جولات الاقتراع الرئاسي في لبنان تنطلق اليوم

جعجع المترشح الوحيد حتى الآن وتوقع أسماء جديدة في حال التسوية

جولات الاقتراع الرئاسي في لبنان تنطلق اليوم
TT

جولات الاقتراع الرئاسي في لبنان تنطلق اليوم

جولات الاقتراع الرئاسي في لبنان تنطلق اليوم

يتوجه نواب لبنان إلى البرلمان اليوم من دون الاقتناع بقدرتهم أو رغبتهم في انتخاب رئيس جديد للبلاد مع اقتراب ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان من الانتهاء في 25 مايو (أيار) المقبل، وذلك بعدما عجزت القيادات السياسية عن الوصول إلى مرشح توافقي، وتوافقها في المقابل على عدم وصول «مرشح معركة».
ودعا الرئيس اللبناني، المنتهية ولايته، المجلس النيابي والقوى السياسية الممثلة فيه إلى «إتمام الاستحقاق الرئاسي»، عبر «تأمين النصاب القانوني واختيار من هو الأصلح والأنسب والأجدر لقيادة البلاد وتحقيق الخير العام، في مرحلة أقل ما يقال فيها إنها توجب منسوبا استثنائيا من الوحدة والتآزر وتغليب المصلحة الوطنية العليا على أي مصلحة خارجية أو فئوية أو خاصة». وأعرب سليمان عن توقعاته أن يكون البرلمان «على قدر المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه»، وذلك بانتخاب «رئيس جديد يستحقه اللبنانيون، قبل 25 مايو 2014».
وتوقع مصدر لبناني حصول نصاب للجلسة، وإجراء الجولة الأولى من الانتخاب التي لن يحصل فيها أي من المرشحين، على الغالبية اللازمة (الثلثان)، فترفع الجلسة إلى موعد آخر يكون فيها انتخاب رئيس الجمهورية بالأكثرية العادية، أي نصف الحضور زائدا واحدا.
وإذا كان المرشح الأول - رسميا - للرئاسة، هو رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فإن هناك الكثير من المرشحين، بينهم من هو جاد، وبينهم من هو مرشح مناورة. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن إجراء الانتخابات وفق الظروف الحالية سوف يؤدي إلى فوز جعجع في الدورة الأولى بأكثرية الأصوات، من دون حصوله على الأغلبية اللازمة، بينما سيكون الأمر مختلفا في الدورة الثانية. وأشار المصدر إلى أن حلفاء جعجع، وتحديدا تيار «المستقبل»، الذي يرأسه الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري، سيصوتون لصالح جعجع، وكذلك حلفاء آخرين في قوى «14 آذار» كـ«الكتائب» والمسيحيين المستقلين، لكن التزام بعض هؤلاء سيقتصر على الجولة الأولى، مما يبقي الأمور مفتوحة في الدورة الثانية، خصوصا مع وجود ضغط على بعض نواب مدينة طرابلس لئلا يصوتوا لجعجع احتجاجا بعد اتهامه باغتيال ابن المدينة الرئيس الأسبق للحكومة رشيد كرامي، وهي إحدى القضايا التي أدين بها جعجع وأدخلته إلى السجن 11 سنة بعد خلافه مع النظام السوري في التسعينات.
ويرى المصدر أن جعجع فاز بمجرد ترشيحه بثلاثة أمور أساسية، هي: كسر «الحرم» المفروض عليه من قبل حزب الله، كما أنه حجز لنفسه موقعا أساسيا بوصفه ناخبا في الدورة الثانية إذا ما فشل في الحصول على الأكثرية المطلوبة.
أما المرشح الثاني - غير المعلن - فهو النائب ميشال عون، الذي يحظى بدعم معظم قوى «8 آذار» تقليديا، لكن أشيع أخيرا أنه فتح كوة حوار مع تيار «المستقبل» قد تمهد له الطريق ليصبح رئيسا. لكن هذا السيناريو ممكن فقط في حال حصول «تسوية كبرى» تتضمن ضمن ما تتضمنه حسم الخلاف مع حزب الله وعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، مما يفتح المجال أمام تهدئة سياسية واسعة. غير أن العقبة الأساسية أمام عون تبقى حالة «عدم الثقة» مع الأطراف الأخرى، وقربه الواضح من حزب الله رغم حواره مع «المستقبل» ولقائه الأخير مع الحريري سرا في روما. ويقول المصدر الذي رفض ذكر اسمه، إن أي تسوية حول عون، لا يمكن إلا أن تكون تسوية لها أبعاد إقليمية ودولية.
