حروب عصابات وتحالف مع المتشددين.. بدائل المعارضة السورية إن تخلى ترامب عن دعمها

مسؤول أميركي: رغم البداية البطيئة لها فإنها ضغطت على الأسد ودفعته نحو التفاوض

حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)
حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)
TT

حروب عصابات وتحالف مع المتشددين.. بدائل المعارضة السورية إن تخلى ترامب عن دعمها

حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)
حي الميسر في شرق حلب كما بدا أمس بعد معركة شنتها قوات النظام والميليشيات الداعمة لها ضد الفصائل المعارضة في المدينة (أ.ف.ب)

بعد ثلاث سنوات من شروع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في شحن مساعدات في صورة أسلحة إلى الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الرئيس بشار الأسد، تدفع الهزائم بميادين القتال والمخاوف من تخلي الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب عنهم، فصائل المعارضة المسلحة، إلى إعادة تقييم البدائل القائمة أمامهم.
وحسبما أوضح مسؤولون أميركيون وخبراء إقليميون وعناصر من الفصائل أنفسهم، فإن البدائل تتضمن بناء تحالف أوثق مع تنظيم القاعدة وجماعات متطرفة أخرى تتميز بتسليح أفضل، والحصول على أسلحة أكثر تطورًا من دول في الخليج العربي بحيث تعوض انحسار الدعم الأميركي، واتباع أساليب حروب العصابات الأكثر تقليدية، بما في ذلك الاعتماد على القناصة والهجمات الأصغر نطاقًا، ضد أهداف للنظام وروسيا.
ويأتي هذا رغم أنه منذ أقل من عام مضى، كانت قوات المعارضة تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي داخل سوريا. ومنذ ذلك الحين، وفي ظل غياب دعم دولي فاعل، جرى شن ضربات جوية روسية ونظامية دون هوادة ضد مواقع المسلحين، وإلى جانبهم مدنيون أيضًا، بدعم من إيران وجماعة ما يسمى «حزب الله» وقوات ميليشيات شيعية عراقية؛ ما أدى إلى نجاح هذه الجبهة في استعادة السيطرة على الكثير من تلك الأراضي.
وجراء موجة من الهجمات القاسية على امتداد الأسابيع الثلاثة الماضية، اضطر مسلحو المعارضة إلى الانسحاب من الكثير من أجزاء بشرق حلب التي تمثل معقلهم الذي سيطروا عليه منذ عام 2012.
من جانبه، أوضح ترامب أن أولويته في سوريا تكمن في القتال المنفصل الدائر ضد تنظيم داعش، الذي من المفترض أنه في ظل الظروف المثالية يجري بالتعاون مع روسيا والأسد، بجانب حلفاء آخرين. ورغم أن الغموض لا يزال يكتنف الكثير من خططه بهذا الشأن، أعلن الرئيس المنتخب رفضه رؤية إدارة أوباما، التي ترى أن إنهاء الحرب الأهلية وإجبار الأسد على الجلوس على طاولة التفاوض، يشكلان عنصرين محوريين في الانتصار على «داعش»، ولمح ترامب إلى أنه سيحد من الدعم الأميركي الموجه إلى المسلحين السوريين.
من ناحية أخرى، فإن التخلي عن جماعات المعارضة التي دربتها وسلحتها، سيأتي بمثابة صدمة عنيفة لوكالة «وكالة الاستخبارات المركزية» في وقت تعاني بالفعل قلقا جراء ما أبداه ترامب خلال حملته الانتخابية من عدم ثقة في مستوى القدرات الاستخباراتية الأميركية.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين الذين أجرينا معهم مقابلات ورفضوا الكشف عن هوياتهم؛ لأنه غير مصرح لهم بالحديث علانية، إنه رغم ما قدمته من بداية بطيئة وغير منظمة، فإن «المعارضة السورية نجحت في إنجاز الكثير من الأهداف التي سعت وراءها الولايات المتحدة»، بما في ذلك تطورها إلى قوة قتال جديرة بالاعتماد عليها، والتي أبدت قدرتها على الضغط على الأسد ودفعه نحو التفاوض، لولا التدخل الروسي بعمليات قصف، وتعزيز إيران وجودها البري.
وتشير تقديرات الولايات المتحدة إلى وجود 50.000 أو أكثر مما تصفهم بـ«المعارضة المعتدلة» متمركزين في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي البلاد، وحلب وجيوب أصغر بمختلف أرجاء غرب وجنوب سوريا، وأنهم من غير المحتمل أن يتخلوا عن القتال.
في هذا الصدد، أوضح مسؤول أميركي: «أنهم يقاتلون منذ سنوات، وتمكنوا من البقاء طيلة هذه المدة. وبالتالي فإن معارضتهم الأسد لن تختفي ببساطة».
ورغم تحسن موقف المعارضة المسلحة، العام الماضي، بفضل الصواريخ المضادة للدبابات «تاو» التي قدمتها الولايات المتحدة ودول خليجية، فإن المسلحين يشتكون منذ فترة طويلة من أن المساعدات الأميركية شحيحة، وجاءت مقيدة بكثير من الشروط والمتطلبات. من جهته، رفض الرئيس أوباما إرسال أسلحة أكثر تقدمًا إلى المسلحين السوريين، بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات محمولة كتفًا، خشية وقوعها في أيدي متطرفين. كما فرض على حلفاء إقليميين فرض قيود مشابهة على شحنات الأسلحة التي تقدمها إلى المسلحين.
