مستقبل الألعاب الكومبيوترية: فرص كبرى لتوظيف نظم الواقع الافتراضي والمختلط

بعد مرور 20 عامًا على تأسيس شركة «ألينوير» الرائدة لألعاب الكومبيوتر

جهاز ألعاب «ألفا رو2» من «ألينوير»
جهاز ألعاب «ألفا رو2» من «ألينوير»
TT

مستقبل الألعاب الكومبيوترية: فرص كبرى لتوظيف نظم الواقع الافتراضي والمختلط

جهاز ألعاب «ألفا رو2» من «ألينوير»
جهاز ألعاب «ألفا رو2» من «ألينوير»

صادف يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الذكرى العشرين لإنشاء شركة «ألينوير»، وهي الآن جزء من شركة «ديل» الأميركية العملاقة. وتحولت شركة «ألينوير» إلى واحدة من كبريات شركات ألعاب الكومبيوتر، وهي تفتح الطريق للفرص الكبيرة بالنسبة لمجال الواقع الافتراضي، والواقع المختلط mixed reality، الذي يعتقد فرانك ازور المؤسس المشارك لها أنه سوف يحرك النمو في مجال ألعاب الكومبيوتر خلال العقود المقبلة.
ويتذكر فرانك ازور الأيام الأولى للشركة: «كانت أوقاتا ساخنة من بناء ألعاب الكومبيوتر الشهيرة، والألعاب العادية، والكثير من عروض الخيال العلمي، وكانت أوقات طيبة على وجه العموم». ويقول ازور: «كنا أربعة من الرجال في مكتب صغير للغاية، ولديهم بعض من آليات المراجعة، وبعض المجلات القليلة التي تقول إن عملهم رائع للغاية، وهاتف قديم ذو جرس يدق بصعوبة بالغة، وكنا نحاول بيع جهاز كومبيوتر واحد في كل يوم، أو ربما كنا نستطيع».
ونقلت وكالة «آي دي جي» للإعلام التقني عن أزور، الذي يشغل الآن منصب المدير العام لشركة «ألينوير» وكومبيوترات «إكس بي إس» في شركة «ديل»، قوله: «ساعدنا في بناء صناعة ألعاب الكومبيوتر لما هي عليه اليوم. وبأي حال من الأحوال لم يكن ذلك جهد شركة واحدة، ولكننا كنا من المساهمين الأوائل في ذلك المجال. ولسوف نصنع الشيء ذاته بالنسبة للواقع الافتراضي».
* عالم افتراضي
عندما افتتحت شركة «ألينوير» أبوابها، كانت كومبيوترات الألعاب شيئا جديدا ومتخصصا للغاية. والآن، فهي من الأشياء الشهيرة: ولا تزال رائعة المظهر ومجهزة بأحدث التقنيات. تزدهر مبيعات أجهزة الكومبيوتر المخصصة للألعاب في حين أن أسواق أجهزة الكومبيوتر العادية في تراجع. ويحاول كبار مصنعي أجهزة الكومبيوتر (الذين تغافلوا عن الأسواق) الهرولة للحاق بسوق الكومبيوترات المحمولة والكومبيوترات المكتبية من إنتاجهم.
ومن أهم وأكبر الأسباب لانخفاض الطلب على أجهزة كومبيوتر الألعاب حاليا: أن الأداء المتطور للغاية يجعلهم مستعدين للدخول في مجال الواقع الافتراضي، وهي من الفرص الكبرى بالنسبة لشركات تكنولوجيا المعلومات.
ويلفت السيد ازور الانتباه إلى الشبه القوي بين الواقع الافتراضي وصناعة الألعاب، فمع زيادة نمو مجتمع الواقع الافتراضي، فسوف تكون هناك المزيد من الاستثمارات، والمحتويات، والأجهزة، والطرق المفضلة لدى المستخدمين لتجربة المحتويات ثلاثية الأبعاد الجديدة.
يقول ازور: «رأينا هذا في عالم الألعاب قبل 20 عاما. ومررنا بكل ذلك أيضا. سوف يكون للواقع الافتراضي والواقع المختلط الريادة كمثل حياتنا تماما، بالنسبة لصناعة الكومبيوترات ولصناعة الألعاب وتقنياتها كذلك».
