نائب رئيس البنك الدولي: سندعم إعمار سوريا بمليار دولار.. والسعودية أهم شركائنا

تروتسنبرغ لـ «الشرق الأوسط»: دعمنا الدول الفقيرة بـ90 مليار دولار ونعمل على دعم خلق وظائف للشباب

نائب رئيس البنك الدولي: سندعم إعمار سوريا بمليار دولار.. والسعودية أهم شركائنا
TT

نائب رئيس البنك الدولي: سندعم إعمار سوريا بمليار دولار.. والسعودية أهم شركائنا

نائب رئيس البنك الدولي: سندعم إعمار سوريا بمليار دولار.. والسعودية أهم شركائنا

كشف نائب رئيس البنك الدولي، أن البنك قدم منذ سبعينات القرن الماضي وحتى الآن 90 مليار دولار للدول الفقيرة، بما يعادل 44 في المائة من موارد صندوق المؤسسة الدولية للتنمية «آيدا»، مع توقعات أن تصل مساهمات «آيدا» لـ77 دولة فقيرة، في عام 2018 إلى 75 مليار دولار، في حين استفادت أفريقيا من تمويل المؤسسة في حدود 45 مليار دولار.
وقال أكسل فان تروتسنبرغ نائب رئيس البنك الدولي رئيس المؤسسة الدولية للتنمية «آيدا»، لـ«الشرق الأوسط»: «إن رؤية المملكة 2030، تعتبر خطة طموحة ورؤية ثاقبة ومنسجمة مع متطلبات المرحلة بالنسبة للاقتصاد السعودي»، مشيرا إلى أن الأولويات الجديدة في المرحلة المقبلة لـ«آيدا»، ترتكز على الاهتمام بالدول التي تعاني من الهشاشة والصراعات، وتخصيص مبلغ 15 مليار دولار، بجانب اعتماد تمويل مرصود للاجئين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بمبلغ ملياري دولار.
وأوضح أن هناك اتجاها باعتماد مبلغ مليار دولار لسوريا، للاستفادة في عملية التعمير والتنمية بعد إحلال السلام في ربوعها، في حين سيستمر دعم اليمن من خلال مؤسسة التنمية الدولية (آيدا)، مشيرا إلى أنه من الاتجاهات الجديدة، الاهتمام بعملية خلق الوظائف للشباب ومساعدة القطاعين العام والخاص على تنشيط اقتصاديات تلك الدول.
وأكد أن هناك 6 تحديات كبيرة تواجه 77 دولة بالعالم، تشمل أولا الفقر، وثانيا ضعف التنمية الاقتصادية، وثالثا ندرة الوظائف، ورابعا الحاجة لاتباع سياسة الاندماجات، وأما التحدي الخامس وهو موضوع التغير المناخي باعتبار أنه من أكبر التحديات التي تواجه الدول، خاصة أن هناك تحديات أخرى كثيرة منها الأعاصير وغيرها، وأما التحدي السادس، فهو موضوع الهشاشة مع العنف الذي يتسيّد بعض الساحات في بعض الدول.
فإلى تفاصيل الحوار فيما يلي:
* التقيتم وزير المالية السعودية، هل يمكن إطلاعنا على أهم الملفات التي تم بحثها؟
- نعم التقيت وزير المالية السعودي محمد الجدعان، وشرحت له خطة عمل المؤسسة الدولية للتنمية «آيدا»، هي صندوق يجدد تنظيم عمله وإدارة قنوات الإسهام فيه كل ثلاثة شهور، وهو يدعم الدول الفقيرة وفي إطار زيارتي هذه إلى السعودية، فإنني بحثت مع محمد الجدعان وزير المالية السعودي، تحضيرات المفاوضات التي ستعقد في ديسمبر (كانون الأول) الجاري في إندونيسيا، للدول المانحة حيث هناك أكثر من 50 دولة مانحة، ستعمل على تحديد سياسات الصندوق، وتحديد اتجاهاته العامة، حيث شرحت لوزير المالية السعودي، آخر التطورات المتعلقة بالمفاوضات، خاصة أن المملكة تلعب دورا رياديا ليس في المنطقة العربية والإسلامية فقط وإنما في العالم أجمع، إذ كان لا بد من إطلاع الوزير على مستجدات هذا الأمر ومتطلباته تحت مظلة مؤسسة التنمية الدولية «آيدا»، فالمانحون سيحددون في ديسمبر الجاري التزاماتهم المالية تجاه الصندوق للثلاثة أعوام المقبلة، حيث إنه منذ «آيدا 70» في سبعينات القرن الماضي وحتى الآن، كان حجم ما وفرته الدول المانحة نحو 50 مليار دولار وكذلك في خطة الثلاثة أعوام المقبلة سنكون في «آيدا 18» أي في عام 2018، ومن المتوقع أن تصل مساهمات الدول الغنية نحو 75 مليار دولار للدول الفقيرة. من ناحية أخرى، تعرفت على رؤية المملكة 2030، فهي تعتبر خطة طموحة ورؤية ثاقبة ومنسجمة مع متطلبات المرحلة بالنسبة للاقتصاد السعودي.
