الحريري انتقل إلى السراي الكبير... وحكومته تعقد اليوم أولى جلساتها

وزير الإعلام لـ «الشرق الأوسط»: سندفع ليكون خطاب القسم هو البيان الوزاري

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يستعرض حرس الشرف لدى وصوله إلى القصر الحكومي في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يستعرض حرس الشرف لدى وصوله إلى القصر الحكومي في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

الحريري انتقل إلى السراي الكبير... وحكومته تعقد اليوم أولى جلساتها

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يستعرض حرس الشرف لدى وصوله إلى القصر الحكومي في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري يستعرض حرس الشرف لدى وصوله إلى القصر الحكومي في وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)

انتقل رئيس الحكومة اللبنانية النائب سعد الحريري يوم أمس إلى السراي الحكومي في وسط بيروت، حيث باشر مهامه على أن تعقد حكومته اليوم الأربعاء أولى جلساتها في القصر الجمهوري في بعبدا (شرق بيروت) برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليكون تشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري بندا وحيدا على جدول أعمالها، بانتظار أن تنال على أساسه ثقة مجلس النواب.
ولا يبدو أن مهمة هذه اللجنة ستكون معقدة بخلاف مهمات اللجان التي تشكلت في عهود سابقة، بحيث أكدت مصادر معنية بالملف لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «شبه تفاهم على مضمون البيان الذي سيعتمد على خطاب قسم الرئيس عون الذي ألقاه خلال جلسة انتخابه رئيسا للجمهورية نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، لافتة إلى أن «أيا من الفرقاء لن يكون متشددا في التعاطي مع الموضوع خاصة أن عمر هذه الحكومة محدود، وهي أشبه بحكومة انتقالية مهمتها الأساسية إقرار قانون للانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار) المقبل».
ورجّح وزير الإعلام ملحم رياشي أن «لا يكون هناك أي تعقيدات تواجه عملية إعداد البيان الوزاري خصوصا أن كل المكونات أيدت خطاب قسم الرئيس عون»، لافتا إلى أن حزب «القوات اللبنانية سيدفع باتجاه اعتماد الخطاب المذكور هو نفسه بيانا وزاريا». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان هناك لا بد من تعديلات فهي ستكون بسيطة ولا تتعلق بالقضايا الجوهرية». واعتبر رياشي أن وجود «صقور فريقي 8 و14 آذار على طاولة مجلس الوزراء إنما هو محرك ديناميكي لعمل الحكومة» بعكس ما يعتقد البعض، لافتا إلى أن «هؤلاء الصقور سيزيدون العمل الحكومي فعالية ويعطون الثقة المطلوبة للمواطنين بأنّه يتم التعاطي مع ملفاتهم بالجدية المطلوبة». وأوضح رياشي أن أولويات هذه الحكومة هي خدمة المواطن وإقرار قانون للانتخاب، معبّرا عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق حول الموضوع: «خصوصا في ظل وجود شبه إجماع على القانون المختلط ما بين النسبي والأكثري».
وكان الحريري أعلن في كلمة عقب الإعلان عن تشكيل حكومته مساء الأحد الماضي أنّها ستكون «حكومة وفاق وطني»، متعهدا أن «تضع على رأس أولوياتها المحافظة على الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان في ظل الحرائق التي تعم المنطقة من حوله وعزل دولتنا عن التداعيات السلبية للأزمة السورية».
ولطالما شكّل بند سلاح ما يسمى «حزب الله» بندا خلافيا عند إعداد البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ عام 2005. ففيما يصر الحزب على وجوب تضمين أي بيان ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة»، يرفض معارضوه هذه الصيغة ويحاولون معه إيجاد صيغ «فضفاضة» ترضي الطرفين. وفي خطاب القسم، اعتبر الرئيس عون أن لبنان «السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة»، مشددا على أنّه «يبقى في طليعة أولوياتنا منع انتقال أي شرارة إليه، وإبعاده عن الصراعات الخارجية»، لافتا إلى أن «التعامل مع الإرهاب سيكون استباقيًا وردعيًا وتصديًا، حتّى القضاء عليه». وتناول عون في الخطاب أيضا الصراع مع إسرائيل، فقال: «لن نألو جهدًا ولن نوفر مقاومة، في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوٍّ لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».
وتبنت حكومة الرئيس سعد الحريري التي تشكلت عام 2009 الصيغة التي تقول بـ«حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، واسترجاعها، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه، وذلك بكل الوسائل المشروعة والمتاحة»، وهي الصيغة التي تبنتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في عام 2011، أما حكومة الرئيس تمام سلام فاعتمدت، بعد سجال طويل، صيغة جديدة قالت فيها: «استنادا إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.