أعاد مقتل الرقيب في الجيش اللبناني علي القاق قبل يومين في دمشق بسوريا، في «جريمة ثأرية» على أيدي أشخاص من عشيرة آل جعفر، واقع العشائر في لبنان، ولا سيما في منطقة البقاع وبعلبك – الهرمل، حيث لا سلطة تعلو فوق سلطة هذه العائلات.
لكن طبيعة هذه الجريمة التي تخطّت مسألة الثأر لتصل إلى الانتقام من السلطة، طرحت علامات استفهام إضافية حول دور الدولة في هذه المناطق بالتحديد التي تخضع في معظمها لسلطة ما يسمى «حزب الله»، ويعترف المسؤولون بخروجها عن سلطة الدولة.
وفي حين يؤكد النائب في كتلة ما يسمى «حزب الله» الوليد سكرية، أن «الحزب يبذل جهودا كبيرة على خط التخفيف من هذه الظاهرة، ويطالب الدولة بالقيام بدورها في هذا الإطار في هذه المنطقة»، تعتبر الباحثة في علم النفس الاجتماعي منى فياض، أن وجود طرف في لبنان كـ«حزب الله» يكسر هيبة الدولة والحدود عبر سيطرته على مناطق بعينها، ويحمي بذلك هذه العشائر ويقاتل أيضا إلى جانب دولة أخرى، يؤكد أن الدولة بدأت تتآكل ويمنح لهذه العشائر ذريعة إضافية للامتثال بهذا الحزب».
وتقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في ظل العنف الاجتماعي في الدولة تتخذ هذه العشائر مناسبة لفرض سلطتها عبر أساليب عدة، وها هي اليوم تجاوزت مبدأ الثأر الشخصي إلى الثأر من الدولة نفسها، بكسر القوانين الأساسية التي تنظم العلاقات بين المواطن ومؤسسات الدولة، فكان قتل العسكري بعدما قام بواجبه، وهو ما قد يحصل مع قاضٍ حكم على مجرم».
من هنا، تعتبر فياض أن الدولة اليوم باتت أمام اختبار حقيقي بعد بدء ظهور معالمها التي كانت مفتقدة، عبر انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، ما يضع أيضا «حزب الله» أمام هذا الامتحان بعدما أعلن مرات عدة أنه يرفع الغطاء عنهم، رغم أنهم يحتمون في منطقة خاضعة للحزب، مضيفة «إذا كان جادا في هذا الأمر فليسلمهم إلى الدولة».
في المقابل، يرى سكرية أنه عندما تتمادى العشيرة وتأخذ ثأرها من الدولة عندها يبدو واضحا ضعف الدولة التي عليها أن تضرب بيد من حديد لتردع أفعالا كهذه، معتبرا أن هذا الأمر يحتاج إلى قرار سياسي بالدرجة الأولى وإمكانات كافية من قبل القوى الأمنية وكثيرها بشكل خاص. ويقول «حتى العامل الديني لم يستطع أن يتغلب على عادات العشائر التي تلعب دورها كدولة مستقلة تحصل على حقها بيدها»، مضيفا: «أما وقد وصل الأمر إلى الانتقام من عسكري قام بواجبه فهذا يعني تحديا من العشيرة للدولة، فهذه إشارة خطيرة لا بد من مواجهتها قبل تفاقمها بشكل أكبر».
وينفي سكرية الاتهامات التي تحمّل «حزب الله» مسؤولية التفلت الأمني في مناطق البقاع والهرمل، قائلا «على العكس من ذلك سبق (حزب الله) ولا يزال عبر جهات عدة، ومنها، رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، لمكافحة هذه الظاهرة، ونجح في مرات عدة بوقف جرائم مماثلة، عبر تسليم المطلوبين إلى الدولة لمحاكمتهم عبر القانون».
وكان الرقيب علي القاق قد قتل من جراء تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلحين خلال وجوده بمأذونية في منطقة السيدة زينب - دمشق، بحسب ما أعلنت قيادة الجيش. وبحسب المعلومات، فإن هذه الجريمة جاءت انتقاما لمقتل أحد أبناء آل جعفر قبل ثلاثة أشهر، خلال مروره على حاجز للجيش على طريق الهرمل، بحيث إن العائلة تتهم العسكري القاق بالضلوع في مقتل ابنها.
وفي حين أكدت القيادة، أن الجيش لن يسكت عن هذا العمل الإجرامي الجبان، وسيلاحق القائمين به والمحرضين عليه أينما كانوا، حتى إلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة، استمرت يوم أمس، عمليات الدهم في بلدة القصر في الهرمل بحثا عن متورطين في حادثة الاغتيال، حيث تم توقيف 5 أشخاص وضبطت بحوزتهم كمية من الأسلحة الفردية والذخائر والأعتدة العسكرية المتنوعة.
«جريمة الثأر» في لبنان تتجاوز العائلة إلى سلطة الدولة
مقتل عسكري على أيدي أفراد عشيرة آل جعفر في بعلبك انتقامًا لابنها
«جريمة الثأر» في لبنان تتجاوز العائلة إلى سلطة الدولة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة