جدل جديد في روسيا تفجره حزمة تشريعات «ياروفايا ـ أوزيروف» لمكافحة الإرهاب

سنودن حذر من انتهاكها للحريات... وحقوقيون روس اعتبروها خرقا للدستور

إيرينا ياروفايا رئيسة لجنة مجلس الدوما للشؤون الأمنية («الشرق الأوسط»)
إيرينا ياروفايا رئيسة لجنة مجلس الدوما للشؤون الأمنية («الشرق الأوسط»)
TT

جدل جديد في روسيا تفجره حزمة تشريعات «ياروفايا ـ أوزيروف» لمكافحة الإرهاب

إيرينا ياروفايا رئيسة لجنة مجلس الدوما للشؤون الأمنية («الشرق الأوسط»)
إيرينا ياروفايا رئيسة لجنة مجلس الدوما للشؤون الأمنية («الشرق الأوسط»)

عادت «حزمة التشريعات لمكافحة الإرهاب» التي أقرها المجلس الفيدرالي الروسي إلى الواجهة مجددا يوم أمس، ليتجدد الحديث حول تلك الحزمة المثيرة للجدل في روسيا وخارجها. ويوم أمس نشرت المؤسسة الأميركية لتكنولوجيا المعلومات والابتكار (ITIF)، تقريرًا تضمن مبادرات كثيرة في مجال «حفظ معلومات الاتصالات»، تم اعتمادها في عدد من دول العالم، وقد تلحق الضرر بتطور الابتكارات والإبداع في عالم الاتصالات والرقميات، ومن بين تلك المبادرات كانت حزمة التشريعات الروسية المعروفة باسم «تشريعات ياروفايا –أوزيروف» نسبة لواضعي تلك الحزمة، وهما إيرينا ياروفايا رئيسة لجنة مجلس الدوما للشؤون الأمنية ومكافحة الفساد، وفيكتور أوزيروف رئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع والأمن. وإلى جانب تلك التشريعات تضمن التقرير الأميركي مبادرات وقوانين حول «الاحتفاظ بالمعلومات في بنك المعطيات الوطني» اعتمدتها أو تدرسها دول مثل إندونيسيا والصين وتركيا وحتى ألمانيا، وهي مبادرات وتشريعات أكثر ليونة وأقل تشددا بكثير من «حزمة ياروفايا - أوزيروف» الروسية للتصدي للإرهاب عبر وسائل الاتصال.
ويعود الجدل حول حزمة العقوبات تلك إلى مجموعة من التشريعات التي تُلزم شركات الإنترنت «الاحتفاظ بالمعلومات عن إرسال واستقبال الاتصالات، ونصوص الرسائل، وملفات الصور والصوت والفيديو على الأراضي الروسية لمدة عام واحد»، بينما تطالب شركات الاتصالات بالاحتفاظ بنفس المعلومات لكن لمدة ثلاث سنوات، هذا على أن يتم الاحتفاظ بمضمون المحادثات (خلال الاتصالات) ونصوص الرسائل لمدة تصل حتى ستة أشهر. وفي فقرة أخرى تُلزم «حزمة تشريعات «ياروفايا - أوزيروف» شركات الاتصالات والإنترنت بتقديم معلومات حول المستخدمين والخدمات المقدمة لهم. أما برامج «الماسنجر» بمختلف أنواعها وكذلك شبكات التواصل الاجتماعي فيُلزمها القانون المذكور بأن تقدم لهيئة الأمن الفيدرالي الروسي «مفتاحًا» لفك التشفير، بحال كانت تستخدم «آليات تشفير» إضافية. بعبارة أخرى ستسمح حزمة التشريعات بحال تم اعتمادها نهائيا لأجهزة الأمن بالاطلاع على المعلومات الشخصية والمراسلات بكل أنواعها لأي مستخدم، كما أنها تجيز نوعا ما التنصت الواسع على الاتصالات.
