رئيس الحكومة المغربية: إذا فسد القضاء انتهى كل شيء

وزير العدل يدعو إلى تجاهل «التشكيك والتشويش» في مشروع إصلاح القطاع

عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية يتحدث خلال لقائه بوزير العدل مصطفى الرميد وأركان وزارته  لبحث حصيلة ما أنجز في قطاع القضاء أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية يتحدث خلال لقائه بوزير العدل مصطفى الرميد وأركان وزارته لبحث حصيلة ما أنجز في قطاع القضاء أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

رئيس الحكومة المغربية: إذا فسد القضاء انتهى كل شيء

عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية يتحدث خلال لقائه بوزير العدل مصطفى الرميد وأركان وزارته  لبحث حصيلة ما أنجز في قطاع القضاء أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
عبد الاله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية يتحدث خلال لقائه بوزير العدل مصطفى الرميد وأركان وزارته لبحث حصيلة ما أنجز في قطاع القضاء أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، أن منظومة العدالة في بلاده أخذت مسارها نحو الإصلاح، وإن هذا الأخير سينعكس بشكل إيجابي على الاستقرار ومجالات أخرى مثل الاستثمار والسياحة.
وشدد ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في لقاء هو الأول من نوعه مع مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، الذي كان يعد أحد صقور الحزب، ومع مسؤولي الوزارة بمقرها في الرباط، خصص لتقديم حصيلة ما أنجز في هذا القطاع، على أهمية الملكية التي تنعم بها بلاده في ضمان العدل «لأنها تقوم بدور محوري في هذا المجال ولا تنحاز إلى أي طرف». وقال إنه «إذا فسد القضاء انتهى كل شيء».
وأشاد ابن كيران بما حققته وزارة العدل من نتائج في مسار إصلاح منظومة العدالة، ووصف ما قامت به بأنه «عمل كبير»، كما أثنى ابن كيران على الرميد «لتوفره على مجموعة من الصفات قلما اجتمعت في شخص غيره مثل النزاهة والشجاعة وقوة الرأي والتفاني الكبير في العمل»، وقال إنه يتمنى أن يطول بقاؤه على رأس الوزارة لأنه سيقدم خدمة كبيرة للوطن. وأضاف مخاطبا مسؤولي الوزارة «لا تضيعوا فرصة وجود وزير بهذه المواصفات لخدمة البلاد».
واختزل ابن كيران مفهوم العدل في «أن يشعر الناس به». وتطرق، في هذا السياق، إلى حادث إطلاق نار، قال إنه تعرض له في فرنسا عام 1995 أمام مسجد، وراح ضحيته أحد المصلين رغم أنه كان المستهدف، دون ذكر تفاصيل، وأبدى إعجابه بالقضاء الفرنسي الذي اهتم بالقضية، وجرى تعويضه على مصاريف السفر بما فيها تذكرة الطائرة التي أقلته إلى فرنسا وحتى تذاكر القطار.
وأوضح ابن كيران أن المغرب قادر على أن يكون نموذجا وأن ترتفع صورته في أوروبا وأميركا والخليج وأفريقيا.
من جانبه، استعرض الرميد مختلف المراحل التي قطعها مشروع إصلاح القضاء الذي شرع في تنفيذه قبل أكثر من سنة، وتعهد بمواصلة تنفيذ مختلف التوصيات التي جاء بها ميثاق إصلاح منظومة العدالة في مجال تعزيز استقلالية القضاء، ومحاربة الرشوة والفساد في هذا القطاع، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، والنهوض بوضعية المحاكم.
وعد الرميد اللقاء مع رئيس الحكومة لتقديم حصيلة وزارته بمثابة «تقديم حساب» في نصف الولاية التشريعية. بيد أن ابن كيران رد على أن الأمر لا يتعلق بتقديم حساب، لأنه عندما جرى تعيين الوزراء إبان تشكيل الحكومة منحهم تفويضا ليقوموا بدورهم على أحسن وجه، وتعهد بدعمهم إذا ما احتاجوا إلى مساندته. وأقر الرميد بضعف تعاون المواطنين في التبليغ عن المخالفين، مشيرا إلى أنه جرت إحالة 56 قاضيا إلى المجلس الأعلى للقضاء بسبب مخالفات ارتكبوها.
وأشار الرميد إلى أن عدد القضاة ارتفع بنسبة 23 في المائة ما بين 2009 و2014 ليصل إلى أربعة آلاف و44 قاضيا وقاضية، الأمر الذي مكن من تحسين مؤشر عدد القضاة لكل 100 ألف مواطن في المغرب ليصل إلى 12.40 في المائة، وهي نسبة مهمة وفقا للمعايير الدولية.
ودعا الرميد إلى تجاهل «التشكيك والتشويش» في مشروع إصلاح القضاء، في إشارة إلى موقف «نادي القضاة» من القانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والنظام الأساسي للقضاة اللذين أعدتهما الوزارة بالتشاور مع مختلف الجمعيات المهنية والمؤسسات المعنية، واللذين أحيلا إلى الأمانة العامة للحكومة في انتظار إحالتهما إلى المجلس الوزاري للتصديق.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.