عريقات لـ«الشرق الأوسط»: موقف بريطانيا مشين وننتظر من أصحاب بيان باريس تطبيقه

فلسطينيون يهاجمون مؤتمر باريس... ونتنياهو يتباهى بنجاح ضغوطه

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يلقي كلمته امام وزراء الخارجية وممثلي المنظمات المشاركين في مؤتمر باريس (إ ب أ) - صائب عريقات
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يلقي كلمته امام وزراء الخارجية وممثلي المنظمات المشاركين في مؤتمر باريس (إ ب أ) - صائب عريقات
TT

عريقات لـ«الشرق الأوسط»: موقف بريطانيا مشين وننتظر من أصحاب بيان باريس تطبيقه

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يلقي كلمته امام وزراء الخارجية وممثلي المنظمات المشاركين في مؤتمر باريس (إ ب أ) - صائب عريقات
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يلقي كلمته امام وزراء الخارجية وممثلي المنظمات المشاركين في مؤتمر باريس (إ ب أ) - صائب عريقات

قال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن موقف بريطانيا من مؤتمر باريس «مشين»، في تعقيبه - مباشرة - على رفضها ومعها أستراليا التوقيع على مؤتمر باريس الدولي الذي رحبت به السلطة الفلسطينية.
وأضاف عريقات في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يمكن القبول بأن تواصل بريطانيا سياسة اتخاذ قرارات تساعد إسرائيل وتشجعها في سياساتها العدوانية.
وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية، الدول العربية - خصوصًا مع سعي بريطانيا للتقرب أكثر لهذه الدول بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي - بالإسراع في سؤال بريطانيا عن مواقفها «الخارجة على القانون الدولي، التي تماهي إرهاب الدولة الإسرائيلية، وتشجع نتنياهو على الاستمرار في الاستيطان والقتل والاحتلال».
ولم يوافق عريقات على المبررات التي ساقتها لندن، وكذلك أستراليا، للتنصل من التوقيع على البيان الذي شكل إجماعًا دوليًا داعمًا لتحقيق السلام، قائلاً إنها غير مقبولة ولا منطقية.
وقالت بريطانيا، إن لديها تحفظات على نتائج مؤتمر السلام الذي استضافته باريس. وأضافت أن النتائج قد تؤدي إلى «تشديد المواقف».
وقال بيان لوزارة الخارجية البريطانية: «لدينا تحفظات معينة تجاه مؤتمر دولي الهدف منه دفع السلام بين الجانبين ولا يشملهما. في الواقع إنه يأتي ضد رغبة الإسرائيليين، ويأتي قبل أيام فقط من الانتقال إلى رئيس أميركي جديد، في الوقت الذي ستكون فيه الولايات المتحدة الضامن النهائي لأي اتفاق».
ورد عريقات بقوله، إن ما تفعله بريطانيا هو الخطر الحقيقي على حل الدولتين، لأنها تشجع السياسة الإسرائيلية الاستعمارية.
واستغرب عريقات من أن تفعل بريطانيا ذلك، وهي المسبب أصلاً في «الظلم التاريخي المجحف» الذي يعانيه الفلسطينيون، والذين يقفون اليوم على أبواب إحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور المشئوم.
ودعا عريقات بريطانيا «إلى تصحيح هذا الخطأ والاعتراف بدولة فلسطين كأحد شروط حل الدولتين»، كما دعا فرنسا والدول الأخرى لمثل هذا الاعتراف.
وأكدت نحو 70 دولة يوم الأحد الماضي، أنه لا يمكن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلا من خلال حل يقوم على أساس وجود دولتين، وحذرت من أنها لن تعترف بأي خطوات منفردة من أي الجانبين يمكن أن تصدر حكمًا مسبقًا على المفاوضات.
وشاركت دول من بينها دول أوروبية وعربية رئيسة، إلى جانب الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في اجتماع باريس.
وفي إسرائيل، تباهى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأن موقفه الصارم ضد مؤتمر باريس أجهض الهدف الحقيقي منه، وغير اتجاهه، ووضعه في حجمه الطبيعي كاجتماع شعبي لا أكثر. وقال نتنياهو، خلال لقائه مع وزراء حزبه الليكود، إنه وطاقم الخارجية من ورائه، و«أولئك من أصدقائنا الذين يدركون خطأهم في التصويت مع الفلسطينيين في مجلس الأمن (يقصد وزير الخارجية الأميركي، جون كيري)، عملنا معًا ليل نهار، ونجحنا في إحداث تغييرات كثيرة. فمثلاً، تم شطب التذكير بحدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 كقاعدة للمفاوضات، وشطب البند الذي يدعو الدول المشاركة إلى التمييز في كل نشاطاتها بين إسرائيل والمستوطنات. كما تم تخفيف البند الذي يدعو نتنياهو وعباس إلى التنصل من الجهات الحكومية التي تعارض حل الدولتين.
