حنين الروس لا يزال قائمًا للاتحاد السوفياتي رغم ربع قرن من انهياره

شبكات التلفزة والأفلام الروسية ترسم صورة إيجابية عن هذه الحقبة رغم الفظاعات التي تخللتها

مؤيدو وأعضاء الحزب الاشتراكي الروسي يضعون أكاليل من الزهور على قبر جوزيف ستالين في موسكو بمناسبة مرور 137 عامًا على قيام الاتحاد السوفياتي (أ.ف.ب)
مؤيدو وأعضاء الحزب الاشتراكي الروسي يضعون أكاليل من الزهور على قبر جوزيف ستالين في موسكو بمناسبة مرور 137 عامًا على قيام الاتحاد السوفياتي (أ.ف.ب)
TT

حنين الروس لا يزال قائمًا للاتحاد السوفياتي رغم ربع قرن من انهياره

مؤيدو وأعضاء الحزب الاشتراكي الروسي يضعون أكاليل من الزهور على قبر جوزيف ستالين في موسكو بمناسبة مرور 137 عامًا على قيام الاتحاد السوفياتي (أ.ف.ب)
مؤيدو وأعضاء الحزب الاشتراكي الروسي يضعون أكاليل من الزهور على قبر جوزيف ستالين في موسكو بمناسبة مرور 137 عامًا على قيام الاتحاد السوفياتي (أ.ف.ب)

بعد مرور 25 عامًا على انهيار الاتحاد السوفياتي، لا يزال قسم كبير من الروس يأسف لسقوطه، وهو شعور يتقاسمه الكرملين الذي يعمل منذ سنوات عدة على تفعيل المجد، الذي واكب مرحلة قيام هذا الاتحاد.
وردًا على سؤال: «هل تتأسفون على سقوط الاتحاد السوفياتي؟»، والذي جاء في إطار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «ليفادا» المستقلة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رد 56 في المائة بالإيجاب، في حين رد 28 في المائة بالنفي، ولم يبد 16 في المائة أي رأي.
وقال ليف غودكوف، مدير مؤسسة «ليفادا»، إن «المسنين تناسوا الفقر والنقص في مواد حيوية، وباتوا يقدمون صورة مثالية لما كانت الأمور عليه في الحقبة السوفياتية، ليقارنوها بما هو قائم حاليا».
لكن حسب عدد من المحللين والمراقبين، فإنه من الصعب على الشبان الذين لم يعايشوا الحقبة السوفياتية تكوين فكرة عن هذا الاتحاد لجمهوريات اشتراكية مترامية الأطراف، حكمها حزب شيوعي واحد، استنادًا إلى آيديولوجية ماركسية لينينية تواصلت طيلة 70 عامًا. فخلال هذه الفترة حصل تغييب كامل للحريات السياسية والدينية، وأدت سياسة القمع الممنهجة إلى مقتل ملايين الأشخاص إعدامًا بالرصاص، أو في المنافي، أو بسبب الجوع.
وأضاف غودكوف موضحًا أن «لدى الشبان صورة تتسم بالحنين، نقلها إليهم الجيل القديم، تترافق مع كليشيهات آيديولوجية تتناقلها محطات التلفزة».
والسؤال المطروح اليوم هو: «كيف يمكن النظر إلى الاتحاد السوفياتي بعد 25 عاما؟».
كجواب على هذا التساؤل، أوضح ديمتري كيسيليف، صاحب المجموعة الصحافية التابعة للدولة «روسيا سيغودنيا» خلال مقابلة مع تلفزيون «روسيا 24»، إن «الهدف كان إقامة جنة على الأرض، وقد قمنا بكثير في هذا الإطار». وأضاف - في سياق تحقيق أجراه التلفزيون الروسي الرسمي تحت عنوان «الخبرة المفيدة للاتحاد السوفياتي» - أن الحقبة السوفياتية «كانت عبارة عن اختبار اجتماعي ضخم».
وتنقل شبكات التلفزة والأفلام بشكل عام في روسيا صورة إيجابية للاتحاد السوفياتي، سواء عبر وثائق مخصصة للقادة السوفيات السابقين، مثل ليونيد بريجنيف ويوري أندروبوف، أو عبر سلسلة تعرضها حاليا الشبكة الأولى تحت عنوان «عشق سري»، حيث يتم تقديم عناصر الاستخبارات «كي جي بي» المكلفين بملاحقة المنشقين بصورة إيجابية.
بالمقابل، فإن الذين ينبشون الصفحات السوداء لهذا «الماضي السحيق» مثل منظمة «ميموريال» غير الحكومية، سرعان ما يتهمون بأنهم يقومون بأعمال «غير وطنية». وتنكب هذه المنظمة على دراسة عمليات القمع التي جرت خلال الحكم السوفياتي من 1917 إلى 1991. والسؤال الذي يطرح اليوم: «لماذا يهتم الكرملين بالماضي السوفياتي؟».
الجواب هو أن الروس لا يزال لديهم شعور بأن روسيا لا يمكن إلا أن تكون إمبراطورية، وثانيا لأن السلطات بتشديدها على «المثال السوفياتي» إنما تأمل في «وضع روسيا بمواجهة بقية العالم»، لتبرير سياستها القائمة على اعتبار روسيا «القلعة المحاصرة»، حسب ما يقول المؤرخ نيكيتا بتروف من منظمة «ميموريال».
كما أن الخلافات القائمة بين روسيا والغرب، وخصوصا بشأن الملفين السوري والأوكراني، تعيد إحياء سنوات المواجهة خلال الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي ودول الحلف الأطلسي. وحسب مراقبين فإنه لم يتطرق الروس والأوروبيون والأميركيون في السابق إلى احتمالات عودة الحرب الباردة بين الطرفين، بقدر ما يتطرقون إليها اليوم.
ومع أن الاتحاد السوفياتي لم يعد قائمًا، والشيوعية لم تعد عقيدة رسمية، فإن آلاف الشوارع والأنصاب لا تزال تحمل أسماء أبطال من البلشفيك، وعلى رأسهم لينين.
ولا يزال جثمان لينين، باني الاتحاد السوفياتي، محنطًا وممددًا في ضريحه في الساحة الحمراء، أمام أسوار الكرملين، على بعد أمتار من قبر ستالين.
وفي هذا السياق يقول المؤرخ بيتروف: «مع الاحتفاظ برموز الحقبة السوفياتية وإبقاء رفات ستالين ولينين في الساحة الحمراء، تسعى السلطات إلى إقامة رابط بين الأمراء الروس القدامى والأمناء العامين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، للقول إن روسيا لا تزال نفسها ولو بصور مختلفة».
أما المحلل المؤيد للكرملين ديمتري أورلوف، فيرفض هذه القراءة بقوله: «إن السلطات لا تسعى لإعادة الاعتبار للاتحاد السوفياتي، ووجود ستالين ولينين في الساحة الحمراء ليس بالأمر المهم. والشبان ينظرون إلى الضريح على أنه شبيه بأهرامات مصر، أي أنه ينتمي إلى ماض سحيق».
إلا أن فلاديمير بوتين أطلق عام 2005 جملته الشهيرة: «إن سقوط الاتحاد السوفياتي كان أكبر كارثة جيوسياسية في القرن». وبعد فترة أضاف: «إن الذي لا يأسف لسقوط الاتحاد السوفياتي لا قلب له. أما من يريد إعادة بنائه فلا دماغ له».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.