منافسو بوتفليقة يرفضون نتائج الانتخابات.. وبن فليس يريد تأسيس حزب

توقعات ببقاء المشهد السياسي الجزائري على حاله.. وتعديل الدستور أهم حدث مقبل

أطفال جزائريون يرفعون صورة الرئيس الجزائري بوتفليقة احتفالا بفوزه في الانتخابات أمس (أ.ب)
أطفال جزائريون يرفعون صورة الرئيس الجزائري بوتفليقة احتفالا بفوزه في الانتخابات أمس (أ.ب)
TT

منافسو بوتفليقة يرفضون نتائج الانتخابات.. وبن فليس يريد تأسيس حزب

أطفال جزائريون يرفعون صورة الرئيس الجزائري بوتفليقة احتفالا بفوزه في الانتخابات أمس (أ.ب)
أطفال جزائريون يرفعون صورة الرئيس الجزائري بوتفليقة احتفالا بفوزه في الانتخابات أمس (أ.ب)

رفض عدد من المرشحين الذين نافسوا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات الرئاسة التي جرت الخميس، النتائج التي أعلن عنها وزير الداخلية، وأظهرت فوز بوتفليقة بنسبة كبيرة (81 في المائة)، لكن بنسبة مشاركة متدنية نسبيا (51 في المائة)، مقارنة بالاقتراع الرئاسي السابق (74 في المائة). وعلى عكس انزوائه بعد خسارته أمام بوتفليقة في الاستحقاق الرئاسي السابق، أعلن بن فليس الذي نظم حملة انتخابية جيدة هذه السنة، واستطاع جمع عدد واسع من الشخصيات السياسية حوله، تشكيل حزب سياسي. وبينما توقع محللون بقاء المشهد السياسي على حاله على المدى القصير، فإنهم رأوا أن أهم حدث سيقدم عليه الرئيس الفائز في المرحلة المقبلة هو تعديل الدستور.
وبعد إعلان النتائج الأولية، يبقى أمام المجلس الدستوري مدة أقصاها عشرة أيام، لإعلان النتائج النهائية، بعد دراسة الطعون والفصل فيها، حسب قانون الانتخابات. وأعلن المجلس الدستوري، أمس، أنه «باشر دراسة محاضر اللجان الانتخابية الولائية واللجنة الانتخابية المشرفة على تصويت الجزائريين المقيمين بالخارج، وكذا مختلف الطعون التي وصلت إليه، وعددها 94 طعنا».
وتعليقا على نتائج الانتخابات، قال عمارة بن يونس وزير الصناعة والمتحدث باسم حملة الرئيس بوتفليقة إن الشعب الجزائري هو من قرر أن يكون بوتفليقة رئيسا له. أما مدير حملة بوتفليقة عبد المالك سلال، فقال إن فئات كثيرة من الشعب الجزائري ساندت ترشح بوتفليقة، وساهمت بشكل كبير في فوزه في الانتخابات.
وفي المقابل، أعلن بن فليس أن الانتخابات زُوّرت بشكل واسع، وكشف أنه سيشكل إطارا سياسيا في المستقبل القريب. واتهم بن فليس السلطة بالتخطيط المسبق للتزوير، الذي برز بشكل فاضح قبل الانتخابات، من خلال تحالف بين المال المشبوه وبعض وسائل الإعلام، حسب قوله.
ورأى أن «التزوير يمنح منفذيه شرعية كاذبة فقط». وأعلن أنه سيواجه هذا «التعدي» سلميا بالإعلان قريبا عن تنظيم واسع للجزائريين والجزائريات لبناء دولة ديمقراطية، وكشف أنه لن يتقدم بطعن للمجلس الدستوري، لأن رئيسه تابع لبوتفليقة.
والتقى بن فليس، أمس، في مقر حملته الانتخابية بالعاصمة، مع 25 رئيس حزب وشخصية دعموا ترشحه في الانتخابات. وقال في بداية اللقاء إنه يريد أن «يصغي للجميع وأن يسمعني الجميع. التنظيم السياسي الذي سأعلن عنه قريبا لن يقصي أي أحد، المهم هو تجمع وطني واسع، خدمة للجمهورية من أجل مواصلة النضال».
وتحفظ بن فليس عن الخوض في تفاصيل الحزب الذي يسعى إلى إنشائه، واكتفى بالقول: «سأتقدم إلى السلطات بمشروع سياسي أحترم فيه قوانين الدولة احتراما كاملا، وكل واحد بعدها يتحمل مسؤولياته». وفهم كلامه على أنه تحذير لوزارة الداخلية، في حال رفضت اعتماد حزبه المنتظر، تحت أي مبرر.
وأعلن بن فليس عزمه القيام بزيارات ميدانية إلى عدة ولايات «لاطلاع المواطنين بها عن حقيقة الانتخابات ومجرياتها». وعدّ ذلك «واجبا يمليه عليّ وفائي لكل من منحني ثقته في الانتخابات، فقد لقيت ترحيبا وقبولا من طرف مواطنين في 48 ولاية زرتها أثناء الحملة الانتخابية، وستكون الزيارات كذلك فرصة لأعرض على هؤلاء مشروع تنظيمي السياسي، الذي سأكشف عن طابعه وتسميته قريبا جدا».
من جانبه، قال مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، الذي حل في المركز الأخير، إن النتائج المعلنة مبالغ فيها، ولا تعكس الواقع، وكشف أنه سيلجأ إلى المجلس الدستوري للطعن فيها. كما ذكر مرشح حزب عهد 54 علي فوزي رباعين الذي حل خامسا (بحصوله على 0.99 في المائة)، فقال أيضا إنه لا يعترف بالنتائج المعلنة «التي لا تمثل الواقع».
