محكمة بالخرطوم تلغي قرار حظر نشاط اتحاد الكتاب

أميركا تقرر رفع الحظر الأكاديمي عن السودان

محكمة بالخرطوم تلغي قرار حظر نشاط اتحاد الكتاب
TT

محكمة بالخرطوم تلغي قرار حظر نشاط اتحاد الكتاب

محكمة بالخرطوم تلغي قرار حظر نشاط اتحاد الكتاب

أمرت محكمة سودانية بإلغاء قرار وزارة الثقافة بتجميد نشاط اتحاد الكتاب السودانيين، وأبطلت قرار الوزارة الذي جمدت بموجبه الاتحاد منذ قرابة العامين، ما يعني رفع الحظر عن أنشطته الثقافية والاجتماعية والسماح له بمعاودة النشاط باعتباره مؤسسة ثقافية أهلية.
وألغى مسجل الجمعيات الثقافية، التابع لوزارة الثقافة السودانية، بخطاب رسمي في 29 من يناير (كانون الثاني) 2015 تسجيل الاتحاد من سجل الجمعيات الثقافية في البلاد، ما اعتبره أعضاء الاتحاد ولجنته التنفيذية امتدادًا لحملات السلطات ضد المراكز الثقافية، التي لا تتفق وتوجهات نظام الحكم.
وحلت حكومة الرئيس عمر البشير اتحاد الكتاب السودانيين عشية انقلاب يونيو (حزيران) 1989، ولم تسمح له باستئناف نشاطه إلا عام 2006، عقب توقيع اتفاق السلام الشامل، الذي شهدت بعده البلاد اتساعًا في دائرة الحريات العامة.
وقال كمال الجزولي، محامي الاتحاد وعضو مكتبه التنفيذي، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن محكمة الاستئناف الإدارية بالخرطوم قضت ببطلان قرار الوزارة بالحظر، وقطعت بأن وزارة الثقافة عجزت تمامًا عن إثبات دعاواها التي ألغت بها تسجيل الاتحاد، ولم تقدم في قضية دفاعها ما يسند قرارها بحظر نشاطه، «ما يعني أن الاتحاد سيواصل نشاطه الكامل».
وأوقف مسجل الجماعات الثقافية بالوزارة الاتحاد عن العمل تحت الزعم بأنه يمارس نشاطًا سياسيًا، لأنه يتحدث عن الديمقراطية والسلام وأشياء من القبيل، وإنه انضم لـ«كونفدرالية منظمات المجتمع المدني السودانية»، واعتبر ذلك مخالفة لدوره كجمعية ثقافية.
ورأت المحكمة أن القانون والنظام الأساسي لا يمنعان عضوية الاتحاد من الانضمام لكونفدرالية منظمات المجتمع المدني، وأن تلبيته لدعوات الوزارة لحضور اجتماعاتها أمر يخصه، ولا يوجد قانون يلزمه بقبول الدعوات وحضور الاجتماعات.
وتم حل اتحاد الكتاب السودانيين أول مرة في 1989، وصودرت داره ومنحت للاتحاد العام للطلاب السودانيين، ولم يسمح له بالعودة لممارسة نشاطه إلا في عام 2006، وهو ما اصطلحت عليه عضويته بـ«الميلاد الثاني للاتحاد». وحظر نشاطه للمرة الثانية في عام 2015، لكن أمرت المحكمة أمس بحقه في ممارسة النشاط، وهو ما اعتبره أعضاؤه «ميلادًا ثالثًا»، بيد أن قرار الحظر الأخير لم يتضمن مصادرة الممتلكات.
من جهة ثانية، أعلن السفير دونالد بوث، المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة الأميركية لدولتي السودان وجنوب السودان، عن عدة برامج تبادل لدعم الشراكات والتعاون بين بلاده ومؤسسات التعليم العالي السودانية، منهيًا بذلك حرمانًا طويلاً للباحثين والطلاب وأساتذة الجامعة السودانية من الدراسة في الولايات المتحدة.
وأعلن دونالد بوث عن عودة برنامج «فولبرايت» للباحثين السودانيين للولايات المتحدة والمتخصصين الأميركيين إلى السودان، بعد توقف دام 20 عامًا، وذلك بسبب العقوبات المفروضة على السودان.
ويهدف برنامج «فولبرايت» إلى جلب الخبراء الأميركيين إلى العمل مع الجامعات السودانية، وبناء القدرات وتعزيز الشراكات بينها والجامعات والسودانية.
وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم في نشرة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس إن عودة برامج «فولبرايت» للسودان خلال هذا العام تمثل أهمية بالغة، لا سيما أنه يوافق الذكرى 70 لبرنامج «فولبرايت»، وإنه يعزز التفاهم المتبادل بين شعب الولايات المتحدة وشعوب الدول الأخرى.
وأوضحت النشرة أن اثنين من الأساتذة الأميركيين هما الدكتور ديفيد روبرتشو من جامعة كورنيل والدكتور كريستوفر ثرون من جامعة تكساس، وصلا البلاد خلال هذا العام لمساعدة جامعة الزعيم الأزهري في المناهج الطبية والتكنولوجيا الطبية.
وأعلن المبعوث الأميركي بوث أن وزارة الخارجية الأميركية ستبعث 11 من مديري الجامعات السودانية، ووكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للولايات المتحدة يناير المقبل، لمقابلة عدد من مسؤولي الجامعات الأميركية، ولزيادة التبادل التعليمي بين مؤسسات التعليم العالي الأميركية والسودانية، معتبرًا الأمر استمرارًا لجهود بلاده لتعزيز الشراكات بين الجامعات السودانية والأميركية.
وللمرة الأولى خلال عشرين عامًا تقريبا، صار بمقدور الشباب السودانيين التقديم للمجالات الثلاث لزمالة مانديلا واشنطن، وهي الأعمال وريادة الأعمال، والقيادة المدنية، والإدارة العامة، وبهذا الخصوص قال بوث: «نأمل أن تستمر هذه البرامج في خلق فرص فريدة لتمكين قادة المستقبل، ونعتبر هذه تطورات إيجابية في علاقتنا، ولا نزال ملتزمين بتعزيز الاتصالات المباشرة بين شعبي بلدينا، وخلق فرص لبناء الثقة وتشجيع الشراكات وتمكين الجيل القادم من القادة».
وتسببت العقوبات الأميركية المفروضة على السودان في حرمان أعداد كبيرة من الباحثين والطلاب وأساتذة الجامعات، لأنها حرمتهم من الزمالات والمشاركة في البحوث والدوريات.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.