تتخذ شركة «ديل» منهجا مدروسا نحو الواقع الافتراضي. والكثير من المسائل تتعلق بالسماعات، والأسعار، وتجارب المستخدمين التي يجب دراستها جيدا. ويقول ازور: «لا يزال هناك الكثير مما يجب تعلمه. ونحن لا نفضل أسلوب القفز العشوائي على الأمور ونفعل شيئا يتسم بالإهمال وعدم التقدير ونقع في بعض الأخطاء».
يبدأ طريق شركة «ديل» نحو الواقع الافتراضي مع أجهزة كومبيوتر «ألينوير» للألعاب. ولقد أظهرت الشركة نظما مبتكرة وجديدة للواقع الافتراضي التي استخدمت فيها أجهزة كومبيوتر صغيرة. وتعمل شركة «ديل» مع شركتي «أوكولوس» و«فايف» على تطوير السماعات الرأسية، ولا تخطط لإنتاج جهاز العرض الرأسي الخاص بها.
ولكن الألعاب لا تزال من أهم الأولويات بالنسبة لشركة «ألينوير»، ولقد حشدت مجموعة كبيرة من المتابعين على مدى العشرين عاما الماضية. وأجهزة الكومبيوتر مثل «Area 51» تتمتع بتصاميم مدهشة، وعلامة الشركة يسهل التعرف عليها للجميع.
اتخذت شركة «ألينوير» اسمها من الهوس بالخيال العلمي في عقد التسعينات. حيث كان المؤسسون المشاركون نيلسون غونزاليز واليكس اغويلا من كبار المعجبين بسلاسل أفلام الخيال العلمي والمسلسلات التلفزيونية على غرار مسلسل «X - Files» الشهير.
يقول ازور: «كانت نظرة نيلسون تدور حول إمكانية إنتاج أفضل وأحدث أجهزة الكومبيوتر بكل طاقتنا. وكنا نميل في ذلك الوقت إلى التفكير في الكائنات الفضائية وأن تنقل لنا التكنولوجيا المتفوقة عندهم».
كانت أجهزة الكومبيوتر المخصصة للألعاب من إنتاج شركة «ألينوير» تباع بأكثر من 3 آلاف دولار للجهاز الواحد، والذي كان من الأسعار المرتفعة للغاية في ذلك الوقت الذي كان الجميع يحاولون فيه تخفيض أسعار الكومبيوترات.
وكانت هناك شركات محدودة تنافس في مجال كومبيوترات الألعاب من حيث الأسعار والمميزات، مثل شركة «VoodooPC» التي توقفت عن العمل حاليا وشركة «Falcon Northwest» وبمرور الوقت، تفوقت شركة «ألينوير» من حيث التصميم، بينما تراجع جهاز «Mach V» من إنتاج شركة «Falcon Northwest» من حيث الأداء.
* تاريخ في الألعاب
بدأت شركة «ألينوير» ثورة الألوان في عالم أجهزة كومبيوتر الألعاب، كما أشار كيلت ريفز مؤسس شركة «Falcon Northwest» كانت أغلب أجهزة كومبيوتر الألعاب مملة، وعبارة عن صناديق بنية اللون، ولكن شركة «ألينوير» أضافت الكثير من الألوان إلى تلك الأجهزة بدءا من عام 2000.
وأصبحت أجهزة كومبيوتر الألعاب الملونة هي السائدة الآن. ومن المفارقات أن شركة «ألينوير» صارت متحفظة الآن بشأن الألوان، وتقدم نظمها الجديدة من اللون الأسود والفضي، كما يقول ريفز. وهذا يتماشى ويتسق مع أجهزة الكومبيوتر من إنتاج شركة «ديل».
كانت أجهزة كومبيوتر الألعاب الأولى من إنتاج شركة «ألينوير» مصنعة من مكونات متوفرة في الأسواق، وكان يتم التحقق من الأجهزة، وضبطها وإرسالها إلى العملاء. ومن الابتكارات الكبيرة كان هيكل جهاز «Predator» غير التقليدي لأجهزة كومبيوتر الألعاب، الذي كان أول أجهزة كومبيوتر الألعاب يتم تصميمها داخل الشركة بالكامل.