من ناحية ثانية، يحتفظ حزب الكتائب لنفسه بحق مرشحه، الرئيس الأسبق للجمهورية أمين الجميل، الذي لم يخف حزبه نيته الترشح للرئاسة، لكنه اصطدم بترشح جعجع واصطفاف تيار «المستقبل» خلفه، فأيد جعجع، محتفظا لنفسه بحق الترشح في الدورة الثانية لاقتناعه بإمكانية حصول توافق عليه، خصوصا أن الحزب أبقى قنوات الحوار مفتوحة مع الأطراف الأخرى، وتحديدا مع حزب الله، حيث زار نوابه مواقع تفجيرات انتحارية حصلت في ضاحية بيروت الجنوبية تضامنا مع الحزب.
كذلك، لدى «14 آذار» مرشح ثالث هو النائب والوزير بطرس حرب، الذي أعلن بدوره تأييده لجعجع. وحرب هو أحد المرشحين الدائمين للرئاسة، لكنه لم يقترب منها يوما. وكان أقرب اجتماع عليه في الانتخابات السابقة، حيث تبنت قوى «14 آذار» ترشيح النائب السابق نسيب لحود، قبل حصول توافق على الرئيس الحالي ميشال سليمان.
وفي المقابل، هناك لقوى «8 آذار»، مرشح آخر تقليدي، هو النائب سليمان فرنجية، الذي يتمتع بعلاقة صداقة مع الرئيس السوري بشار الأسد وبتحالف متين مع حزب الله، غير أن فرنجية يحصر ترشيحه بانعدام فرص عون، مكررا في أكثر من مناسبة أنه مع ترشيح عون إذا كانت لديه الفرصة.
أما خارج التكتلين الأكبر، فهناك ترشيح النائب هنري حلو، من قبل النائب وليد جنبلاط، وهو ترشيح ينظر إليه البعض على أنه «مناورة» من جنبلاط لتفادي تأييد أي من المرشحين المعلنين، غير أن حلو أكد لـ«الشرق الأوسط» أن ترشيحه جدي، رغم اعترافه بضعف الفرص حاليا. وهنري حلو، هو نجل النائب والوزير السابق بيار حلو المعروف باعتداله. علما بأن حلو رفض قبول ترؤس حكومة يشكلها الرئيس أمين الجميل قبل انتهاء ولايته وتعذر انتخاب رئيس جديد في عام 1989.
ويقال إن ترشيح حلو هو للتغطية على مرشح آخر مفضل لجنبلاط، ولرئيس مجلس النواب نبيه بري، هو الوزير السابق جان عبيد، المعروف بعلاقاته المحلية والدولية الواسعة. وعبيد عين وزيرا عدة مرات في عهد الوصاية السورية، غير أنه ابتعد عن الأضواء بعد جفاء سوري حياله لمخالفته. وقد طالت عبيد حملة شائعات أخيرا حول علاقته بالنظام السوري، ربطها البعض بمحاولة لـ«حرق اسمه». وقد توعد عبيد، في بيان أصدره، مطلقيها بالملاحقة القضائية، معلنا أن الحملة باتت معلومة لديه بـ«الأسماء والممولين والمعدين والمبالغ المدفوعة للنشر في لبنان والخارج»، مؤكدا أنه «ومن دون زهد مصطنع ليس مرشحا للجمهورية في ظل التنافس القائم اليوم».
ومن خارج الطاقم السياسي المعروف، يبرز اسمان من طبقة الموظفين، لكن انتخابهما يحتاج إلى تعديل الدستور، أولهما قائد الجيش العماد جان قهوجي، الذي يطرحه البعض مرشحا توافقيا، لكن البعض يعارض وصوله، رفضا لتكريس عرف وصول قائد الجيش إلى الرئاسة، وهذه الحال كانت مع الرئيسين الأسبقين إميل لحود وميشال سليمان.
أما المرشح الثاني، فهو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي طرح اسمه غير مرة استنادا إلى نجاحه في تثبيت سعر صرف الليرة والوضع النقدي منذ وصوله إلى منصبه قبل نحو 20 سنة. غير أن اسمه سحب من التداول أيضا بسبب حاجته - كما قهوجي - إلى تعديل للدستور الذي ينص على أن الموظفين لا يمكن انتخابهم إلا إذا استقالوا قبل ستة أشهر من تاريخ الانتخابات.

صندوق اقتراع فارغ على منضدة في البرلمان اللبناني عشية انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية المقرر اليوم (أ.ف.ب)



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.