طفت الخلافات بين أنقرة وطهران بشأن الملف السوري والتقارب التركي الروسي على السطح بعدما كشف مسؤول في وزارة الخارجية التركية عن انزعاج إيراني من التقارب التركي الإيراني بشأن سوريا، كما أنها غير راضية عن عملية «درع الفرات» التي تنفذها تركيا مع عناصر من الجيش السوري الحر في شمال سوريا. ومن جانب آخر، أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين مشاركة واشنطن في مؤتمر آستانة لبحث الحل السياسي في سوريا في 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، مشددا على أن بقاء الأسد سيجعل أي حل في سوريا مستحيلا.
المسؤول في وزارة الخارجية التركية قال لوكالة أنباء الأناضول الرسمية -التي امتنعت عن ذكر اسمه- إن «إيران منزعجة من التقارب التركي - الروسي بشأن سوريا»، موضحا أن أنقرة وطهران يدركان حجم نفوذهما «لدينا آراء مختلفة خصوصا حول عدد من القضايا الإقليمية». وأضاف المسؤول التركي أن بلاده «تنتظر من طهران استخدام نفوذها في المنطقة بشكل بنّاء، بما يخدم إرساء سلام دائم في المنطقة، وخاصة، فيما يتعلق بمساهمتها في حماية اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا وبدء المرحلة السياسية». ورأى المسؤول أن إيران تتبع موقفًا يتلخّص في «كل ما يقبل به النظام السوري تقبل به طهران».
وعن الأنباء التي تحدثت عن إقدام طائرة من دون طيار (درون) إيرانية الصنع على قصف جنود أتراك مشاركين في عملية «درع الفرات» شمال سوريا، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكد المسؤول التركي أن المسؤولين الإيرانيين نفوا تلك الادعاءات. إلا أنه في المقابل ذكر أن «طهران غير راضية عن عملية درع الفرات»، وأشار إلى وجود زيارات رفيعة المستوى، جرت بين أنقرة وطهران منذ أغسطس (آب) الماضي، بشأن الأزمة السورية، وأن هناك بعض المشكلات بين الجانبين بخصوص ما يجب تنفيذه على أرض الواقع. ونفى أن تكون هناك نية لبلاده بخصوص ترتيب لقاء بين إيران والمعارضة السورية على غرار اللقاءات بين روسيا والمعارضة، ولكن «رغم وجود تعاون بين إيران وروسيا في سوريا، فلدى البلدين مصالح مختلفة».
وحول عقد إيران لقاءات مع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، أشار مسؤول الخارجية التركية إلى أن «اتصالات إيران مع المنظمة المذكورة ليس سرًا، إلا أن المسؤولين الإيرانيين نفوا تلك الأنباء». واتهم المسؤول التركي إيران بلعب دور مؤثر في التوتر الذي حدث بين العراق وتركيا في الفترة الأخيرة، وأرجع ذلك إلى «تغير انطباع إيران حول تركيا بشكل كبير على مدار العامين السابقين». ثم قال: «نحن نعتبر إيران بلدًا يتبع سياسات طائفية، لا سيما، وأنه أدخل الطائفية إلى دستوره، حتى ولو حاولت إظهار عكس ذلك».
وحول مباحثات آستانة المقررة بين الأطراف السورية في 23 يناير الحالي، وما إذا كانت إيران ستشارك فيها أم لا، قال المسؤول التركي: إن «إيران وتركيا وروسيا لهم دور وساطة فقط في سوريا، وليسوا الأطراف التي ستقرر مصير هذا البلد». وكانت العاصمة الروسية موسكو، شهدت ليل الجمعة - السبت، اجتماعًا لمساعدي وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وإيران، لتحديد إطار مؤتمر آستانة بشأن الأزمة السورية. وتوافقت الأطراف الثلاثة خلاله أن مؤتمر آستانة سيساعد في ضمان وقف إطلاق نار مستقر، ومواصلة القتال ضد الجماعات الإرهابية، وتسريع عملية التسوية السياسية في سوريا.
وذكرت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن المباحثات التي جرت على مدى 3 أيام بين الجانب التركي وممثلي المعارضة السورية انتهت على اتفاق مع الفصائل المسلحة على التوجه إلى آستانة، وأن هذه الفصائل ستشكل وفدها في الموعد المحدد في 16 يناير الحالي بعد الاتصالات التي جرت بين أنقرة وموسكو لوقف خروق النظام السوري في وادي بردى ومناطق أخرى.
ومن جانبه قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن إن الولايات المتحدة الأميركية ستشارك في مباحثات آستانة لبحث حل الأزمة السورية. وأوضح كالين أن تركيا لا تزال تعتقد أنه من المستحيل أن تكون سوريا موحدة وآمنة في ظل وجود بشار لكنها تريد التقدم «خطوة بخطوة» وانتظار نتيجة محادثات السلام المقررة في آستانة. ثم أضاف أن القتال في سوريا توقف إلى حد بعيد خلال الأسبوعين الماضيين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا وتركيا.
في السياق نفسه، قال نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة وجيه جمعة إن مؤتمر آستانة سيؤسس لتحضيرات الحل السياسي والسلام في سوريا. وأضاف جمعة في تصريحات لوكالة الأناضول أمس السبت أن «تركيا تمكنت من إنجاز عمل جيد في سعيها لإعلان وقف إطلاق النار، الذي شكل فرصة لحماية المدنيين من القتل وسهل عودة البعض إلى منازلهم». وأوضح جمعة أن «نظام الأسد وتنظيم داعش والأكراد (الانفصاليين) هي الأطراف التي وقفت ضد هذا الإعلان». ولفت إلى أن «تأثير تركيا السياسي والعسكري في المنطقة ازداد بعد عملية (درع الفرات) التي تقودها في إطار جهودها لإحلال الاستقرار»، معربا عن أمله في أن «تسهم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في دعم هذه الجهود».
وعن الدور الروسي في سوريا، قال جمعة: «في الواقع موسكو كانت تعمل على قصف بيوت السوريين، وتقتلهم، ولكنها حاليا تريد التحول من العمل العسكري إلى العملية السياسية». وأردف أن «روسيا لم تستخدم القوة العسكرية من أجل النظام، بل من أجل مصالحها، وهي ترغب حاليا أن تفرض تفوقا سياسيا في المنطقة، وفي الوقت نفسه تعرف نفسها على أنها قوة عظمى». ولفت جمعة إلى أن «لقاءات أنقرة وموسكو وآستانة سيعقبها طرح خريطة طريق للحل الحقيقي، والمعارضة السورية تثق بتركيا كضامن في هذا الإطار».
«درع الفرات»
أخيرًا، على صعيد عملية درع الفرات في شمال سوريا، أعلن الجيش التركي أمس أن قواته قتلت 18 مسلحا من عناصر تنظيم داعش، كما جرى تدمير 248 هدفا تابعا للتنظيم الإرهابي المتطرف. ولفت الجيش التركي في بيان إلى أن مقاتلات تابعة للقوات الجوية التركية قصفت 14 موقعا للتنظيم في مدينة الباب وقرية بزاعة.
أنقرة: إيران منزعجة من تقاربنا مع موسكو بشأن سوريا
الفصائل المعارضة المسلحة تستكمل قائمة ممثليها في آستانة
أنقرة: إيران منزعجة من تقاربنا مع موسكو بشأن سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة