الأمم المتحدة جامعة العالم المفتوحة

سمير صنبر يكتب من داخلها بعد تجربة 33 عامًا

سمير صنبر
سمير صنبر
TT

الأمم المتحدة جامعة العالم المفتوحة

سمير صنبر
سمير صنبر

لا يمكن تصنيف كتاب «داخل الأمم المتحدة... في عالم بلا قيادة»، الصادر بالإنجليزية، للدبلوماسي والكاتب سمير صنبر. أهو سيرة ذاتية دبلوماسية، أو سيرة للأمم المتحدة، التي يسميها أكبر جامعة مفتوحة في العالم؟
الكتاب هذا وذاك، فالتاريخ الشخصي لصنبر وتاريخ هذه المنظمة الدولية متداخلان لدرجة يصعب معها الفصل بينهما. فقد عاصر المؤلف خمسة أمناء عامين: يو ثانت، وهو الأمين العام الثالث (1961 - 1971)، وخلفه كورت فالدهايم (1972 إلى 1981)، وخافيير بيريز دي كويلار (1982 - 1991)، وبطرس غالي (1992 - 1996)، وأخيرا كوفي أنان (1997 - 2006). وعمل معهم في وظائف ومواقع مختلفة، واطلع على كل المكشوف والمخفي، وهو كثير، خلال عمله في هذه المنظمة الدولية على مدى ثلاثين عاما.
إنه يسرد مذكراته في هذا الكتاب مثل «مفتش دولي عام»، حسب تعبير الزميل سمير عطا الله، فقد دخل «القاعات المغلقة، وهمس إليه الضيوف والسياسيون والمراسلون بالمعلومات... وتراه في كل مكان من المبنى الأزرق: مجلس الأمن، الجمعية العامة، وفي العواصم التي انتدب إليها مبعوثا خاصا».
في مثل هذه الأجواء، وأبعد من الأروقة، التي يندمج فيها التاريخ والفن، إذ تجاور نقوش أول اتفاقية سلم قبل 3000 سنة لوحات بابلو بيكاسو، ومارك شيغال، وهنري ماتيس، وسيلفادور دالي، وهنري مور، وغيرهم، وما وراء التغطيات الصحافية، والبيانات، والخطب، والبيروقراطية، يتعلم المرء دروسا كثيرة من تجربة العمل اليومي في المنظمة الدولية، التي يعتبرها الكاتب «أكبر جامعة مفتوحة في العالم». الدرس الأهم، هو التواضع: «فمهما كانت فكرتك عن نفسك، ستكتشف سريعا أن هناك دائما شخصا أكثر أهمية، ومهما تتصور إنجازك، فمن المؤكد أنك تلتقي شخصا أفضل إنجازا، وإذا شعرت أن سفيرا ما مميز جدا، فعليك أن تنتظر حتى تراه مع وزير خارجية. وهذا ينطبق على وزير الخارجية نفسه حين يصل رئيسه. ثم راقب هذا الرئيس، أو الرئيسة، عندما يقابلان نظيرهما من قوة كبرى». إنها مدرسة. كل شخص فيها، بكلمات صنبر، تلميذ ومعلم. في هذه المدرسة تختلط الشخصيات والجنسيات ضمن حدود متفق عليها، ولو ضمنا. والكل يتعلم من الكل، ليس فقط من خلال تجارب الآخرين، بل أيضا من خلال اكتشاف طرق لم تطرق من قبل.
ويتحدث لنا صنبر عن الأمناء العامين الذي عمل معهم من هذه الزاوية، زاوية التواضع الإنساني. فأكثرهم تواضعا كان غالبا أكثرهم أهمية، كما في حالة يو ثانت، الذي كان يصغي لوجهات نظر موظفي طاقمه ذوي المراتب الأدنى، وهو ينتظر نشرات الأخبار. وخافيير بيريز دي كويلار، الذي كان يتصل تليفونيا للاطمئنان على سلامة أفراد الفريق الذي أرسل في مهمة خطرة، أو بطرس بطرس غالي الذي كان يستمتع بالنقاش حول أحد كتبه المفضلة من كتب الأمم المتحدة الزرقاء، وهي نسخة حول مناهضة العنصرية، أراد أن يهديها لنيلسون مانديلا. (الكتاب الأزرق هو عموما كتاب تصدره الحكومة حول قضية ما. ويعد مثل هذه الكتب مكتب البروتوكول والعلاقات في الأمم المتحدة لأغراض المعلومات فقط).
والدرس الآخر الذي يتعلمه المرء من تجربة هذه الجامعة المفتوحة، هو أننا جميعا بشر، بأخطائنا وضعفنا وهفواتنا. لكن العمل كفريق يعطي نتائج أفضل، فـ«الشكوك الأولية، والخجل، وحتى الغطرسة يتم التغلب عليها من خلال جرعات يومية من الدفء الإنساني والاهتمام المشترك».
ولكن «مسرح العالم هذا»، بتعبير صنبر، يعاني من صعوبات كثيرة غير مرئية من الخارج، وأهمها الصعوبات المالية، التي تعيق تحقيق أهدافها، وبخاصة فيما يتعلق بالسلام العالمي، والتنمية البشرية، وهما هدفان رئيسيان من أهدافها، إضافة إلى التحديات الأخرى، الإرهاب، والعنف الطائفي، والهجرة، التي لا تلقى استجابة كبيرة تتناسب مع حجمها وخطورتها.
أما بالنسبة للهدف الأول، وهو حفظ السلام «في عالم متشظ بلا قيادة»، فهو ليس فقط لم يتحقق، بل وصل إلى درجة حرجة، والحال نفسه ينطبق على الهدف الثاني أيضا، بسبب أن الاعتمادات المخصصة لذلك تصرف على موجات اللاجئين المتزايدة. وهذه المشكلة، يقول، صنبر، يعترف بها كبار المسؤولين في المنظمة الدولية، وهي تتطلب مساعدات أكثر بكثير. لكن الحكومات تعيد تكرار التزاماتها السابقة، وهي غالبا لا تفي بها.
ورغم كل هذه الموضوعات التي تصدّع البشرية، فإن صنبر لا ينسى كواليس مسرح العالم هذا، حيث يحدِّث بكثير من الطرائف المتولدة من سوء الفهم، نتيجة اختلاف الثقافات واللهجات والعادات، وحتى معاني الكلمات، أو تشابهها، التي تعني عند شعب شيئا، وتعني شيئا مختلفا، قد يكون محرجا، عند شعب آخر، وبخاصة عند الشعوب الأوروبية ذات الشجرة اللغوية الواحدة. ولا يكاد فصل من فصول الكتاب، البالغ 401 صفحة من الحجم المتوسط، يخلو منها. يلتقط المؤلف صنبر التفاصيل الصغيرة، ودلالاتها، بحسه الصحافي، ورهافة كاتب القصة القصيرة، التي أصدر فيها مجموعة واحدة، ثم خطفه عالم الدبلوماسية السحري.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.