نتنياهو يخضع لتحقيق ثالث يستبقه بالإصرار على براءته

شبهات حول سبب تغييب التفسير العلني لتأجيل التحقيق

نتنياهو يخضع لتحقيق ثالث يستبقه بالإصرار على براءته
TT

نتنياهو يخضع لتحقيق ثالث يستبقه بالإصرار على براءته

نتنياهو يخضع لتحقيق ثالث يستبقه بالإصرار على براءته

كشفت مصادر في الشرطة الإسرائيلية، أمس، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سيخضع للتحقيق مرة ثالثة في ملفات الفساد المفتوحة ضده. وعلى الرغم من تصريحات نتنياهو بأن الشبهات ضده لا تنطوي على شيء، فإنها أكدت أن محققي الشرطة يعتقدون أنه متورط بعمق في الشبهات، وأنه لو كان الأمر بيدهم لكانوا قدموه إلى المحاكمة منذ زمن.
وقد تبين أن الملف المتعلق بالرشى لا يقتصر على الكميات الكبيرة من السيجار والشمبانيا الفاخرين، التي تقدر قيمتهما بربع مليون دولار، بل تعدى الأمر إلى تخصص ممول آخر في إرسال الوجبات الفاخرة إلى نتنياهو في مقره الرسمي. ونقل أحد شهود العيان للمحققين أن نجل رئيس الحكومة كان يتندر بالقول: «لدينا ملياردير جديد في الحارة»، للدلالة على قدوم رشى جديدة.
وسربت عناصر التحقيق معلومات إضافية عن اللقاءات التي أجراها نتنياهو مع صاحب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أرنون موزيس. فقد اتضح أنهما عقدا لقاءات عدة سنة 2014، وتوصلا إلى تفاهمات تقضي بأن تخفف الصحيفة هجومها على سياسة نتنياهو، مقابل وقف عمل صحيفة «إسرائيل هيوم» المجانية التي نافست «يديعوت أحرونوت». ففي أحد اللقاءات، طلب موزيس وقف بيع الصحيفة مجانا وتحديد ثمن لها. فقال نتنياهو إنه مستعد لوقف الصحيفة تماما إذا وافق موزيس على وقف الهجوم عليه. ولكن الصفقة لم تجر لأن نتنياهو قرر تبكير موعد الانتخابات. وعاد الصراع بين الطرفين إلى سابق عهده. وقد عمد نتنياهو إلى تسجيل المحادثات حتى يوقع بموزيس، في حال فشلت المفاوضات، لكن التسجيل ضبط بالصدفة لدى الشرطة التي استغلته ضده.
ويرى مراقبون أن هذه الصفقة، حتى لو لم تتم، تنطوي على مخالفة جنائية، خلافا لما يحاول مسؤولون في وزارة القضاء ادعاءه بأن هذه القضية لا تحتوي على مخالفة جنائية. وبحسب المحلل السياسي والقانوني، عيدو باوم، في صحيفة «هآرتس»، فإن الصفقة على منح منافع شخصية لا ينبغي بالضرورة أن تكون على شكل أموال، وإن تغطية صحافية إيجابية في صحيفة قوية وواسعة الانتشار، هي منفعة شخصية. وعدّ باوم أن مجرد استعداد نتنياهو لدفع خطوات سلطوية تهدف إلى تقليص قوة «إسرائيل هيوم»، يمكن أن يصل إلى حد ارتكاب مخالفة تلقي رشوة أو خيانة الأمانة على الأقل؛ إذ إن نتنياهو، في هذه الحالة، موظف عام يسعى للعمل لمصلحة أعمال جهة تريد منحه منفعة شخصية. وكتب باوم، إن موزيس يمكن أن يشتبه فيه بمخالفة قانون تقييد الاحتكارات لأنه استخدم، بحسب الشبهات، وسائل غير قانونية من أجل ضرب قوة منافس له في السوق الإعلامية.
وقال باوم أيضا إنه في القضية الثانية التي يشتبه فيها بحصول نتنياهو على «هدايا»، على شكل سيجار وزجاجات شمبانيا ثمينة بمئات آلاف الشواقل، لا يمكن اعتبار الشبهات هامشية؛ إذ إن طبيعة حياة نتنياهو وأفراد عائلته الباذخة، يمولها رجال أعمال أثرياء. ورأى باوم أنه بعد اتضاح التفاصيل في هذه القضية، سيكون بالإمكان تقدير ما إذا كان ذلك ينطوي على مخالفات جنائية أم لا. لكن بالإمكان القول، الآن، إن «قضية السيجار والشمبانيا» تبرر مطالبة نتنياهو بالتنحي عن منصبه.
يذكر أن نتنياهو يصر على أنه بريء، وقال لوزرائه، أول من أمس: «ما يمكنني قوله لكم اليوم هو أنني أعرف ما المقصود، وأنا أقول لكم بثقة كاملة: لن يحدث شيء، لأنه لا يوجد شيء». وقال رئيس الائتلاف الحكومي، ديفيد بيتان (الليكود)، إنه لا يصدق أنه سيجري تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، وإنه حتى في حال جرى ذلك، فإنه «يمكن لرئيس الحكومة أن يواصل أداء مهامه». وتطرق بيتان إلى تسجيل المحادثة بين نتنياهو وصاحب جريدة «يديعوت أحرونوت» أرنون موزيس، وقال: «لم أسمع التسجيل، ولا أعرف إن كان هناك تسجيل، ولكن إذا وجد، فمن الخطير جدا قيام أحد بالتسجيل لرئيس الحكومة». وقال رئيس لجنة الداخلية، النائب دودي امسلم (الليكود): «لا أعرف من أين لديهم المعلومات. أفترض أنه يجب التحقيق مع رئيس الحكومة، وليس من المفروض أن يعرف أحد، حاليا، عن ماذا يجري التحقيق». وانتقد امسلم الشرطة وقال: «في النظام الديمقراطي يستبدلون السلطة في الانتخابات وليس بواسطة شرطة إسرائيل. نحن طورنا الأمر. عادة يفعلون ذلك بواسطة انقلاب عسكري، ونحن نفعل ذلك بواسطة انقلابات بوليسية».
وعلى خلفية النشر عن نتنياهو، أمس، غرد رئيس الحكومة السابق، إيهود باراك، على حسابه في «تويتر»، وكتب أن نتنياهو لن يتمكن من مواصلة رئاسة الحكومة. وأضاف أن «وزراءه سيضطرون إلى إخراجه، أو إنهم سيفقدون عالمهم أيضا». وطالبت رئيسة حركة «ميريتس»، زهافا غلؤون، المستشار القانوني للحكومة أبيحاي مندلبليت، بإقصاء نفسه عن معالجة ملفات نتنياهو.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».