القمة العربية - الأفريقية تختتم أعمالها بالتأكيد على التنسيق السياسي والأمني الكامل بين دولها

الشيخ صباح الأحمد يؤيد استضافة السعودية القمة الخامسة ويشيد بمكانتها العالمية المرموقة

لقطة تذكارية للأمراء والزعماء والقادة إثر حضورهم القمة العربية الأفريقية في مالابو (غيتي)
لقطة تذكارية للأمراء والزعماء والقادة إثر حضورهم القمة العربية الأفريقية في مالابو (غيتي)
TT

القمة العربية - الأفريقية تختتم أعمالها بالتأكيد على التنسيق السياسي والأمني الكامل بين دولها

لقطة تذكارية للأمراء والزعماء والقادة إثر حضورهم القمة العربية الأفريقية في مالابو (غيتي)
لقطة تذكارية للأمراء والزعماء والقادة إثر حضورهم القمة العربية الأفريقية في مالابو (غيتي)

اختتمت القمة الأفريقية العربية الرابعة أعمالها في مالابو بغينيا الاستوائية أمس، بتأكيد ضرورة الشراكة الاستراتيجية، والتنسيق السياسي والأمني الكامل بين جميع الدول المشاركة، وسط خلافات عاصفة أدت إلى انسحاب تسع دول عربية، تضامنا مع المغرب الذي احتج بعد إصرار الاتحاد الأفريقي على إبقاء لوحة الجمهورية الصحراوية في القمة.
واعتمد القادة الحاضرون إعلان القمة الرابعة في مالابو، الذي أكد الشراكة الكاملة والبناء على ما سبق، والتطلع للمستقبل بروح أخوية، وإبعاد شبح التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للإقليمين، مجددين التزامهم بمواصلة الجهود المشتركة من أجل تحقيق تطلعات الشعوب وتعزيز العلاقات الأخوية الطويلة الأمد بين أفريقيا والعالم العربي على أساس المصالح والمنافع المتبادلة، والتغلب على التحديات، وإزالة العقبات أمام تفعيل التعاون الأفريقي - العربي وتطويره.
ورحب الإعلان باعتماد أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي وخريطة الطريق الخاصة، وكذلك بالخطط والاستراتيجيات الصادرة عن مؤتمرات القمة العربية، بما في ذلك الإعلان العربي حول تنفيذ خطة التنمية المستدامة الصادرة عن قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في نواكشوط هذا العام.
وكانت دول المغرب والبحرين والسعودية، والإمارات والأردن وقطر واليمن، بالإضافة إلى سلطنة عمان، والصومال، قد أعلنت انسحابها احتجاجا على مشاركة جبهة البوليساريو في القمة، التي تعقد تحت عنوان «التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادي بين أفريقيا والعالم العربي».
وكان من أبرز الحضور في الجانب العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والرئيس السوداني عمر حسن البشير.
وطالب المسؤول المصري أبو الغيط بأهمية تسوية المشكلة التي أدت إلى عدم مشاركة عدد من الدول العربية في أعمال القمة، والوصول إلى صيغ تنهي هذا الموقف حتى لا يتكرر ما حدث. وأوضح المتحدث باسم الأمين العام حرص أبو الغيط على أن يلفت النظر في كلمته إلى شعوره بالحزن لعدم قدرة الدول العربية والأفريقية المشاركة في القمة على تسوية الإشكال، الذي أعاق العملية التحضيرية للقمة، مضيفا أن الموقف الذي عبرت عنه الدول التي لم تشارك تمثل في التمسك بالضوابط التي سبق العمل بها في القمتين السابقتين، اللتين عقدتا في سرت عام 2010 والكويت عام 2013، وهو الموقف الذي أشار أبو الغيط إلى أنه لا يسعه بصفته أمينا عاما، إلا أن يتفهمه ويؤيده.
وتمنى الأمين العام أن تتواصل قريبا المشاورات ببن الجانبين العربي والأفريقي من أجل تسوية الإشكال الذي ظهر كعقبة في طريق التعاون العربي - الأفريقي، وبما يسمح باستئناف هذا التعاون المهم والحيوي للجانبين بشكل نشط وإيجابي.
وأكدت وزارة الخارجية المغربية أن المملكة ومعها دول عربية وأفريقية أخرى حرصت على توفير وسائل الدعم وجميع الظروف الملائمة لإنجاح القمة، وأنها كانت ولا تزال على وعي تام بما تمثله الشراكة العربية - الأفريقية من أهمية، وما تشكله من رهان يصب في اتجاه تعزيز مكانة المجموعتين.