من جهتها، قالت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال، التي حصلت رابعا بحصولها على 1.37 في المائة من الأصوات، في مؤتمر صحافي، أمس، إن نتائج الانتخابات «تمثل انتصارا للأمة الجزائرية، إذ لم تجر إراقة الدماء ولم تغرق الجزائر في دوامة الفوضى وعدم الاستقرار».
وأضافت حنون أن اختيار الجزائريين منح بوتفليقة ولاية رابعة «خيار يعكس الرغبة في الحفاظ على الاستقرار والسلم والسيادة الوطنية وتفادي وقوع البلاد في دوامة الفوضى والاضطراب». يُشار إلى أن حملة حنون كانت موجهة ضد بن فليس، ولم تنتقد أبدا الرئيس المترشح بوتفليقة.
بدوره، قال عباسي مدني رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، إنه «يهنئ الشعب الجزائري على مقاطعته الواسعة التاريخية لمهزلة الانتخابات الرئاسي». وندد باعتقال نائبه في الحزب علي بن حاج، أول من أمس، بسبب خروجه إلى الشارع لإبداء استيائه من «التزوير».
ودعا مدني في بيان، أمس، «القوى السياسية إلى ترك الحسابات السياسية جانبا، وتنظيم لقاء وطني جامع للتباحث حول تحديات المرحلة وإمكانات مواجهتها، وحول كيفية التوجه إلى مرحلة انتقالية».
وندد مدني المقيم حاليا في قطر بـ«جميع أشكال العنف التي انتهجها النظام لقمع المحتجين»، في إشارة إلى منع ناشطين من التعبير في الشارع، عن رفضهم إجراء الانتخابات. وتعدّ «حركة بركات» أهم هذه التنظيمات. وأضاف مدني أن «الشعب الجزائري عبر عن رفضه لسياسة الأمر الواقع (من خلال رفض أكثر من 11 مليونا التوجيه إلى صناديق الاقتراع)، التي تعني رغبته في تغيير النظام تغييرا جذريا».
وتابع: «هكذا تتواصل المهازل في بلاد الشهداء في ظل فضائح انتخابية، أدخل النظام الجزائري فيها البلاد في المجهول بتعريض وحدتها ومستقبل أجيالها للخطر الداهم، غير عابئ بأصوات عقلاء الأمة ونخبها وفعالياتها التي نبّهت إلى جسامة المخاطر التي تهدد البلاد».
وأطلقت الشرطة سراح بن حاج بعد ساعات من اعتقاله، لما خرج من مسجد بالضاحية الجنوبية بالعاصمة رفقة عشرات المصلين، لتنظيم مظاهرة ضد «تزوير نتائج الانتخابات».
وقال عبد الحميد بن حاج شقيق القيادي الإسلامي، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن الشرطة «تدخلت بعنف لتفريق المتظاهرين، مما دفع الكثيرين إلى دخول المسجد هربا من القمع». وقال إن شقيقه «يتعجب لوقوف رجال الشرطة متفرجين أمام المواطنين، الذين خرجوا إلى الشارع، تعبيرا عن فرحتهم بفوز بوتفليقة، الذي جاء عن طريق التزوير والتدليس والنفخ في عدد المشاركين».
من جهتها، أكدت جبهة العدالة والتنمية التي يتزعمها الإسلامي عبد الله جاب الله، وكانت قاطعت الانتخابات، أنها لم تتفاجأ بما سمته تضخيم نسبة المشاركة، مشيرة إلى أن النسبة لا تتجاوز 20 في المائة. كما قالت حركة النهضة، وهي حزب إسلامي مقاطع، إنها سجلت فروقا شاسعة بين النسب المعلنة من طرف وزير الداخلية ونسب التصويت الحقيقية.
وفي أول رد فعل دولي، جددت فرنسا عزمها مواصلة العمل مع الجزائر، متمنية «النجاح» لبوتفليقة الذي أعيد انتخابه. وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في بيان بثته وكالة الأنباء الجزائرية أن «فرنسا تجدد عزمها مواصلة العمل مع السلطات والشعب الجزائري على تعميق العلاقات الثنائية خدمة للتنمية في البلدين».
وأعرب هولاند للرئيس بوتفليقة عن تمنياته «بالنجاح في أداء مهامه النبيلة»، مضيفا أنه «في سياق روح الصداقة والاحترام السائدين بين البلدين، وبالنظر إلى الروابط الإنسانية المميزة التي تربط بينهما، تعرب فرنسا عن تمنياتها الصادقة من أجل المزيد من الرقي للجزائر».
وبالنظر إلى النتائج المعلنة، يستبعد الآن حدوث تغير كبير في المشهد السياسي الجزائري على المدى القريب جدا، ويتوقع أن يبقي الرئيس بوتفليقة على طاقمه الحكومي السابق، لمواصلة تطبيق «برنامجه». وعلى المدى القصير، يرجح أن يطرح بوتفليقة مشروع دستور جديدا، وأن يتضمن تعديلات أوسع من التغييرات التي أحدثها عام 2008، وتضمنت إلغاء المادة 74 التي تحد الفترات الرئاسية باثنتين.
ومعروف أن الرئيس بوتفليقة قال منذ توليه الحكم عام 1999 إنه ليس راضيا عن الدستور الحالي، وكان يهم دوما بطرح دستور شامل يترك فيه بصمته، وقد يجد الآن بعد التفويض الذي أعطاه إياه الشعب، الفرصة سانحة.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.