القوات العراقية تتقدم نحو وسط الموصل ومدنيون يعودون إلى المناطق المحررة

«داعش» ينقل دفاعاته من غرب المدينة إلى شرقها وعدد عناصره يتراجع

عائلة عراقية تعود إلى بيتها بعد تحرير الحمدانية القريبة من شمال الموصل (إ.ب)
عائلة عراقية تعود إلى بيتها بعد تحرير الحمدانية القريبة من شمال الموصل (إ.ب)
TT

القوات العراقية تتقدم نحو وسط الموصل ومدنيون يعودون إلى المناطق المحررة

عائلة عراقية تعود إلى بيتها بعد تحرير الحمدانية القريبة من شمال الموصل (إ.ب)
عائلة عراقية تعود إلى بيتها بعد تحرير الحمدانية القريبة من شمال الموصل (إ.ب)

حققت القوات العراقية أمس، تقدما لافتا نحو وسط مدينة الموصل، أعقب مرحلة من التقدم البطيء. فقد شنت وحدات الجيش، أمس، هجوما جديدا، انطلاقا من مواقعها في جنوب شرقي المدينة. ونقلت «رويترز» عن قائد كبير قوله إن فرقة مدرعة تابعة للجيش وصلت إلى مسافة نحو كيلومتر ونصف من نهر دجلة الذي يجري وسط المدينة.
ونسب التلفزيون العراقي إلى قائد العمليات، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، القول إن الجنود دخلوا مستشفى السلام في حي الوحدة، بجنوب شرقي المدينة قرب النهر. وقال عقيد في الجيش، إن الهجوم، الذي تدعمه تعزيزات جديدة، بدأ في السادسة من صباح أمس، وهدفه استنزاف مقاتلي تنظيم داعش الذين يشنون هجمات مضادة شرسة متفرقة ضد الجيش في شرق المدينة، والتقدم صوب نهر دجلة، والوصول في النهاية، إلى الجسر الرابع في الموصل، وهو الجسر الجنوبي من أصل خمسة جسور تمتد عبر ضفتي النهر.
وتعرض الجسر مثل ثلاثة جسور أخرى، لغارات جوية بقيادة الولايات المتحدة، لمنع التنظيم المتشدد من إرسال التعزيزات والسيارات الملغومة، التي يقودها انتحاريون، إلى الجبهة الشرقية التي تقود فيها قوات مكافحة الإرهاب حملة الجيش. وقال اثنان من السكان، إن الجسر الأخير والأقدم، المبني بالحديد في الثلاثينات من القرن الماضي، كان قد استهدف ليل الاثنين الماضي ولم يدمر، لكن الغارات أحدثت حفرتين كبيرتين في الطرقات المؤدية إليه من الجانبين. وقال سائق سيارة أجرة: «رأيت عناصر (داعش) يستخدمون البلدوزرات لملء الحفر بالتراب، وعند منتصف النهار، استطاعت العجلات العبور فوق الجسر بصورة طبيعية. أنا كنت أقود سيارتي إلى الطرف الآخر من الجسر، ورأيت أيضا سيارات (داعش) تعبر». وصرح ضابط في جهاز مكافحة الإرهاب، أمس، بأن القوات العراقية تمكنت من تحرير منطقتين بالكامل، تقعان ضمن المحور الشرقي للساحل الأيسر لنهر دجلة. وقال العقيد دريد سعيد، لوكالة الأنباء الألمانية، إن قوات الجيش العراقي تمكنت من تحرير منطقتي الشهداء والإعلام بشكل كامل، بعد هجمات بدأتها أمس، شرقي الموصل، حيث اشتبكت مع عناصر «داعش»، وقتل خلالها 19 من عناصر التنظيم بينهم انتحاريون.
وطبقا للعقيد سعيد، بدأت القوات العراقية في إعادة العوائل التي كانت قد غادرت منازلها خلال الاشتباكات والمداهمات التي استهدفت مواقع «داعش» في المدينة، إلى المناطق المحررة.
من جانب آخر، قتل 21 مدنيا عراقيا وأصيب 35 آخرون، جراء انفجار حافلة مفخخة كان يقودها انتحاري، في سوق الخضار، في حي البكر المحرر، شرقي الموصل. وذكرت مصادر في الجيش العراقي أن غالبية القتلى هم من النساء والأطفال.
وتوقع قادة في التحالف، الذي يضم مائة ألف من جنود الجيش العراقي وقوات الأمن، ومقاتلي البيشمركة الأكراد، وفصائل يهيمن عليها الشيعة، أن يشهد النصف الغربي من المدينة، التي يقسمها نهر دجلة أشرس المعارك. لكن تنظيم داعش، الذي سيطر على المدينة قبل عامين، سارع إلى نقل دفاعاته إلى الشرق لمواجهة القوات العراقية التي تدعمها ضربات جوية للتحالف الذي يقوده الغرب. وقال الجنرال سكوت إيفلاند، نائب القائد العام لقوات التحالف لـ«رويترز»، إن ما كنا نعتقد أنه سيكون أقوى دفاع: «قام تنظيم داعش بنقله للأمام». وأضاف: «لقد تراجع (وضع) العدو الذي كنا نواجهه عما كان عليه منذ شهر.. ما كان يدخره للضفة الغربية من النهر، ينقله الآن إلى الشرق».
وتعد الموصل، أكبر مدينة تحت سيطرة «داعش»، وهزيمة التنظيم المتطرف فيها، ستوجه ضربة كبيرة لـ«دولة الخلافة» التي أعلنها في العراق وسوريا في عام 2014. بعد سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي في البلدين. ويقول إيفلاند إن المتشددين استعدوا بشكل جيد، واستخدموا متاجر للماكينات في الموصل لتصنيع ذخيرتهم، والسيارات المدرعة الملغومة. لكنه أضاف أن القادة لمسوا تراجعا في خطورة هذه السيارات الملغومة وانتشارها، ما يؤكد التقدم الذي أحرزته قوات التحالف أمس.
وتتراوح التقديرات الأولية لعدد مقاتلي «داعش» في المدينة، بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف عنصر. إلا أن إيفلاند يعتقد أن العدد يقرب، الآن، من ثلاثة آلاف فقط، بعد ستة أسابيع من القتال، سقط فيه دواعش كثيرون، وفر كثيرون أيضا. وقال: «إنهم مدربون بشكل جيد، ويملكون موارد جيدة، وكان لديهم متسع من الوقت للإعداد، وهذا ما جعلها معركة كبيرة».
وإضافة إلى العمليات القتالية مع «داعش»، يعرقل وجود المدنيين في أنحاء المدينة تقدم الجيش العراقي؛ إذ يقلل من خيارات استخدام ضربات جوية وأسلحة ثقيلة في الشوارع المكتظة بالسكان. غير أن المدفعية الفرنسية والقوات العراقية بدأت منذ أول من أمس قصف جنوب الموصل استعدادا للتقدم منه لتخفيف الضغط على جهاز قوات مكافحة الإرهاب العراقي التي تقود القتال في شرق الموصل.
واعترف إيفلاند بأن معركة إنهاء وجود «داعش» في المنطقة، يحتاج إلى وقت طويل، فهي «مدينة معقدة.. من العالم القديم، وتتمتع بعامين من الدفاع المدروس».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.