سوريا من فصائل تابعة للجيش السوري الحر تشارك في محادثات كازاخستان؛ وذلك في خطوة قال دبلوماسيون إنّها ربما تستهدف اضعاف الموقف التفاوضي للمعارضة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.