ولإلقاء المزيد من الضوء على الأسباب التي تجعل حزمة تشريعات «ياروفايا –أوزيروف» الروسية الأكثر تشددًا، يستعرض تقرير المؤسسة الأميركية لتكنولوجيا المعلومات والابتكار (ITIF) تشريعات مماثلة بدأ العمل بها منذ صيف العام الماضي في ألمانيا، موضحًا أن تلك التشريعات لا تنص على الاحتفاظ بذلك الكم الهائل من المعلومات والرسائل بكل أنواعها، بل تُلزم شركات الاتصالات الألمانية بالاحتفاظ لمدة 10 أسابيع بالمعلومات حول من وأين ومتى وكيف أجرى اتصالا.
وكانت «حزمة تشريعات ياروفايا - أوزيروف» قد أثارت موجة انتقادات واسعة، وطالب مديرو شركات الاتصالات الكبرى في روسيا البرلمان الروسي برفض «الحزمة» وإحالتها لإدخال تعديلات عليها. وأوضح المديرون في رسالتهم إلى المجلس الفيدرالي أن العمل بتلك التشريعات التي تطالبهم بتخزين المعلومات ستؤدي بحال إقرارها إلى «ارتفاع كبير على أسعار الخدمات للمواطنين، وتراجع ملحوظ في نوعية تلك الخدمات، والحد من تطور وتنمية شبكات الاتصالات في روسيا». كما وجه إدوارد سنودن انتقادات حادة اللهجة لحزمة التشريعات تلك، وحذر من الانتهاكات للحريات التي تنطوي عليها تلك التشريعات، وكتب في تغريدة له على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي أن «الرقابة الشاملة لا تستقيم». من جانبه أشار ميخائيل غابريليان نائب رئيس مجموعة «mail.ru» إلى أن «تقديم الشهادات التي تساعد على فك التشفير لهيئة الأمن الفيدرالي ينطوي على تقييد خصوصية المراسلات بين المستخدمين، وهذا أمر من صلاحيات القضاء، ويمكن اللجوء إليه فقط بحق شخص محدد»، حسب قوله. أما إيرينا ليفوفا، العضو في مجموعة «الاتصالات وداعش» فقد حذرت من أن تقديم كل كلمات المرور، ووسائل وصول المواطنين إلى المعطيات المالية أو غيرها من معطيات خاصة، تقديمها لهيئة الأمن الفيدرالي الروسي يشكل انتهاكا للدستور.
رغم هذا كله فقد أقر المجلس الفيدرالي صيف العام الماضي «تشريعات ياروفايا - أوزيروف»، وحاول البعض الحيلولة دون رفعها للرئيس كي يوقع عليها، بما في ذلك أعلن ميخائيل فيدوتوف، رئيس مجلس حقوق الإنسان في الرئاسة الروسية عن نيته حينها توجيه خطاب للرئيس الروسي يناشده فيه بعدم توقيع مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أقره البرلمان الروسي بمجلسيه (الدوما والمجلس الفيدرالي)، والمعروف باسم «تشريعات ياروفايا - أوزيروف».
إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقع على تلك الحزمة، صيف العام الماضي، مرفقة بجملة توصيات للحكومة الروسية، بما ذلك توصيات تتعلق بتأمين معدات محلية لتخزين المعلومات. ويتوقع أن يبدأ العمل بتلك التشريعات اعتبارا من الأول من يناير (كانون الثاني) 2018.



بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بوتين يزور كازاخستان لتعزيز العلاقات وبحث ملف الطاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كازاخستان، الأربعاء، في زيارة تستمر يومين تهدف لتوطيد العلاقات مع حليفة بلاده الواقعة في وسط آسيا في ظل تفاقم التوتر على خلفية حرب أوكرانيا.

ورغم انضوائها في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» التي تقودها موسكو، فإن كازاخستان أعربت عن قلقها حيال النزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات مع رفض رئيسها قاسم جومارت توكاييف التغاضي عنه.

