تأجيل وقف إطلاق نار شامل في سوريا بانتظار «المشاورات»

مصادر دبلوماسية تركية: إيران وافقت على المقترح ومناقشة التفاصيل مستمرة

تأجيل وقف إطلاق نار شامل في سوريا بانتظار «المشاورات»
TT

تأجيل وقف إطلاق نار شامل في سوريا بانتظار «المشاورات»

تأجيل وقف إطلاق نار شامل في سوريا بانتظار «المشاورات»

أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو التوصل إلى مقترح مع روسيا بشأن وقف إطلاق النار في سوريا قريبا والبدء في مفاوضات الحل السياسي. غير أن موسكو الشريك المفترض في هذا الاتفاق، التزمت الصمت أمس، متحفظة على التعليق بحسب الناطق باسم الكرملين لـ«عدم توفر معلومات كافية»، في الوقت الذي تسربت فيه معلومات عن أنه بموجب اتفاق إطار بين الدول الثلاث، يمكن تقسيم سوريا إلى قطاعات غير رسمية من النفوذ الإقليمي، وأن يظل الأسد رئيسا لبضع سنوات على الأقل.
وأكد جاويش أوغلو تمسك أنقرة بموقفها إزاء سوريا وإصرارها على أن الحل الوحيد للأزمة هو الحل السياسي وأن رأس النظام السوري بشار الأسد «مستحيل» أن يكون جزءا من هذا الحل، من دون أن يوضح إن كان الأسد جزءا من الخلاف حول الاتفاق الأخير بين أنقرة وموسكو.
وبحسب ما نقلت «رويترز»، قال جاويش أوغلو للصحافيين على هامش حفل تسليم جوائز بالقصر الرئاسي في أنقرة: «هناك نصان جاهزان بشأن حل في سوريا. أحدهما عن حل سياسي والآخر عن وقف لإطلاق النار. يمكن تنفيذهما في أي وقت».
وأوضح أنه سيتم استبعاد المنظمات الإرهابية من وقف إطلاق النار، كما أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري لن يشارك في مفاوضات آستانة التي ستجرى في العاصمة الكازاخية بين الأطراف السورية بناء على اتفاق روسي تركي إيراني.
وقالت مصادر في وزارة الخارجية التركية، إنه كان من المخطط أن يبدأ وقف إطلاق النار الليلة الماضية، لكن قد يتأخر ليوم أو يومين حسب المشاورات بين مختلف الأطراف، وشدد على أن تركيا ترغب في أن ينفذ الاتفاق مباشرة.
وذكرت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن المقترح حظي بموافقة كل من تركيا وروسيا وإيران وأنه يتضمن توسيع وقف إطلاق النار في سوريا والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لجميع المحاصرين في أنحاء البلاد.
وقالت مصادر لـ«رويترز»، إنه بموجب اتفاق إطار بين الدول الثلاث يمكن تقسيم سوريا إلى قطاعات غير رسمية من النفوذ الإقليمي، وأن يظل الأسد رئيسا لبضع سنوات على الأقل.
وفي موسكو، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جوانب تسوية الأزمة السورية مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي، في اجتماع عُقد يوم أمس، بعد ساعات على إعلان وزير الخارجية التركي توصل أنقرة وموسكو لاتفاقين حول وقف إطلاق النار في سوريا، والعملية السياسية لتسوية الأزمة هناك.
وكان ديميتري بيسكوف، الناطق الصحافي باسم الرئاسة الروسية قد قال إن اجتماع مجلس الأمن القومي شهد «بحثا مفصلاً لمختلف جوانب التسوية السورية. كما جرى بحث جملة من القضايا الداخلية الملحة». وفي تصريحات له قبل الاجتماع لم يتمكن بيسكوف من التعليق على تصريحات وزير الخارجية التركي، وقال للصحافيين: «لا يمكنني التعليق على الأمر، لا تتوفر لدي المعلومات الكافية»، لافتًا في الوقت ذاته إلى «اتصالات تجري بصورة دائمة مع الزملاء الأتراك، حيث يجري بحث مختلف الصيغ الممكنة للحوار الذي يخطط إطلاقه في آستانة»، موضحا «هذا كله يجري في إطار البحث عن تسوية سياسية للأزمة السورية».