في هذا الصدد، قال أحد قادة جماعات المعارضة المسلحة المدعومة من واشنطن: «الآن، يتملكنا شعور شديد بالإحباط؛ فالولايات المتحدة ترفض إمدادنا بالأسلحة التي نحتاج إليها، ومع ذلك لا تزال تعتقد بأن بإمكانها أن تملي علينا ما ينبغي لنا فعله. لقد وعدونا بدعمنا، ثم يتخذون الآن موقف المتفرج بينما نغرق».
وأضاف القائد الذي رفض كشف هويته: «لن يصبح لأميركا نفوذ إذا أجبر رفاقنا على الانسحاب إلى إدلب من حلب».
الملاحظ أن معظم المسلحين الذين أجبروا على التخلي عن أراضٍ سيطروا عليها من قبل، فروا إلى إدلب التي بدأت تتحول بسرعة إلى معقل ما تبقى من المعارضة. يذكر أن المنطقة يهيمن عليها ما يصل إلى 100.000 مقاتل من «جبهة النصرة»، التابعة لتنظيم القاعدة، والتي تشير إلى نفسها الآن باسم «جبهة فتح الشام»، بجانب عدد مكافئ من المسلحين ينتمي إلى «حركة أحرار الشام»، وهي جماعة إسلامية ترتبط بحركة معارضة أوسع لا تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية.
ويعتقد بعض الخبراء، بما في ذلك جنرال مايكل فلين، الذي اختاره ترامب مستشارًا للأمن الوطني، أن ثمة تحالفا متناميا على صعيد العمليات قائما منذ أمد بعيد بين المسلحين وجماعات متطرفة.
وأكد فلين العام الماضي، أن استراتيجية أوباما تجاه سوريا القائمة على البقاء بعيدًا أولاً، ثم تقديم دعم محدود للمعارضة من خلال برنامج سري لـ«سي. آي. إيه». سمحت فعليًا لتنظيمات متطرفة بالتنامي على حساب المعارضة المسلحة. وفي سؤال له خلال مقابلة أجرتها معه قناة «الجزيرة» في يوليو (تموز) 2015، حول ما إذا كان ينبغي توفير دعم أقوى في وقت مبكر للمعارضة، أجاب فلين: «عندما لا تتدخل لمساعدة شخص ما، فإنه سيبحث عن سبل أخرى للوصول لأهدافه..كان ينبغي علينا العمل في وقت مبكر فيما يخص هذه الجهود».
في الوقت ذاته، قال فلين إن الإدارة عمدت إلى التقليل من خطورة معلومات استخباراتية وردت مبكرًا حول أن «جبهة النصرة» وأخيرًا تنظيم داعش الذي يضم متطرفين إسلاميين وضباطا سابقين بالجيش العراقي، تعرضوا للتسريح بسبب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 في تنام سريع. وأشار آخرون إلى أن وقف الدعم عن المعارضة المسلحة من شأنه تعزيز أهداف الروس والنظام، علاوة على خدمة المصالح الإيرانية على حساب المملكة العربية السعودية وقطر وحلفاء أميركيين إقليميين آخرين ينظرون إلى إيران باعتبارها مصدر تهديد لوجودهم.
في هذا الصدد، حذر النائب آدم بي. شيف، العضو الديمقراطي البارز بلجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، من أن: «سمعة واشنطن ستتعرض لضرر بالغ بين حلفائنا بالمنطقة إذا ما تخلينا عن دعمنا المعارضة المعتدلة». واستطرد موضحًا أن: «التساؤل هنا هو هل يمكن لحلفائنا بالخليج الاعتماد علينا أم لا، وما إذا كان الإيرانيون ستطلق أيديهم بالمنطقة أم لا».
وأضاف شيف: «من الواضح أن الكثير سيعتمد على ما يفعله الرئيس المنتخب، وما يحثه مستشاروه على القيام به». واستطرد مشيرًا إلى جنرال جيمس ماتيس الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الدفاع: «أعتقد جنرال ماتيس ستكون لديه وجهة نظر مختلفة..تضع في اعتبارها التداعيات المرتبطة بالنفوذ الإيراني بالمنطقة».
الملاحظ أن الاختلافات حول ما إذا كان ينبغي اتخاذ موقف أكثر صرامة حيال روسيا داخل سوريا، بما في ذلك التدخل العسكري المباشر نيابة عن المدنيين، وغير المباشر نيابة عن المسلحين، في حلب وما وراءها أثارت بالفعل انقسامات عميقة في عهد إدارة أوباما بين وزارة الخارجية من ناحية ووزارة الدفاع والبيت الأبيض من ناحية أخرى.
وفي الوقت الذي تفكر الإدارة المقبلة بقيادة ترامب في الانسحاب من المشاركة بتقديم الدعم في إطار أو محاولة تسوية الحرب الأهلية في سوريا، أبدى آخرون بالفعل عزمهم التدخل لسد الفراغ الذي ستخلفه واشنطن خلفها. وقد أعلنت قطر أنها ماضية في تسليح المسلحين ودعمهم، بغض النظر عما ستقرره الولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن جاسم آل ثاني، الأسبوع الماضي، خلال لقاء أجرته معه وكالة «رويترز» في الدوحة: «نرغب في وجود الولايات المتحدة إلى جوارنا، بالتأكيد، لكن إذا غيرت رأسها.. لن نغير نحن موقفنا».
*خدمة {واشنطن بوست}
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».