يقول ازور: «لم نتمكن من إنتاج أي جهاز بالكامل داخل الشركة من قبل وكنا نعتبر ذلك من التحديات المهمة بالنسبة لنا. ونقل جهاز Predator مسؤولي الشركة إلى آسيا للحصول على المكونات اللازمة وتعلم كيفية العمل على الأدوات وقطع الغيار والتصنيع».
وقامت شركة «ألينوير» بابتكار جديد في عام 2003 من خلال كومبيوتر محمول باسم «Area - 51M»، الذي كان أول أجهزة كومبيوتر محمول مخصص بالكامل للألعاب فقط، مع الرسوميات التي يمكن تحديثها. ولكن للجهاز مواصفات مذهلة - الشاشة 15.4 بوصة، والمعالج بنتيوم - 4 3.2 غيغاهيرتز، والذاكرة العشوائية 1 غيغابايت، والقرص الصلب سعة 60 غيغابايت، وبطاقة الشاشة طراز «GeForce FX Go5600 GP» من إنتاج شركة «Nvidia».
وكان أكبر إنجاز هو استحواذ شركة «ديل» على شركة «ألينوير» في عام 2006، وهو الحدث الذي شرعن لدخول أجهزة كومبيوتر الألعاب إلى الأسواق الكبيرة.
يقول ريفز مؤسس شركة Falcon Northwest: «قبل استحواذ شركة (ديل)، كان الظن الشائع أن أجهزة كومبيوتر الألعاب من المنتجات المتقدمة التي توفرها مجموعة متخصصة فقط من الشركات الصغيرة المستقلة التي تستهدف شريحة محددة من المتحمسين للألعاب. وكانت هناك محاولات فاشلة من قبل بعض كبريات شركات الكومبيوتر مثل شركة NED Power Player».
وفي وقت استحواذ شركة «ديل»، كانت المبيعات السنوية لشركة ألينوير تبلغ 172 مليون دولار ويعمل فيها نحو 800 موظف فقط. وكان استحواذ شركة «ديل» ملهما لشركة «إتش بي» كي تستحوذ هي الأخرى على شركة «Voodoo»، والتي قد فشلت من قبل وأغلقت تمامًا في نهاية المطاف.
بعد عشر سنوات من استحواذ شركة «ديل»، وسعت شركة «ألينوير» من عروض الألعاب لديها، وأجرت تجارب على تصميمات جديدة، وبدأت في استهداف عملاء جدد غير فئة المتحمسين لأجهزة كومبيوتر الألعاب.
واصلت شركة «ديل» استثمارها في شركة «ألينوير»، وشجعت تطوير المنتجات الفريدة من نوعها مثل مكبر الرسومات من «ألينوير»، والهيكل المدمج الجديد لتثبيت أحدث وحدات معالجة الرسومات في أجهزة الكومبيوتر المكتبية والمحمولة.
* منتجات مطورة
* تحاول شركة «ألينوير» طرح منتجات مفعمة بالمخاطرة مثل «Steam Machine»، التي هي على غرار منصة الألعاب من شركة «لينكس» لأجهزة كومبيوتر الألعاب المعتمدة على التصميمات من شركة Valve وهناك قاعدة من المستخدمين الذين يفضلون «Steam Machine»، على الرغم من أنها أبعد ما تكون عن الشعبية مثل كومبيوترات «ويندوز» المخصصة للألعاب.
يقول ازور: «هناك مخاطرة كبيرة بالنسبة إلى (Steam Machine)، وهي مخاطرة لم تعُد بالكثير من النتائج من حيث عدد الوحدات المبيعة بقدر ما كان الجميع يتوقع لها، ولكنها من المخاطر التي سوف نستمر في الاستثمار فيها».
يحب الناس «Steam Machine» من أجل واجهتها المميزة للتحكم في الألعاب ومقدرتها على اللعب ومشاركة الألعاب التي كانت منتشرة في الأسواق قبل أعوام مضت.
وبطريقة ما، لم يغير استحواذ شركة «ديل» من الطريق التي تسير بها الأمور في شركة «ألينوير». وبالنسبة إلى ازور، فإن كل يوم يمر يذكرهم بما كانت عليه الأمور قبل 20 عامًا عندما كانت الشركة في أول أيام عملها. ولا يزال الشغف بالألعاب حيا وباقيا، غير أن الذي تغير هو البيئات المحيطة.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».