ليبيا تحتفل بذكرى استقلالها الـ«67» وسط فوضى سياسية مستمرة

حكومتا الغويل والثني تشككان في رواية مالطا حول ملابسات خطف الطائرة

ليبيا تحتفل بذكرى استقلالها الـ«67» وسط فوضى سياسية مستمرة
TT

ليبيا تحتفل بذكرى استقلالها الـ«67» وسط فوضى سياسية مستمرة

ليبيا تحتفل بذكرى استقلالها الـ«67» وسط فوضى سياسية مستمرة

وسط استمرار الأزمة السياسية والعسكرية في البلاد، احتفلت ليبيا أمس بالذكرى السنوية السابعة والستين لاستقلالها عام 1949، فيما دعا رئيس بعثة الأمم المتحدة الليبي مارتن كوبلر، إلى جعل العام المقبل سنة العمل والتقدم، مؤكدا أن الأمم المتحدة تدعم وحدة ليبيا وسيادتها.
وحلت هذه الذكرى بعد عام من توقيع اتفاق رعته الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام الماضي، من أجل حل سياسي في ليبيا، بالتزامن مع تجديد ست عواصم غربية دعمها لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، التي لا تزال تواجه صعوبات في بسط سلطتها على البلاد الغارقة في الفوضى.
وهنأت إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة أول من أمس في بيان مشترك «حكومة السراج والشعب الليبي بنجاحهما ضد تنظيم داعش في سرت». وأدانت أي تهديد باللجوء إلى القوة العسكرية في ليبيا خصوصا في العاصمة طرابلس.
وجددت هذه الدول دعوتها إلى حوار سياسي وتوحيد قوات الأمن الليبية، في وقت تنشط في ليبيا مجموعات مسلحة كثيرة وقوات تتبع لسلطات شرق ليبيا التي لا تعترف بحكومة الوفاق في طرابلس.
وعلى الرغم من انتهاء محنة خطف طائرة الركاب الليبية أول من أمس، حيث وصل ركاب طائرة الخطوط الأفريقية على متن طائرة بديلة إلى مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، فإن حكومة الإنقاذ الوطني الموالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، التي يترأسها خليفة الغويل، شككت في الرواية التي أعلنتها السلطات الليبية والمالطية حول تفاصيل عملية الاختطاف. وقالت الحكومة في بيان لها، إن العملية مفبركة، واعتبرت أن هذا «العمل الذي أدى إلى ترويع المدنيين أتى في الوقت الذي تسعى فيه لتحسين صورة الدولة الليبية، وإعادة حركة الطيران الدولي للمطارات».
ورأت حكومة الغويل، غير المعترف بها دوليا والموجودة في العاصمة طرابلس بدعم من ميليشيات مسلحة، أن الهدف من العملية هو تلميع صورة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأم المتحدة برئاسة فائز السراج، وخلق أحداث تلهي الرأي العام المحلي عن الأوضاع المعيشية السيئة، التي تسبب فيها المجلس الرئاسي المقترح، حسب نص البيان.
كما أعربت عن استغرابها من قيام رئيس الحكومة المالطية بدور ما وصفته بـ«المراسل المتابع على مدار الساعة»، في مخالفة للأعراف والبروتوكول السياسي، حسب قولها.
من جهته، قال ناطق باسم الحكومة الانتقالية التي تحظى بدعم من مجلس النواب، الموجود بمدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، إن خاطفي الطائرة طلبوا توفير ممر آمن للجماعات الإرهابية التي تحاصرها قوات الجيش الليبي في منطقة قنفوذة بغرب بنغازي في شرق البلاد.
لكن لم ترد أي تأكيدات من الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر على هذه المعلومات، فيما اجتمع أمس رئيس أركان الجيش الليبي اللواء عبد الرازق الناظوري مع رئيس الأركان الأردني الفريق الركن حمود عبد الحليم الفريحات في مقر رئاسة الأركان الأردنية بعمان، وفقا لما أبلغه العقيد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش، لـ«الشرق الأوسط».
إلى ذلك، منعت السلطات المصرية طائرة ركاب ليبية أقلعت من مطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس من دخول أراضيها، والهبوط في مطار برج العرب قرب الإسكندرية في شمال مصر، حسب ما أعلنت السلطات الملاحية المصرية.
وقالت مصادر مصرية إن المنع تم بعد ساعات من اختطاف مسلحين طائرة ليبية كان على متنها 117 شخصا للشركة نفسها (الخطوط الأفريقية)، وكانت في رحلة داخلية في ليبيا، والهبوط بها في مالطا، قبل أن تنتهي العملية برمتها بسلام ودون ضحايا.
وأعلنت الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية المصرية في بيان مساء أول من أمس عن «عدم السماح للطائرة الليبية التابعة للخطوط الجوية الأفريقية من طراز (إيرباص 320)، والقادمة من مطار معيتيقة بطرابلس بدخول الأجواء المصرية والهبوط بمطار برج العرب»، الواقع على بعد قرابة 50 كيلومترا غرب الإسكندرية على البحر المتوسط.
وفسرت الشركة المصرية المسؤولة عن إدارة شؤون الملاحة الجوية في البلاد قرارها بأن «المطارات الليبية المسموح استقبال رحلات جوية منها إلى مطار برج العرب هي مطارا الأبرق وطبرق، وذلك طبقًا للاتفاق المبرم بين الجانب الليبي وسلطة الطيران المدني المصري»، فيما الطائرة الممنوعة أقلعت من «مطار معيتيقة غير المشمول بالاتفاقية».
وقال مسؤول ملاحي مصري، رفض ذكر اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الطائرة اتصلت ببرج المراقبة في مطار برج العرب، وهي على مشارف الحدود المصرية الليبية عصر أول من أمس، قبل أن تعود أدراجها داخل ليبيا بعد أن تم رفض طلبها بالهبوط في المطار.
ولا تعمل في ليبيا سوى شركات الطيران الليبية، التي يحظر عليها دخول الأجواء الأوروبية. وتقتصر رحلات تلك الشركات على تونس والقاهرة وعمان وإسطنبول والخرطوم.
وتعيش ليبيا حالة من الفوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، حيث تتصارع عدة أطراف وفصائل مسلحة للسيطرة على أجزاء مختلفة من البلاد.
وفي ليبيا حاليا حكومتان، الأولى مدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، والأخرى تتمركز في الشرق ولا تتمتع باعتراف المجتمع الدولي، لكنها تحظى بمساندة قوات كبيرة يقودها المشير خليفة حفتر.
وشكلت بموجب اتفاق الصخيرات حكومة السراج باعتبارها «الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا» في نظر المجتمع الدولي، لكنها تواجه صعوبات جمة في بسط سلطتها على البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».