تراجع حجم المشاريع التجارية أبرز سمات العقارت السعودية هذا العام

مقاولون: انخفاضها انعكس بشكل مباشر على أداء شركات المقاولات

وصلت المشروعات التجارية السعودية إلى معدلات منخفضة لم تشهدها منذ سنوات (تصوير: خالد الخميس)
وصلت المشروعات التجارية السعودية إلى معدلات منخفضة لم تشهدها منذ سنوات (تصوير: خالد الخميس)
TT

تراجع حجم المشاريع التجارية أبرز سمات العقارت السعودية هذا العام

وصلت المشروعات التجارية السعودية إلى معدلات منخفضة لم تشهدها منذ سنوات (تصوير: خالد الخميس)
وصلت المشروعات التجارية السعودية إلى معدلات منخفضة لم تشهدها منذ سنوات (تصوير: خالد الخميس)

انعكس الأداء المتراجع للقطاع العقاري السعودي بشكل مباشر على معدل إطلاق المشاريع التجارية في السعودية مع قرب انتهاء عام 2016، إذ وصلت إلى معدلات منخفضة لم تشهدها منذ سنوات بحسب تأكيدات خبراء عقاريين، وصفوا العام الحالي بأنه لم يكن جيدًا ربحيًا بعد أن سجلت الأسعار انخفاضًا في القيمة للمرة الأولى منذ موجة الارتفاع التي ضربتها منذ عام 2008.
وتشكلت الظروف الحالية للسوق العقارية السعودية في ظل تضاؤل فرص الشراء وارتفاع الأسعار، ودخول الحكومة في شراكة مع بعض شركات التطوير العقاري لتوفير خيارات غير ربحية للمواطنين، وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء والذي يعتبر الأكثر تأثيرًا في محتكري الأراضي.
وفي هذا السياق، أشار ناصر التويم الذي يمتلك مؤسسة عقارية متخصصة، إلى أن العام الحالي كان صعبًا على المقاولين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع المطورين العقاريين، إذ إن الطلب على أعمال المقاولة المرتبطة بالمطورين انخفض بشكل كبير؛ نتيجة تضاؤل مبيعات المشاريع الإسكانية التجارية، وهو ما ألقى بظلاله سلبًا على التفاؤل بإطلاق مشاريع جديدة، خصوصًا أن البعض يمتلك مشاريع لا تزال معروضة للبيع منذ سنوات.
وأضاف أن الإقبال مع نهاية العام الحالي غير محفز على الإطلاق للبدء بمشاريع عقارية سكنية، إلا أن ذلك لن يكون مؤثرًا من ناحية انخفاض العرض؛ لأن العرض الموجود جيد إلى حد كبير قياسًا بامتناع الناس عن الشراء.
وذكر التويم أن الكثير من شركات التطوير العقاري توقفت بشكل ملحوظ عن إنشاء مجمعات سكنية تجارية، نتيجة تخبط حالة السوق وضبابية الرؤية المستقبلية، بل إن بعض العقاريين تورطوا في إقامة مشاريع كانت تحت الإنشاء في بداية الأزمة في السنوات الخمس الأخيرة، وكان لزامًا عليهم أن يجدوا حلاً لذلك، عبر ترويج بضاعتهم بأسعار يخيل لهم بأنهم خفضوا فيها ليخدعوا المشترين، أو عبر عروض شراء المنزل مقابل إعطاء بعض الهدايا مثل السيارات أو بعض قطع الأثاث، وهو ما يعكس مدى تورطهم بهذه المشاريع، لافتًا إلى وجود أعداد كبيرة من الفلل تجاوز عمرها خمس سنوات ولم يسكنها أحد، كما أن رسوم الأراضي أثرت بشكل كبير في أداء جميع القطاعات العقارية خلال هذا العام.
وظلّ قطاع العقار السعودي لعقود طويلة يسير حرًا دون ضوابط، ما دفع بالأسعار إلى مستويات مرتفعة تجاوزت الضعف خلال العقد الماضي فقط، الأمر الذي جعل الحكومة تتخذ الكثير من التدابير الصارمة للحد من ذلك عبر فرض رسوم على الأراضي البيضاء، والدخول في التطوير العقاري بطرح وحدات سكنية غير ربحية، وهو ما أجبر القطاع العقاري التجاري على التراجع وخفض الأسعار.
وأوضح ربيع الدوسري الخبير العقاري، أن السعودية من أكثر الدول المحتاجة إلى المزيد من الإنشاءات العقارية، لكن التوقف عن المبيعات جعل الشركات الإنشائية الكبرى تؤجل مشاريعها أو تنهيها في ظل حالة الجمود.
ويلفت الخبير العقاري إلى أن مشاريع كبرى توقفت أو ألغيت بسبب نقص سيولة المواطنين، الذين أصبحوا يتفرجون على المباني دون أن تكون لهم القدرة المادية على امتلاكها، رغم تنافس البنوك على تمويلهم لتملك العقارات.
وأضاف الدوسري، أن القطاع العقاري لم يعد جاذبًا للاستثمار رغم تزعمه شتى القطاعات الاقتصادية الأخرى في فترات سابقة.وعن تأثير هذا الركود في الأداء العام للسوق، أكد أن عمليات البناء شبه متوقفة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار المقاولين، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مواد البناء، التي أصبحت تشكل ضغطًا إضافيًا على أداء قطاع لم يعد يحتمل مزيدًا من الضغوطات.
وأوضح الدوسري أن التجار يتوجسون خيفة عن حال السوق في الأعوام القادمة، خصوصًا إذا أُنجزت مشاريع وزارة الإسكان التي وعدت بها، وهو ما يعتبرونه المسمار الأخير في نعشهم.
يذكر أن أسعار العقار السعودي شهدت مستويات مرتفعة من الزيادة، إلا أن ذروتها كانت في السنوات الثمانية الماضية التي وصلت فيها الأسعار إلى ما يزيد على الضعف، وهو ما دفع بالحركة العامة للعقار إلى التوقف بجميع فروعها، باستثناء قطاع التأجير الذي شهد إقبالاً كبيرًا أثر في زيادة القيمة فيه.
أكد ذلك عبد الله المحسن، الذي يمتلك شركة محيسن للتطوير العقاري، الذي أشار إلى أن التقلص يتسيد حالة السوق مؤخرًا وبالتحديد مع نهاية العام، إذ لا يوجد تطور خلال الفترة الحالية أو القريبة؛ لأن المعطيات لا تسير بالشكل المطلوب بل عكس ذلك، رغم محاولات إنعاش القطاع بالتوسع في التمويل، لافتًا إلى أن الطلب لا يزال منخفضًا منذ ثلاث سنوات تقريبًا، ولكن هذا العام كان الأشد توقفًا عن الطلبات، نتيجة تحليق الأسعار خارج قدرة المشترين.
وتابع: «تجب إعادة النظر في الأسعار الحالية للعقارات، لأنه مهما زادت العروض والمغريات فإن المواطن البسيط لا يستطيع امتلاك العقار، إذا أخذ في الاعتبار تمثيلهم شريحة كبيرة من السكان، وستستمر السوق في أدائها المنخفض، إن لم تعد الأسعار إلى طبيعتها»، مبينًا أن تملك الإسكان على رأس أولويات المواطنين، الذين تلاشى لديهم هذا الحلم بسبب ارتفاع الأسعار، الحل الوحيد لعودة القطاع إلى وضعه الطبيعي هو انخفاض الأسعار وليس فتح أبواب التمويل التي قد تسهم في ذلك بشكل محدود مقارنة بالآثار التي سيتركها انخفاض القيمة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».