* لكن ما هي خطة «آيدا» الاستراتيجية تجاه الدول الفقيرة خلال الفترة المقبلة؟
- دعني أقول لك إن الأولويات الجديدة في المرحلة المقبلة، تركز أولا على تعزيز الاهتمام بالدول التي تعاني من الهشاشة والصراعات وهذه سيكون عليها تمويل في عدد من الدول الآسيوية ومنطقة الشرق الأوسط والدول الأفريقية، بمبلغ يقدر بـ15 مليار دولار، وثانيا، سيكون هناك اعتماد تمويل مرصود للاجئين بمبلغ قد يصل إلى نحو ملياري دولار، سيستفيد منه اللاجئون في أفريقيا وفي منطقة الشرق الأوسط، وفي موضوع الدول التي تعاني من الصراعات والهشاشة، حيث هناك اتجاه باعتماد مبلغ بمقدار مليار دولار لسوريا، للاستفادة في عملية التعمير والتنمية بعد إحلال السلام في ربوعها، كذلك اليمن من الدول التي ستستمر في عملية الاستفادة من مؤسسة التنمية الدولية (آيدا)، ومن الاتجاهات الجديدة الاهتمام بعملية خلق الوظائف للشباب ومساعدة ليس فقط الحكومات ولكن حتى القطاع الخاص لتنشيط اقتصاديات تلك الدول، وهو موضوع مهم جدا لدى الدول النامية، ومثال ذلك، فإنه ما بين العام 2000 والعام 2016، استفادت مجموعة الدول العربية والإسلامية، خلال الـ16 عاما الماضية وحتى الآن، في حدود 90 مليار دولار من جملة التمويل الذي رصد من صندوق «آيدا»، ومن تلك الدول السنغال وإندونيسيا واليمن وباكستان وبنغلاديش وجيبوتي ما يمثل نسبة 44 في المائة من مجموع موارد خزينة صندوق «آيدا» خلال هذه الفترة، لقطاعات البنى التحتية وقطاعات الصحة والتعليم والبرامج التي صاغتها الحكومات بهذا الشأن، كجزء من إسهامات مؤسسة التنمية الدولية لدول أفريقيا، كذلك فإن استفادة أفريقيا كانت في حدود 45 مليار دولار، كانت عبارة عن مجموع إسهامات «آيدا»، في القارة الأفريقية.