كما أكد نتنياهو على المكسب الاستراتيجي - كما قال - المتمثل في وقف مؤتمر باريس عند حدود انعقاده، وعدم الاستمرار في خطوات أخرى لمتابعة قراراته أو تحويلها إلى قرار دولي في مجلس الأمن.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قد أجرى محادثة هاتفية مع نتنياهو حال الانتهاء من أعمال المؤتمر، ووعده بعدم الإقدام على خطوات مكملة للمؤتمر – لا في مجلس الأمن ولا في أي منتدى دولي آخر – قبل انتهاء ولاية أوباما في 20 الشهر الحالي. وقال كيري إنه إذا جرت أي محاولة لدفع قرار في مجلس الأمن على أساس مؤتمر باريس، فإن الولايات المتحدة ستعارض ذلك. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، طلب التكتم على اسمه، بسبب الحساسية السياسية، إن كيري أطلع نتنياهو على الخطوات التي قام بها الأميركيون في مؤتمر باريس، من أجل تخفيف نص البيان الختامي. وقال نتنياهو لكيري إن الضرر أصاب إسرائيل بسبب عدم معارضة الولايات المتحدة لقرار مجلس الأمن بشأن المستوطنات، وأنه «يمنع إضافة ضرر آخر».
وقال عريقات تعقيبًا على الموقف الإسرائيلي: «لذلك يجب أن نعمل الآن بلغة المصالح من أجل مواجهة هذا التحدي الإسرائيلي واستخدام إسرائيل لدول مثل بريطانيا وأستراليا ومجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين كأدوات لتعطيل القانون الدولي، ودعم إرهاب الدولة».
وردًا على سؤال حول الخطوات الفلسطينية المرتقبة وكيف يمكن البناء على المؤتمر، قال عريقات: «المطلوب من المجتمع الدولي المصدر لبيان باريس، أن يبدأ العمل على تنفيذ ما جاء في البيان، بما يشمل إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان حسب القرار 2334، وإلزامها بقبول مبدأ الدولتين ووقف جميع السياسات العدوانية».
ويرى عريقات أن ثمة دورا منتظرا للجامعة العربية والدول العربية والإسلامية المؤثرة، من أجل توفير البيئة المناسبة لتطبيق قرارات المؤتمر. وقال: «العبرة بالمتابعة».
والترحيب الذي أظهره عريقات تجاه المؤتمر، يمثل الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية، التي تعهدت بمتابعة تنفيذ مخرجات المؤتمر، لكنه لا يتوافق مع مواقف أخرى لفصائل فلسطينية وسياسيين. فحركة حماس، اعتبرت مؤتمر باريس، «إعادة إنتاج للنهج التفاوضي العبثي الذي ضيَّع حقوق الشعب الفلسطيني، وأعطى شرعية للكيان الصهيوني على أرض فلسطين».
وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم، في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، «إنه لا بد من إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، والتأكيد على حقوق شعبنا الفلسطيني وثوابته؛ وذلك من خلال الشروع في التوافق على استراتيجية وطنية جامعة، ترتكز على برنامج المقاومة في الدفاع عن شعبنا وأرضنا، واسترداد حقوقنا المسلوبة».
كما وصفت الجبهة الشعبية النتائج التي تمخض عنها «مؤتمر باريس الدولي للسلام»، والتي ركّزت على حل الدولتين بـ«الطريق الوحيد لتحقيق السلام الدائم، وأنّ الحل النهائي للصراع سيكون على أساس قرار مجلس الأمن 242 وقرار 338»، وتستهدف - وبوعي - الانتقاص والتجاوز للحقوق الفلسطينية التي أقرّتها الشرعية الدولية في عودة اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار 194، وحق تقرير المصير، والدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود الأراضي المحتلة عام 1967.
وشدّدت الجبهة، في بيان لها، على أنّ قرارات مجلس الأمن المشار إليها، لا علاقة مباشرة لها بهذه الحقوق، فهي صدرت ارتباطًا بالحروب التي نشأت عامي 1967 و1973». وحذّرت «الشعبية» من «أن تتحول نتائج مؤتمر باريس بالاستناد إلى ما سبق، إلى مرجعية بديلة عن قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني، ومن أن تتحول المفاوضات التي دعا المؤتمر إلى عودتها، إلى وسيلة ضغط لتحقيق هذا الغرض».
وعليه، دعت الجبهة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وجميع القوى الوطنية الفلسطينية، إلى التمسك بكامل حقوق الشعب الفلسطيني، واستمرار النضال الموحد لتحقيقها.
كما دعت اللجنة التنفيذية إلى تجديد قرارها بعدم العودة إلى المفاوضات على ذات الأسس والمرجعيات السابقة، واستمرار العمل من أجل عقد مؤتمر وطني كامل الصلاحيات وبرعاية الأمم المتحدة، من أجل وضع الآليات لتنفيذ قراراتها ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني.
أما الجبهة الديمقراطية فوصفت المؤتمر بـ«مخيب للآمال». وقال قيس عبد الكريم، عضو المكتب السياسي للجبهة: «البيان الصادر عنه لا يسمن ولا يغني عن جوع، وهو يتجاهل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة كمرجعية لعملية السلام، ويكتفي بالقرارين 243 و338، ويضع القرار 2334 في مصاف تقرير اللجنة الرباعي، التي كانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قد رفضته لمساواته بين الضحية والجلاد».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.