* A Good Wife
* إخراج: مريانا كارانوفيتش
* دراما اجتماعية | صربيا - بوسنيا - 2016
* تقييم الناقد: (4*) (من خمسة)
من حين لآخر يطل عليك فيلم يذكرك الفارق الشاسع بين كيف تتم معالجة المواجع والفواجع الإنسانية في السينما العربية وكيف تتم معالجتها في السينما الغربية.
«زوجة طيبة» إنتاج صربي – بوسني - كرواتي مشترك (في زمن مضى كان يمكن الاكتفاء بكلمة يوغوسلافي) يعاين وضعًا اجتماعيًا بائسا ويستخرج من جسده ابتسامة ولو حزينة. وهو يعالج كل ذلك بالصمت هنا، وبالنظرة هناك وبالقليل من الحوار في الوقت الذي ما زالت أفلام عربية مختلفة تعمد إلى الحوار لكي يكشف الدواخل والجوانيات، بل تكرر ما قيل مرّات ومرات وتستعين بموسيقى مضخّمة لزيادة جرعة الإلحاح العاطفي.
«زوجة طيّبة» يدور حول امرأة في منتصف العمر اسمها ميلينا (مريانا كارانوفيتش التي تقوم بالإخراج أيضًا) ترعرع أولادها وانفصلوا عنها في حياتهم الخاصّة. زوجها الذي تحب، واسمه فلادا (بوريس إيزاكوفيتش)، هو كل ما في حياتها. الحب الذي تشعر به حيالها، والحب الذي يكنه لها، ألّفا صرحًا مشتركًا. كشف لها الطبيب أنها مصابة بسرطان الثدي. في الوقت ذاته اكتشفت أن زوجها، الذي شارك في الحرب الأهلية في مطلع التسعينات، قتل مسلمين أبرياء، قام وجماعته في الجيش بجمعهم وتنفيذ حكم الإعدام بهم، ما زال يميل إلى النكران والاحتجاج عندما يسمع تحليلاً عن المذابح التي ارتكبها الصرب بحق البوسنيين، وهو يخشى تسرّب معلومات قد تفضحه وتقدّمه للمحكمة. هي شاهدت شريط فيديو مصوّرا ويشرح ما ارتكبت وهذا هزّها كثيرًا. لم تكمله، لكنها ستفعل تحت ضغط الرغبة في معرفة ما ستكون عليه حالها معه بعد اكتشافها ذاك. بقدر ما كان الفيلم عن ميلينا، بقدر ما هو عن فلادا ولو بقيت هي المحور. هو عنها لأنها المفتاح الذي بيد السيناريو (كتبته مع اثنين آخرين) لكشف سيرتها وسيرة حياتها اليوم. وعنه؛ لأنه الشخص المعذّب بما قام به بالأمس، وإن أنكر واعتبر أن الجميع ارتكب الأخطاء ذاتها وليس فقط الصرب. الألم، ظاهر على محياها خفي في داخله، هو ما يجمعهما وميلينا، التي ترضخ في النهاية لعملية استئصال أحد ثدييها، هي التي ستحاول سد الشرخ النفسي الحاصل في داخل كل منهما لأنها، وكما يقول عنوان الفيلم، زوجة طيبة.
مريانا كارانوفيتش (69 سنة، 50 فيلما) ذات خلفية واسعة في التمثيل وبعض أفلامها بصفتها ممثلة وردت في أفلام أترابها مثل أمير كوستوريتزا وغوران باسكالوفتيش. وهي مثلت دورًا في «سر أسما» للبوسنية ياسميلا زبانوفيتش، التي تشترك في إنتاج فيلمها هذا، الأول، لكارانوفيتش بصفتها مخرجة. عملها ذكي وخلاب وسيطرتها على عناصر التنفيذ، صورة وإضاءة وصوتًا وتحريك ممثلين، يكشف هذا الذكاء ويستلهم من موهبتها. كذلك يأتي موضوعها باعتباره ترميما لجسر بدأته أفلام بوسنية تحدثت عن تلك الحرب وما تخللها وتستكمله هي بشجاعة مثيرة للإعجاب.