* لكن مع هذا تواجهون تحديات مع اقتصاديات تلك الدول فما هي أسس المعالجات المتوقعة لاحتوائها؟
- أعتقد هناك نحو 6 تحديات كبيرة ماثلة الآن تواجه هذه الدول، أما التحدي الأول فهو الفقر حيث الكثير منها تحت خط الفقر، وهناك البعض منها يعاني من معدلات فقر عالية جدا، والتحدي الثاني يتمثل في تحدي التنمية الاقتصادية، وخلق وظائف خاصة فيما يتعلق بخلق وظائف لدى الشباب العاطل عن العمل وغير المتعلم إذ أصبح نسبتهم في نمو متزايد، والتحدي الثالث يتمثل في الحوكمة، والذي ينعكس في شكل تقديم خدمات أفضل للمواطنين مع زيادة الشفافية في عملية استغلال موارد الدولة، والتحدي الرابع يتمحور حول موضوع الاندماجات، حيث إن هناك قطاعات اجتماعية مهمة وغيرها لا بد من العمل على ضمها أو دمجها في عملية التنمية الاقتصادية، مثل موضوع الأطفال وصحة الأطفال وغيرها من الاهتمامات بالجانب الاجتماعي مع ضمان استمرارية أن تشمل هذه العملية الاقتصادية لكل القطاعات المهمة، وأما التحدي الخامس فهو موضوع التغير المناخي باعتبار أنه من أكبر التحديات التي تواجه الدول، خاصة أنني كنت أعمل رئيسا لمجموعة الدول في منطقة شرق آسيا وجزر الباسيفيكي، وهناك تحديات أخرى كثيرة منها الأعاصير وغيرها حيث إنه في كل فترة تهدد هذه التحديات الكثير من الدول، ولذلك لا بد من الاهتمام بموضوع التغير المناخي، والتحدي السادس، هو موضوع الهشاشة مع العنف الذي يتسيّد بعض الساحات في بعض الدول، إذ الكثير من الدول النامية تأثرت بحروب ونزاعات داخلية، تزيد وتعمق من عملية الفقر والمعاناة التي طالت مواطني تلك الدول، أعتقد هذه أهم 6 تحديات رئيسية تواجه الدول النامية المعنية.
* بعض الدول تعاني ضعف دخل الفرد أو صعوبات اقتصادية راهنة مثل مصر كيف يتم التعامل معها؟
- بالنسبة لمصر، فهي تستفيد من دعم كبير جدا من قبل البنك الدولي، عن طريق البنك الدولي للإنشاء والتعمير، لأنها من الدول المتوسطة الدخل، وهذه الدول تستفيد من تمويل البنك الذي عليه فوائد والتي هي أسهل من السوق العالمية، لأنه لديها كفاءة مالية تمكنها من الاستدانة من الأسواق العالمية، أما فيما يتعلق بـ«آيدا»، فإنه تستفيد منه 77 دولة وهي دول متوسط دخل الفرد فيها أقل من 1.2 ألف دولار في العام وهي دول مثل اليمن وجيبوتي التي يعتبر فيها متوسط دخل الفرد ضعيفا جدا، وليس لديها القدرة أو الملاءة المالية، التي تمكنها من الاستدانة من الأسواق العالمية، وهذه الدول إما أن تمنح منحا أو قروضا ميسرة مثل القرض الحسن الذي ليس عليه فوائد، لفترة سماح تستمر لمدة 20 عاما، ومعظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل المغرب والعراق والأردن ومصر ولبنان هذه كلها دول متوسطة الدخل، تستفيد من مساهمات البنك الدولي المالية من صندوق آخر غير صندوق مؤسسة التنمية الدولية، المخصص لـ77 دولة الأكثر فقرا في العالم.
* في ظل الأحداث الراهنة في سوريا وليبيا مثالا وما تتعرضان له من حرب طاحنة وخراب مستمر، كيف سيتعامل البنك مع هذه المعضلة؟
- ليبيا لا تستفيد ولا تستدين من مؤسسة التنمية الدولية، ولا يمكن فعل ذلك في الوضع الراهن على الأقل وليبيا تعيش وضعا سياسيا وأمنيا مضطربا لا يساعد على ذلك، بالنسبة لسوريا لأن دخل الفرد فيها انخفض، حيث أصبحت مؤهلة للتعامل معها ضمن مجموعة الـ77 دولة الأكثر فقرا في العالم، والتي يمكنها الاستفادة من تمويل المؤسسة الدولية للتنمية، ولكن بالنسبة لليبيا فهي في الماضي لم تكن تستدين من البنك الدولي لأنه في الأساس لم تكن محتاجة للاستدانة منه، بحكم أن الدخل فيها كان عاليا، ولكن في الوضع الراهن فإن الأمور غير واضحة وحينما تضع الحرب أوزارها في ليبيا وتستقر أمنيا وسياسيا ساعتها يمكن للمؤسسة الدولية أن تقدم مساعدات فنية وبعد تقييم البنك بعد نهاية الحرب فيما يتعلق بمواصلة مساعداته لليبيا، أما بالنسبة لسوريا فهناك اتجاه في «آيدا 18»، أن يخصص مبلغ مليار دولار لسوريا بعد نهاية الحرب فيها، وموضوعها بطبيعة الحال فإن الوضع في ليبيا غير الوضع في سوريا، لأن البنك الدولي عادة يقدم المساعدات الفنية خاصة أن ليبيا تتمتع بموارد مالية كبيرة.