وفي مقال نشرته صحيفة «إسفيستيا» الروسية قبيل زيارة بوتين، أكد توكاييف دعم بلاده «الحوار السلمي» من دون أن يأتي على ذكر أوكرانيا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جانبه، أشاد بوتين بـ«التقارب الثقافي والروحي والقيمي» بين كازاخستان وروسيا، وذلك في مقال نشر في صحيفة «كازاخ» الرسمية، قائلا إنه يساعد في تطوير «العلاقات الودية والقائمة على التحالف» مع أستانا بشكل أكبر.

وبث الإعلام الرسمي الروسي مقطعا مصورا لطائرة بوتين لدى هبوطها في أستانا الأربعاء.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال حفل الاستقبال في مقر الرئاسة أكوردا في أستانا بكازاخستان... 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

تدهورت العلاقات التجارية بين البلدين في الأشهر الأخيرة مع منع موسكو بعض الصادرات الزراعية من كازاخستان غداة رفض الأخيرة الانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وجعل بوتين توسيع تحالف الاقتصادات الناشئة أساسا لسياسة روسيا الخارجية، مسوّقا لمجموعة «بريكس» على أنها قوة موازية لما يعتبرها «هيمنة» الغرب على العالم.

تأتي زيارة بوتين على وقع تصاعد التوتر بين موسكو والغرب بسبب حرب أوكرانيا، إذ أطلقت روسيا صاروخا تجريبيا فرط صوتي باتّجاه جارتها الأسبوع الماضي، بينما أطلقت كييف صواريخ بعيدة المدى زودتها بها كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على روسيا لأول مرة.

وفي سبتمبر (أيلول)، دعا توكاييف إلى حل سلمي للنزاع، محذرا من أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى «تداعيات لا يمكن إصلاحها بالنسبة للبشرية بأكملها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف يلتقطان صورة مع أطفال في أستانا في 27 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا على جدول الأعمال

ورغم أن رحلات بوتين الدولية بقيت محدودة منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا عام 2022، فإنه زار الدولة الواقعة في وسط آسيا بشكل متكرر.

تعد كازاخستان حليفا عسكريا واقتصاديا تاريخيا لروسيا وتمتد الحدود بين البلدين على مسافة 7500 كيلومتر.

ويتوقع أن يناقش الزعيمان العلاقات التجارية وملف الطاقة، إضافة إلى بناء أول محطة في كازاخستان للطاقة النووية، علما بأن شركة «روساتوم» الروسية من بين الشركات المرشحة لبنائها.

تسهم كازاخستان بنحو 43 في المائة من إنتاج اليورانيوم العالمي لكنها لا تملك مفاعلات نووية.

وأكد بوتين الأربعاء أن «(روساتوم) مستعدة لمشاريع كبيرة جديدة مع كازاخستان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف يرسمان على لوحة قبل لقائهما في أستانا في 27 نوفمبر (أ.ف.ب)

سيوقّع البلدان أيضا عدة وثائق الأربعاء وسيصدران بيانا للإعلام، بحسب مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

ويجتمع بوتين الخميس وقادة «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في أستانا في إطار قمة أمنية.

وستتصدر أوكرانيا جدول الأعمال، إذ يتوقع أن يناقش القادة «الإذن الغربي (لكييف) بإطلاق صواريخ بعيدة المدى باتّجاه عمق أراضي روسيا الاتحادية»، وفق ما أكدت وكالة «تاس» الإخبارية نقلا عن مصدر.

وفي خطوة لافتة، ستتغيب أرمينيا عن الاجتماع بعدما علّقت عضويتها في المنظمة احتجاجا على عدم وقوف موسكو إلى جانبها في نزاعها مع أذربيجان.

وقال أوشاكوف الثلاثاء إن أرمينيا ما زالت عضوا كاملا في التحالف ويمكن أن تعود في أي لحظة.