حلب تستنجد بمجلس الأمن دون جدوى.. وأوبراين يصف المدينة بـ«كتالوغ الرعب»

السفيرة الأميركية: المجتمع الدولي سيلجأ إلى الجمعية العامة إذا استخدم الروس «الفيتو»

نازحات من الأحياء الشرقية لحلب يسرن ضمن الجموع بأمتعة خفيفة هربًا من الغارات الوحشية باتجاه بلدة جبرين الواقعة تحت سيطرة النظام بريف حلب (رويترز)
نازحات من الأحياء الشرقية لحلب يسرن ضمن الجموع بأمتعة خفيفة هربًا من الغارات الوحشية باتجاه بلدة جبرين الواقعة تحت سيطرة النظام بريف حلب (رويترز)
TT

حلب تستنجد بمجلس الأمن دون جدوى.. وأوبراين يصف المدينة بـ«كتالوغ الرعب»

نازحات من الأحياء الشرقية لحلب يسرن ضمن الجموع بأمتعة خفيفة هربًا من الغارات الوحشية باتجاه بلدة جبرين الواقعة تحت سيطرة النظام بريف حلب (رويترز)
نازحات من الأحياء الشرقية لحلب يسرن ضمن الجموع بأمتعة خفيفة هربًا من الغارات الوحشية باتجاه بلدة جبرين الواقعة تحت سيطرة النظام بريف حلب (رويترز)

وصف مسؤولون دوليون الوضع في حلب بـ«المأساوي» و«الكابوس الذي لا يطاق»، وشددوا على ضرورة أن يتصرف مجلس الأمن الدولي لوقف المأساة الإنسانية التي أصبحت شغل الضمير العالمي. وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا بشأن الوضع المتدهور في شرق حلب، في الوقت الذي صعدت فيه قوات النظام السوري هجومها لاستعادة السيطرة على شرق المدينة، مما أدى إلى كارثة تجاوزت أي وقت مضى للمدنيين المحاصرين في المدينة. وأكد أعضاء المجلس ضرورة وقف الحرب على حلب، والتوصل إلى توافق بين الأعضاء من أجل اعتماد قرار دولي جديد. وفي هذا الشأن، أكد سفراء مصر ونيوزلندا وإسبانيا على أن مشروع قرارهم هو الحل الأمثل للوضع الحالي لأنه يتعامل مع كل قضايا حلب وسوريا الملحة. وينص المشروع على هدنة مدتها 10 أيام في حلب، ووقف الأعمال العدائية في باقي أنحاء البلاد، وفقا للقرار رقم «2268»، إضافة إلى إيصال المساعدات، وفصل القوات المعارضة عن تلك المصنفة من قبل مجلس الأمن على أنها إرهابية.
ووجه سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا انتقادات لاذعة لروسيا ونظام الأسد، لاستمرار قواتهما العسكرية في قصف حلب، وشددوا على أن الهجمات التي تقوم بها تلك القوات قد أزمت الأمور، وأن «روسيا والنظام» يؤمنان بأن الحل عسكري؛ خلافا لما تم الاتفاق عليه بأن الحل سياسي.
من جانبها، أشارت الأميركية سامانتا باور إلى أن المجتمع الدولي سيلجأ إلى الجمعية العامة في حال استخدم الطرف الروسي الفيتو مجددا.
نائب المندوب الصيني، رحب بالاقتراح الروسي بتقديم المساعدات الإنسانية إلى سكان حلب. وقال إن أي قرار يتم اتخاذه من قبل المجلس يجب أن يفضي إلى حل المشكلة بأكملها.
من جانبه، قال المندوب الروسي، فيتالي تشوركين، إن على المجلس أن يناقش الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا برمته؛ حيث تعرض الملايين من الناس للويل بسبب «التدخل الأجنبي».
ووجه تشوركين انتقادات لاذعة للمبعوث الأممي دي ميستورا لعدم تمكنه من العمل على جمع الأطراف في مفاوضات سلمية، وفشله في الإعلان أن المعارضة هي التي أفشلت جهوده.
وحذر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، من أن سقوط شرق حلب قد يؤدي إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة في حال اضطر الناس للفرار، لافتا إلى أن الآلاف قد فروا من النزاع في الأيام القليلة الماضية. وقال دي ميستورا إنه «على الأطراف أن تسمح دون شروط مسبقة بوصول المساعدات إلى حلب وخارج حلب، وأن تضمن عدم معاقبة الفارين منها».
كما أبلغ دي ميستورا المجلس بنتائج محادثاته في دمشق مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بشأن الخطة المسماة «خطة حلب». وتنص على الوقف الفوري والكامل لقصف شرق حلب، ويليه إخلاء مقاتلي «النصرة»، والإبقاء على الإدارة المحلية في شرق حلب على حالها، أي تحت سيطرة المعارضة، غير أن النظام رفض رفضا قاطعا هذا الشرط، رغم تأكيد دي ميستورا على أن الإدارة لا تعني حكما ذاتيا؛ بل فقط إدارة محلية.
وشدد دي ميستورا على أنه يجب التركيز على الحل السياسي للصراع، وفقا للقرار رقم «2254». وقال إن خطته بشأن حلب ما زالت على الطاولة، وطالب المجلس باعتمادها، والتي يمكن أن تشمل فصل الإرهابيين عن مقاتلي المعارضة. وأشار دي مستورا إلى أنه طلب من وليد المعلم السماح بنشر فريق أممي للتحقيق في اتهامات بقصف أماكن مدنية في شرق حلب وغربها، مقترحا أن يعتمد مجلس الأمن هذا الاقتراح.
من جانبه، قال رئيس الشؤون الإنسانية، ستيفان أوبراين، إن الهجوم على حلب أدى إلى نزوح أكثر من 25 ألف شخص، بسبب الهجوم الذي تشنه قوات النظام السوري على مناطق شرق حلب الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة. إلا أنه أشار إلى أن المعارضة كذلك مسؤولة عن قصف الأحياء في الطرف الآخر من المدينة. ووصف أوبراين مدينة حلب بـ«كتالوغ الرعب»، وأنها «مقبرة عملاقة»، مضيفا: «لم يبق أي خط أحمر لم يتم تخطيه، وتم تجاهل قوانين الحرب بالكامل». وقال إن حلب التي تعد من أقدم مدن العالم، وعاصمة سوريا الصناعية، تدمر ليلا ونهارا. وأبلغ بأن عدد النازحين في غرب حلب بلغ 400 ألف، بالإضافة إلى النازحين الجدد، وأن غارة قتلت الأربعاء الماضي كثيرا من المدنيين في حلب.
وقال أوبراين إن على المجلس أن يعمل اليوم على إجبار الأطراف على ضرورة احترام المدنيين، ووصول المساعدات للمحتاجين والمحاصرين، ووقف الحصار بشكل تام ونهائي، «وإلا فإن العدالة والحساب بانتظارها». وأشار إلى أن الآلاف موجودون داخل مصانع في مناطق تسيطر عليها قوات النظام في منطقة جبرين، بالإضافة إلى عائلات في منطقة الشيخ مسعود، وأنهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية وصحية عاجلة.
وطالب أوبراين المجلس بعمل كل ما في وسعه لوقف العنف في حلب ومساعدة الناس، مشددا على أن من حق الناس المغادرة إلى الجهة التي يختارونها، وأنه على المعنيين احترام كرامة العائدين وعزتهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.