أهالي «وادي بردى» يرفضون «المصالحة» ويحذرون من «كارثة مائية»

المعارضة: أمن المنطقة من أمن دمشق المائي

أهالي «وادي بردى» يرفضون «المصالحة» ويحذرون من «كارثة مائية»
TT

أهالي «وادي بردى» يرفضون «المصالحة» ويحذرون من «كارثة مائية»

أهالي «وادي بردى» يرفضون «المصالحة» ويحذرون من «كارثة مائية»

رغم الحصار والأوضاع الصعبة التي يعيشونها، يؤكد أهالي وادي بردى المحاصرون، رفضهم الرضوخ للضغوط التي يتعرضون لها من قبل النظام للقبول بـ«المصالحة» والتهجير القسري من منطقتهم، وأطلقوا صرخة استغاثة مناشدين المجتمع الدولي بالتدخل السريع لإنقاذ ما تبقى من مؤسسة مياه عين الفيجة التي تؤمن مياه الشرب لأكثر من ستة ملايين شخص في العاصمة دمشق وريفها.
ويأتي ذلك في ظل الحملة العسكرية التي بدأها النظام قبل أيام واستمرار انقطاع المياه عن مدينة دمشق لليوم الرابع على التوالي.
وتتعرض قرى المنطقة لليوم الخامس على التوالي لقصف مكثف وسط اشتباكات عنيفة على الجبهات، بحسب ما يقول أبو محمد البراوي، الناطق باسم الهيئة الإعلامية في وادي بردى، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «الحملة العسكرية التي تكثفت في 22 من الشهر الحالي كانت قد بدأت قبل نحو عشرة أيام عندما حاصر النظام بشكل كامل المنطقة عبر قطع كل الطرقات التي تؤدي إليها، وبدأ التركيز على قريتي بسيمة وعين الفيجة، إذ تشكّل الأولى بوابة وادي بردى بالنسبة إلى النظام والثانية مصدر المياه بالنسبة إلى العاصمة». ولفت إلى وقوع اشتباكات عنيفة على جبهة البسيمة بين قوات النظام والمعارضة، أفشلت محاولات النظام لاقتحامها.
وأكّد أن عين الفيجة خرجت عن الخدمة بنسبة 75 في المائة بعد استهدافها بأكثر من 30 برميلا متفجرا، وهو ما أكده خبراء في المنطقة بعد الكشف عليها، بحسب البراوي، لافتا إلى أن استمرار الحملة لأيام عدة إضافية من شأنه أن ينعكس كارثة على المنطقة. وأكد أن النظام بحملته هذه على المنطقة يحاول تنفيذ تهديده وإخضاع أهالي وادي بردى للتهجير القسري، وأوضح أنّ المسؤول الأمني في الحرس الجمهوري كان قد عرض على المنطقة الموافقة على المصالحة على غرار بعض مناطق ريف دمشق، لكنه لاقى رفضا قاطعا من الأهالي الذين أكدوا أن «أمن قرى وادي بردى بات من أمن دمشق المائي».
من جهته، قال الناشط سبع القلموني لـ«شبكة شام»: «في اليوم الخامس (يوم أمس) من هجوم قوات النظام وميليشياته تم تدمير دبابتين وتركس على جبهة وادي بسيمة، وتم أسر عنصرين من قوات النظام وسحب الكثير من الجثث من قبل عناصر الجيش الحر».
من جهته، حذّر أبو الجود القلموني المتحدث باسم الهيئة الثورية لمدينة يبرود من كارثة إنسانية تنتظر دمشق وريفها، وقال لـ«الشبكة»: «ليس هناك بدائل للنظام السوري عن نبع عين الفيجة إلا بعض آبار صغيرة تغذي مناطق قليلة جدا، ومحطة المياه أصبحت خارج الخدمة بشكل نهائي».
وفي بيان لها أكدت الهيئات والمؤسسات في وادي بردى «على ضرورة الضغط على القوى الداعمة للنظام والميليشيات الطائفية الموالية، لوقف الهجمات على الأرض والسكان، والتي تتسبب بمجزرة بحق أكثر من 110 آلاف مدني محاصرين في المنطقة، وغور مياه نبع عين الفيجة التي تمد سكان دمشق بالمياه».
كما أكد البيان على رفض أي شكل من أشكال التهجير القسري لسكان المنطقة الذي يأتي ضمن سياسة التغيير الديموغرافي التي ينتهجها النظام في ريف دمشق وسوريا عامة، وضرورة إيجاد اتفاق مناسب يضمن سلامة المدنيين في المنطقة، والسماح للجهات الدولية بإدخال ورشات صيانة وإصلاح النبع وإبقائه تحت الإدارة المفوضة من قبل أهالي المنطقة.
وأوضح البيان أن قوات النظام ومنذ أربعة أيام توعدت أهالي قرى وادي بردى بالمذبحة والتهجير من بلداتهم، تبعها حملة قصف عنيفة من الطيران المروحي والمدفعية الثقيلة طالت بأكثر من 100 برميل بقعة جغرافية لا تتجاوز ثمانية كيلومترات، ما أدى لسقوط العشرات من المدنيين بين جريح وقتيل، كما تسبب القصف بخروج المستشفيات والمؤسسات المدنية العاملة في المنطقة عن الخدمة، وتضرر مضخات نبع عين الفيجية والعنفات الأمر الذي أسفر عن تضاؤل منسوب مياه النبع بسبب تعرضه للقصف بالبراميل.
ووقع على البيان كل من «المجلس المحلي في وادي بردى، الهيئة الإغاثية في وادي بردى وما حولها، الدفاع المدني في وادي بردى، الهيئة الطبية في وادي بردى، مؤسسة بردى الخير، مؤسسة غوث بردى، الهيئة الإعلامية في وادي بردى».
كذلك، أكد ناشطون أن القصف الكثيف والمباشر الذي تعرضت له منشأة نبع عين الفيجة تسبب بضياع نحو ثلث مياه النبع في باطن الأرض، مؤكدين أن استمرار القصف لعدة أيام إضافية سوف يؤدي إلى حدوث كارثة مائية، وسيكون مصير مياه النبع الضياع في باطن الأرض بشكل كامل.
كما تسبب القصف أيضا بخروج المكتب الإعلامي والهيئة الطبية ومكتب الدفاع المدني وعيادة العلاج الفيزيائي والمقسم المركزي، عن الخدمة بشكل نهائي، ووجود إصابات وشهداء بين صفوف كوادر هذه المكاتب والمنشآت.
ويضم وادي بردى قرابة 13 قرية بريف دمشق الغربي، تسع منها تحت سيطرة المعارضة محاطة بجبال عالية تتمركز فيها قوات النظام من الحرس الجمهوري والوحدات الخاصة، وقوات لما يسمى «حزب الله» اللبناني، وتشهد حصارا كبيرا من كل المحاور.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.