حماس تسعى إلى تسوية عشائرية لاغتيال أحد عناصرها متشيّعًا في غزة

سلطت الضوء على التعقيدات التي تواجه محاولات التشيّع في القطاع

حماس تسعى إلى تسوية عشائرية لاغتيال أحد عناصرها متشيّعًا في غزة
TT

حماس تسعى إلى تسوية عشائرية لاغتيال أحد عناصرها متشيّعًا في غزة

حماس تسعى إلى تسوية عشائرية لاغتيال أحد عناصرها متشيّعًا في غزة

قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن حركة حماس تحاول إغلاق ملف مقتل الشاب مثقال السالمي، المتهم بالتشيّع، واغتاله عناصر تابعون لـ«كتائب القسام» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بمخيم الشاطئ في غزة.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس والمرشح بقوة لتولي المنصب في الانتخابات المقبلة، تدخل، منذ البداية (قبل سفره إلى قطر)، من أجل تطويق الخلاف الذي دب بين عائلتي المغدور والقاتل، وهما يعيشان جنبا إلى جنب في المخيم الذي يعيش فيه هنية أيضا.
وبحسب المصادر، فإن تدخل هنية جاء لمنع إراقة مزيد من الدماء من جهة، وامتصاص الغضب الإيراني كذلك، باعتبار السالمي أحد أبناء «حركة الصابرين» الشيعية التي تتلقى دعما مباشرا من طهران.
وقالت المصادر إن ثمة جهودا كبيرة تبذل حاليا للتوصل إلى حل عشائري يمهد لإغلاق الملف قانونيا، وإطلاق سراح القاتل الأساسي للسالمي، وهو محمد العامودي، الذي اعتقل في أواخر نوفمبر الماضي بعد اتفاق بينه وبين شخصيات من حماس على تسليم نفسه.
وكان العامودي، وهو ضابط في الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، ويعمل مدربا لقواتها الأمنية، إضافة إلى أنه مدرب في قوات النخبة التابعة لـ«القسام»، تقدم من السالمي في 9 نوفمبر الماضي وهو ملثم، وأطلق تكبيرات في الهواء، ورصاصتين على رأس الشاب، قبل أن ينسحب مع 4 أشخاص آخرين ساعدوه في رصد مكان مثقال وتنفيذ مهمته.
والعامودي الذي لم ترفع «القسام» الغطاء عنه، وإن كانت حققت معه لاحقا قبل تسليمه لوزارة الداخلية، هو شقيق القيادي في فتح نضال العامودي الذي اغتالته إسرائيل في 2008، وأطلق اسمه على مجموعات في غزة (لواء نضال العامودي)، ويترأسها شقيقهما الثالث، الذي يتلقى تمويلا كبيرا مما يسمى «حزب الله» اللبناني والحرس الثوري الإيراني.
وأوضحت المصادر أن كون المنفذ أحد أبناء «القسام»، التي تتلقى تمويلا من إيران وإن كان جزئيا، وكونه شقيق أحد الذين يتلقون تمويلا من إيران أيضا، كذلك باسم «لواء العامودي»، عقد المسألة إلى حد كبير، وجعل حلها بطرق ودية ضرورة كبيرة.
وقالت المصادر إن أمر بحث دفع دية لإنهاء الأمر، جار الآن، لكن عائلة السالمي ومعها «حركة الصابرين»، تصران على القصاص من القاتل. وتتوقع المصادر أن تنجح الوساطات الحمساوية في إنهاء المسألة، بسبب حساسية الأمر، لأن كثيرا من أبناء السنّة حتى من عائلة السالمي، لم يعجبهم تشيّعه.
وتشيع مثقال كان معروفا في غزة، واعتقل بسببه في فبراير (شباط) الماضي، بعد أن جاهر عبر «فيسبوك» بمهاجمة أئمة المسلمين، وكتبا دينية.
وفتحت قضية السالمي محاولات التشيع في غزة والحرب المكتومة ضد هذا النهج.
بدأت بوادر التشيع في غزة قبل سنوات، مع ظهور رجال دين يحملون هذا الفكر، مثل محمود جودة، ومحمد حرب، وهشام سالم، قبل أن يؤسس سالم حركة جديدة، وهي «حركة الصابرين» التي تتلقى الدعم من إيران، والتحق بها السالمي.
وظهرت «الصابرين» التي تدعمها وتوجهها إيران في قطاع غزة، منذ نحو 3 أعوام، ويتهمها مسلمون سنّة في غزة بأنها تتبنى «النهج الشيعي».
ووضعت إيران كل ثقلها لدعم «الصابرين» ماديا، وراح عناصرها يحصلون على رواتب وأسلحة. وعلى الرغم من الاتهامات السنية لـ«الصابرين» بالتشيع ولإيران بمحاولة نشر التشيع في القطاع، فإن حركة حماس التي يرفض معظم أنصارها التنظيم الجديد، لم تقدم على حظر الحركة، التي ظلت بعيدة عن الأضواء لفترات طويلة.
لكن متشددين يرفضون وجود هذه الحركة، هاجموا سالم أكثر من مرة، ومن بينها طعنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 على يد مجهول، بعد إجرائه مقابلة صحافية مع قنوات إيرانية قبالة موقع ناحل عوز العسكري شرق غزة، الذي كان يشهد مواجهات في حينها، ما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة. ثم جرت مهاجمة بيته، إضافة إلى محاولة اغتياله ومسؤول آخر في «الصابرين» لم تنجح، قبل أن يغتال العامودي مثقال السالمي.
ويستند مهاجمو «الصابرين» وسالم ومثقال وغيرهم، إلى مقاطع فيديو عدة، تظهر احتفالات أقيمت في قطاع غزة ارتباطا بمناسبات يحييها أبناء الطائفة الشيعية، ويظهر فيها سالم وهو يتحدث عن مقتل «سيدنا الحسين بن علي» ويُمجد معركة «كربلاء» المقدسة لدى الشيعة. وتزامن ذلك مع فيديو آخر أظهر مجموعة من 20 شخصا، يمارسون طقوسا للشيعة، في شقة سكنية، تبين، فيما بعد، أنها جماعة أخرى اسمها «آل البيت الأطهار».
واعتقلت حركة حماس تلك المجموعة بعد أن كانت تحيي «ذكرى أربعينية الإمام الحسين». قبل أن تفرج عنهم بعد توقيع أوراق رسمية تحظر عليهم تكرار ما جرى. كما اعتقلت سالم نفسه لساعات.
ورفض سالم الذي يقود «حركة الصابرين»، كل «الاتهامات» التي توجه له ولحركته، مشددا على أنهم جزء من الكل الفلسطيني، وكأي تنظيم فلسطيني يقاوم الاحتلال أينما وجد.
وشهدت العلاقة بين حماس و«الصابرين» مراحل مد وجزر، بسبب محاولة الحركة التمسك بشعرة معاوية مع إيران. وفي حين أبقت حماس على «الصابرين»، أغلقت في وقت سابق، جمعية «الباقيات الصالحات» الخيرية الشيعية التي تتلقى دعما مباشرا من إيران وتتبع سالم نفسه كذلك.
ويعتقد مراقبون أن الغضب المتنامي على المتشيعين في غزة، الذي أخذ منحى الاعتداء والقتل، لن يسمح لهم بالتمدد أكثر. وقالت المصادر إن بعضهم يخطط فعلا لمغادرة القطاع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.