ساعات انتظار ثقيلة على أهالي حي الوعر المحاصر

تحذير من كارثة إنسانية بعد منع النظام وفد الأمم المتحدة من إدخال المساعدات

ساعات انتظار ثقيلة على أهالي حي الوعر المحاصر
TT

ساعات انتظار ثقيلة على أهالي حي الوعر المحاصر

ساعات انتظار ثقيلة على أهالي حي الوعر المحاصر

يعيش أهالي حي الوعر في مدينة حمص السورية ساعات انتظار ثقيلة مترقبين ما ستنتج عنه المباحثات الجارية بين ممثلي الحي من جهة والنظام من جهة أخرى، في ظل الخوف من تنفيذ الأخير تهديداته وبدئه التصعيد العسكري.
هذا الانتظار أدى إلى توقف الحياة بشكلٍ كامل في الحي الذي يقع ضمن منطقة تخضع لسيطرة النظام بحيث باتت الشوارع مهجورة وخلت المنازل من ساكنيها، وذلك إثر انتهاء المهلة الأخيرة التي أعطاها النظام لأهالي الحي يوم الأربعاء، بعدما وضعت لجنة الحي أمام ثلاثة خيارات هي: المعركة أو الخروج أو التسوية، وبالتالي، الاستسلام للنظام.
وبعدما كانت لجنة التفاوض قد دعت الأهالي إلى أخذ الحيطة والحذر خوفا من القصف العشوائي الذي قد يعمد إليه النظام، اختار عدد كبير من الأهالي «حصار أنفسهم داخل الحصار» عبر الهروب إلى الملاجئ غير المجهزة أساسا، لاستيعاب جميع السكان. وهذه الملاجئ تفتقر لأنظمة التهوية، ما يعرضهم ولا سيما الأطفال للأمراض، بحسب ما ذكرت «شبكة شام». وفي هذه الأثناء، حذر أحد المسؤولين في القطاع الطبي من أن الحي مقبل على كارثة حقيقية في مدة أقصاها عشرة أيام بسبب نفاد المواد الطبية، بعدما كان النظام قد منع وفدا من الأمم المتحدة بإدخال المساعدات الإغاثية في زيارة قام بها يوم أول من أمس.
لجنة التفاوض ذكرت، عقب الاجتماع الذي جمع بينها وبين قوات النظام الذي أمهلها مدة 24 ساعة لتحديد مصير الحي، أنها وبرفقة اللجنة المدنية تحاول التوصل إلى حلول بديلة تحقن الدماء وتحافظ على الأرواح. وفي هذا الإطار، قال أسامة أبو زيد، مدير مركز حمص الإعلامي لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه «مرّت نحو 24 ساعة على المهلة التي كان النظام قد أعطاها لحي الوعر، مهددا بالخروج أو التصعيد، لكن لغاية الآن النظام لم ينفذ تهديده رغم تمسك الأهالي بقرارهم رفض المغادرة وعدم التنازل عن بند الإفراج عن المعتقلين».
هذا أمر يرى فيه أبو زيد إيجابية من جهة ويتعامل معه بحذر من جهة ثانية، إذ يوضح «نعلم جيدا أن النظام يستطيع استهداف الحي من دون أي رادع، لكنه يحاول قدر الإمكان التوصل إلى ما يريده بأقل خسائر ممكنة». ثم يضيف «الأمور لا تزال ضبابية في غياب أي قرار لا بالخروج ولا بالتصعيد ونتوقع تحديد موعد جديد للمفاوضات خلال الساعات المقبلة، إذا لم يعمد النظام الذي يحشد قواته في محيط الحي، إلى العودة للقصف».
هذا، وكان اتفاق قد وقّع قبل نحو خمسة أشهر بين ممثلين من النظام والمعارضة نصّ على بنود عدّة تبدأ من وقف إطلاق النار، مرورا بإطلاق سراح المعتقلين وصولا إلى خروج الأهالي من الحي. إلا أن النظام يحاول اليوم القفز فوقه، وتحديدا بند الإفراج عن المعتقلين عبر الضغط على الأهالي للتراجع عنه. وهذا ما يرى فيه الناشطون محاولات للسيطرة حي الوعر ضمن خطة «التهجير القسري» وضمّه إلى مناطق مدينة حمص الخاضعة للميليشيات الموالية له، علما بأن النظام كشف في وقت سابق عن مصير 1850 معتقلا، بينهم 200 أكد أنهم فارقوا الحياة، في حين لم يطلق سراح إلا نحو 200 آخرين.
من جهة ثانية، دخل الحي أوّل من أمس، وفدٌ أممي يرأسهُ رئيس مكتب حمص لتنسيق الشؤون الإنسانية، مطلعا على المآوي والملاجئ في زيارة منفصلة عن المفاوضات الجارية بين ممثلي النظام والأهالي. واجتمع الوفد الأممي مع الهيئات الإغاثية والفعاليات المدنية، وناقشوا أمورا عدة أهمها الوضع الطبي المتدهور والمواد المفقودة والمعدومة على صعيد العمل في القطاع الصحي، والوضع الغذائي والتعليمي، وحالة الناس النفسية التي تدهورت جراء ما وصل إليه الحي في الأيام الأخيرة، كما اطلع الوفد الأممي على المآوي التي تعرضت للقصف وقتل فيها عدد من الأشخاص وعلى منشآت تعليمية تعرضت للقصف، وفق «شبكة شام».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.