في شأن متصل أجرى ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي محادثات في موسكو، يوم أمس، مع السفير التركي لدى روسيا. وقالت الخارجية الروسية إن «المحادثات تناولت شتى جوانب جدول الأعمال الإقليمي، مع التركيز على الوضع في سوريا ومن حولها، بما في ذلك مشكلات التعاون بين موسكو وأنقرة في جملة مسائل التسوية السورية، في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال لقاء وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران في موسكو يوم 20 ديسمبر (كانون الأول)».
وقال مسؤول حكومي تركي كبير، أمس، إن المناقشات المستقبلية من المرجح أن تبحث دور الأسد. وقال المسؤول: «نولي أهمية لتشكيل حكومة انتقالية تحقق مطالب الشعب السوري... وسيجري في الفترة المقبلة بحث ما إذا كان الأسد سيشارك في هذه الحكومة أم لا».
وتابع المسؤول يقول إن الأسد لن يحضر محادثات آستانة التي من المرجح أن تجرى على مستوى وكلاء الوزارة (على أعلى تقدير).
وأشارت المصادر التركية، إلى أن تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار حال إعلانه يحتاج إلى التزام من جميع فصائل المعارضة المسلحة، وكذلك من الفصائل المدعومة من بعض الأطراف، في إشارة إلى الميليشيات الموالية لإيران ومقاتلي ما يسمى «حزب الله في سوريا». وقالت إن المقترح يتضمن توسيع نطاق وقف إطلاق النار وإجلاء السكان في مدينة حلب ليشمل عموم الأراضي السورية، وسيتم عرضه على أطراف الأزمة في سوريا.
وقالت المصادر، بحسب «الأناضول»، إن المقترح المذكور يهدف لتطبيق وقف إطلاق النار في جميع مناطق الاشتباكات بين النظام السوري والتنظيمات الأجنبية الإرهابية الموالية له من جهة والمعارضة من جهة أخرى.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن أنقرة وموسكو ستبذلان جهودًا حثيثة لإدخال وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة حيّز التنفيذ اعتبارًا من (الليلة الماضية) بحيث يستثني التنظيمات الإرهابية. وفي حال نجاح وقف إطلاق النار، ستنطلق مفاوضات سياسية بين النظام السوري والمعارضة في آستانة عاصمة كازاخستان برعاية روسية تركية.
وأشارت المصادر إلى أن تركيا وروسيا تهدفان من خلال ضمانهما للعملية، إلى المساهمة في المفاوضات ضمن عملية الانتقال السياسي، التي ينص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
من جانبه قال ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم المتحدث باسم الحزب إن تركيا عازمة على التوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف الوضع المأسوي في سوريا بحلول عام 2017.
ولن تشمل المحادثات الولايات المتحدة وستكون منفصلة عن المفاوضات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة.
وفي برلين قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن ألمانيا تدعم أي جهود لحل الصراع بالأساليب السياسية، وأضاف أن الأمم المتحدة لها دور مهم أيضا يتعين أن تلعبه. وقالت وزارة الخارجية الروسية، أمس، إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا تحدث هاتفيا مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ودعم جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإجراء محادثات سلام جديدة.
ولن تشمل المحادثات الولايات المتحدة وستكون منفصلة عن المفاوضات التي تتوسط فيها الأمم المتحدة.
وفي برلين قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن ألمانيا تدعم أي جهود لحل الصراع بالأساليب السياسية، وأضاف أن الأمم المتحدة لها دور مهم أيضا يتعين أن تلعبه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».