وأضاف البيان أنه «كان من بين هذه الضوابط المنبثقة عن احترام الوحدة الترابية للبلدان، أن تقتصر المشاركة في الأنشطة التي تجمع الطرفين على الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، غير أنه لوحظ إخلال بهذه الضوابط، إذ وضع علم ولافتة باسم كيان وهمي داخل قاعات الاجتماعات».
وبعد أن بذلت تلك الدول، ومعها دول أخرى، جهودا مسؤولة وصادقة للتشبث بالضوابط التي أجازتها القمم العربية الأفريقية السابقة، ظل الوضع على ما هو عليه، فوجدت تلك الدول نفسها مضطرة، مع كامل الأسف، إلى الانسحاب من المؤتمر حتى لا تكون طرفا في الإخلال بالضوابط المشتركة العربية الأفريقية، وحتى لا يسجل عليها التاريخ أنها تراجعت عن المكتسبات المشتركة التي ستسمح للعرب والأفارقة ببناء المستقبل، ومواجهة التحديات الأمنية والتنموية الماثلة أمامهم.
وكان الرئيس الغيني أوبيانج إنجومباسوجو قد افتتح القمة، واعتبرها فرصة للعرب والأفارقة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في قمة الكويت، وتحديد الأولويات ووضع خريطة للعمل على كل المحاور السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال إطار يسمح بدعم اقتصادات الدول وتعبئة الموارد المالية اللازمة. وقال بهذا الخصوص إن الشعوب العربية والأفريقية تملك كثيرا من الميزات المشتركة ثقافيا وتاريخيا كي تتحقق من خلالها أهداف التنمية، وطالب بالوقوف في وجه التحديات التي تعترض التعاون حتى تتمكن دول القارة من ممارسة سيادتها ضد التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، مطالبا في ذات السياق بأهمية وجود مقعد دائم في مجلس الأمن لقارة أفريقيا.
كما شدد الرئيس الغيني على أن هذه القمة سوف تشكل نقطة تحول تمكن شعوب المنطقتين من العيش بمستوى اقتصادي أفضل.
من جهته، تحدث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد عن أهمية صناديق التنمية للاستثمار في أفريقيا بقروض ميسرة، وتعهد بالعمل حتى تكون الشراكة ضمن اقتصاديات العالم الواعدة، وكذلك السعي لتحقيق التكامل ببين الدول، كما لفت النظر إلى التحديات والأخطار والظروف الدقيقة التي انعكست على أمن واستقرار المنطقة ومعدلات التنمية، داعيا إلى استمرار التعاون من أجل الحفاظ على وحدة الأوطان والنأي بالدول عن أي تدخل خارجي، مؤكدا دعم ومساندة الكويت لطلب السعودية باستضافة القمة الخامسة لما تحظى به من مقومات ومكانة عالمية مرموقة.
وبصفته رئيسا للدورة الراهنة للقمة العربية، دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى الدفع بالعمل المشترك إلى آفاق أفضل وعلى أساس مبادئ الاحترام وحسن الجوار، والمصالح المتبادلة. كما تحدث عن التحولات الدقيقة على المستويين السياسي والاجتماعي التي تستوجب تطوير الشراكة الاستراتيجية.
من جانبه، تحدث الرئيس التشادي إدريس ديبي عن أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تأخرت كثيرا، مؤكدا أهمية مكافحة الإرهاب والهجرة، ودعا إلى تعزيز التعاون في هذه المجالات المهمة من خلال قرارات القمة وخطة العمل.
وفي كلمته أمام القمة خلال الجلسة المغلقة، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر تضع تحقيق السلم والأمن بالعالمين العربي والأفريقي على رأس أولوياتها للسياسة الخارجية المصرية، مؤكدا أن مصر ستواصل جهودها لتحقيق السلام والتنمية المستدامة. وأضاف أن جهود مصر مستمرة لتعزيز التعاون الاقتصادي العربي والأفريقي، موضحا أن توافر البنية التحتية الإقليمية للمساعدة يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين العربي والأفريقي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».