مئات التونسيين يتظاهرون أمام البرلمان رفضًا لعودة المتطرفين

الداخلية تؤكد عودة 800 متشدد إلى البلاد ووجود آخرين لا تتوافر حولهم أي معلومات

جانب من المظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية أمس أمام البرلمان احتجاجًا على عودة المتطرفين (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية أمس أمام البرلمان احتجاجًا على عودة المتطرفين (أ.ف.ب)
TT

مئات التونسيين يتظاهرون أمام البرلمان رفضًا لعودة المتطرفين

جانب من المظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية أمس أمام البرلمان احتجاجًا على عودة المتطرفين (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها العاصمة التونسية أمس أمام البرلمان احتجاجًا على عودة المتطرفين (أ.ف.ب)

نظمت مجموعة من منظمات المجتمع المدني، أمس، أمام مجلس نواب الشعب (البرلمان) وقفة احتجاجية للتعبير عن رفضها قبول الإرهابيين التونسيين في حال عودتهم إلى تونس من بؤر التوتر، مثل سوريا وليبيا والعراق.
وجاء تصريح هادي المجدوب، وزير الداخلية التونسية، وتأكيده عودة نحو 800 تونسي من بؤر التوتر، وتوافر المعطيات كافة المتعلقة بهم لدى أجهزة الأمن، لتعيد إلى حلبة النقاش ملف عودة المقاتلين إلى واجهة الجدل السياسي.
وشكل تصريح المجدوب بخصوص «إمكانية وجود عدد آخر لا تتوافر حولهم أي معلومات» من المتطرفين العائدين من بؤر التوتر مبعث خوف على أمن تونس واستقرارها.
وفي وقت سابق، دعت منظمات وأحزاب سياسية وهياكل نقابية أمنية إلى سحب الجنسية التونسية من كل من تورط مع التنظيمات الإرهابية داخل تونس أو خارجها، إلا أن هذا المقترح قوبل بالرفض من أطراف سياسية ومنظمات حقوقية عدة. وفي هذا الصدد، قال نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة، إنه «لن تتم محاسبة هؤلاء التونسيين إلا في إطار قانون مكافحة الإرهاب»، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته قيادات من حزب النداء، الحليف الرئيسي لحركة «النهضة» في الائتلاف الحاكم.
وتقدر السلطات عدد التونسيين الموجودين في بؤر التوتر بنحو 3600 متطرف، إلا أن تقارير منظمة الأمم المتحدة والمراكز المختصة في الملفات الإرهابية تشير إلى أن عددهم أكثر من ذلك بكثير؛ إذ يقدر بنحو عشرة آلاف عنصر إرهابي. فيما تشير مصادر أمنية تونسية إلى منع نحو 12 ألف شاب من الالتحاق ببؤر التوتر في الخارج خلال السنوات الأخيرة.
وكانت تصريحات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لوسائل إعلام أجنبية بشأن عدم قدرة الدولة على منع المتشددين من العودة إلى البلاد بمقتضى نص الدستور التونسي قد خلفت موجة استنكار، ورفض من قبل منظمات المجتمع المدني، وأثارت جدلا واسعا بين الأطراف السياسية المتخوفة من عدم جاهزية تونس على التعامل مع ملف «التائبين» العائدين من بؤر التوتر.
وعلى صعيد متصل بحقوق الإنسان، حذرت 11 منظمة تونسية مما أسمته «الانحرافات في حقوق الإنسان والحريات الأساسية في تونس»، ونبهت خلال الملتقى الثاني لمنظمات المجتمع المدني الملتئم بالحمامات (60 كلم شمال شرقي العاصمة) إلى أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية تمثل خطا أحمر لا يمكن الالتفاف عليها تحت أي مبررات. وأكدت من خلال بيان وقعته 11 منظمة، من بينها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ونقابة الصحافيين التونسيين أن الانحرافات تتجلى من خلال تصاعد منع الصحافيين ومراسلي وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الأحداث، والتحجج بموضوع التراخيص لتسليط ضغوط إضافية عليهم، ولمحت إلى عودة تدخل السلطات التونسية في وسائل الإعلام الخاصة والعامة في محاولة لوضع اليد عليها، على حد تعبيرها، مشيرة إلى تواتر محاكمات الصحافيين وإحالتهم وفق قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015، والتضييق على حق التجمع والتظاهر واعتداء الأمن على المتظاهرين، وبخاصة من أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل، علاوة على تسجيل عدد من عمليات التعذيب داخل مراكز الإيقاف والسجون في مخالفة للقوانين المحلية والمعاهدات الدولية، التي وقعت عليها تونس.
ودعت هذه المنظمات في ختام هذا الملتقى إلى عدم استعمال مكافحة الظاهرة مطية للالتفاف على مكاسب حرية التعبير في تونس، والعودة إلى سلطة البوليس السياسي، على حد تعبيرها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.