* كيف يتم التعاون الآن بين البنك الدولي والسودان؟
- البنك الدولي يقدم مساعدات لجنوب السودان ولكن الحرب التي تدور هناك تصعب هذه المهمة، ولكن بالنسبة للسودان هناك عقبة تقف أمامه وهو موضوع المتأخرات التي لم يسددها على الـ20 عاما الماضية، خاصة أن البنك الدولي مثله مثل الجمعية التعاونية، ولذلك إذ لم تف الدولة بدفع متأخرات البنك عليها، ففي هذه الحالة لا يستطيع البنك أن يقدم مساعدات تمويلية للدولة، ولكن هناك طرق أخرى يمكن من خلالها أن يقدم البنك الدولي مساعدات للسودان، وهي عبارة عن جمع مبالغ من الدول المانحة يعطونها للبنك ليعطيها بدوره إلى السودان، ولكن البنك نفسه لا يستطيع أن يقدم من صندوقه مساعدات للسودان لأن القانون لا يسمح للبنك تقديم مساعدات لدول عاجزة عن سداد ما عليها من التزامات.
* أعلنت السعودية عن رؤيتها 2030 كيف ترون هذا التحول خاصة أن السعودية إحدى الدول الأعضاء؟
- أنظر إلى السعودية كعضو مهم جدا في البنك الدولي، فهي رائدة في العالمين العربي والإسلامي، بما تقدمه من مساعدات للدول الفقيرة في العالم، ومساهمات في مشروعات التنمية في مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية في كل من أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا فالمملكة شريك موثوق جدا للبنك الدولي، وما تلعبه من دور متعاظم في المنطقة، وفي زيارتي هذه أكدت مع المسؤولين السعوديين الدور المحوري للمملكة وقيادتها للعالمين العربي والإسلامي، لما لها من رؤية وصوت مسموع في المجتمع الدولي، وكعضو فاعل في مجموعة العشرين، ومنذ بداية سبعينات القرن الماضي تساهم السعودية بسخاء في دعم الدول الفقيرة من خلال صندوق مؤسسة التنمية الدولية وحتى الآن لم تقطع تلك المساهمات والآن المجتمع الدولي تبنى أهداف الألفية الجديدة التي تسمى الـ«إس دي جي sustainable development gools»، وهي تعني أهداف التنمية المستدامة الجديدة، و«آيدا 18»، ستكون أيضا هي الأداة الأساسية التي ستوفر تمويلا لهذه الدول تمكنها من تحقيق أهداف التنمية المستدامة الجديدة، ومن المؤكد ستستفيد الدول في العالمين العربي والإسلامي وفي أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية منها في الفترة المقبلة، وهذا أساس سبب زيارتي للمملكة هذين اليومين.
* ما تقييمك لبعض اقتصادات الدول اللافتة لنظر البنك الدولي؟
- من خلال نظرة عالمية، فإن هناك عددا كبيرا من الدول، معدلات النمو الاقتصادي فيها عالية وأخرى مضطربة، مثل رواندا وإثيوبيا التي تنمو بأكثر من 10 في المائة، وحتى في آسيا هناك دول مثل فيتنام والهند تنمو بنسبة تتراوح بين 8 و9 في المائة،، ولذلك فإن الدول النامية تنمو بمعدلات مختلفة، ومن الدول هناك ما كان معدل النمو فيها بطيئا وبعضها عانى من تراجع فمثلا اليمن يعاني من الهشاشة وليس النمو بسبب الحرب، لأن النمو أصبح سالبا وتحطمت البنية الأساسية، ففي التجارب العالمية هناك تباين أدى إلى اختلاف فيما حققته من نمو أو ما أصابها من تراجع.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».