المواجهة الدامية بين فيون وجوبيه.. والحسم الأحد المقبل

المرشح اليميني يسعى لردم الهوة مع خصمه بالتصويب على برنامجه

فرنسوا فيون حصل على أكثر من 44 % من أصوات الفرنسيين الذين صوتوا في الجولة الأولى (رويترز)
فرنسوا فيون حصل على أكثر من 44 % من أصوات الفرنسيين الذين صوتوا في الجولة الأولى (رويترز)
TT

المواجهة الدامية بين فيون وجوبيه.. والحسم الأحد المقبل

فرنسوا فيون حصل على أكثر من 44 % من أصوات الفرنسيين الذين صوتوا في الجولة الأولى (رويترز)
فرنسوا فيون حصل على أكثر من 44 % من أصوات الفرنسيين الذين صوتوا في الجولة الأولى (رويترز)

يحكى في الدوائر المقربة من المرشح اليميني آلان جوبيه أنه في الدقائق التي تلت إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط الفرنسي الأحد الماضي، تساءل كثيرون من أوفيائه عن «الفائدة» في الاستمرار في معركة تبدو خاسرة سلفا. ذلك أن المرشح الآخر فرنسوا فيون اكتسح الانتخابات وحصل على أكثر من 44 في المائة من أصوات الملايين الأربعة من الفرنسيين الذين صوتوا في الجولة الأولى. وبالمقابل، فإن جوبيه الذي كان يظن أنه سيحتل المرتبة الأولى في المنافسة، لم يتخط سقف الـ24 في المائة. لكنه، رغم هذه النتائج المخيبة للآمال، سارع إلى وضع حد للجدل بالإعلان أنه «ماض في المعركة» وأن المقارعة «ستكون بين برنامجين انتخابيين» سيحسم بينهما ناخبو الأحد المقبل.
حقيقة الأمر أن جوبيه لم يكن يتوقع، مثله مثل المرشحين الآخرين، فوز فيون الساحق بل كان يتهيأ لمواجهة رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي في الجولة الثانية. لكن ما تمخضت عنه الجولة الأولى قلب المعادلات والاستراتيجيات. كذلك فإن التقدم الكبير لفيون على منافسه جوبيه (16 نقطة) دفع الأخير إلى الإسراع في مهاجمة منافسه واستخدام الأسلحة السياسية المتوافرة كافة لقلب المعادلة وردم الهوة الفاصلة بينهما أملا في التقدم عليه. وما يزيد المنافسة حدة أن الذي سيخرج فائزا من صندوق الاقتراع مساء 27 الحالي سيكون قد لامس قصر الرئاسة وسيكون له حظ وفير بأن يصبح ثامن رئيس للجمهورية الفرنسية في مايو (أيار) المقبل، خلفا للرئيس الاشتراكي الحالي فرنسوا هولاند.
يقال: لا صداقات ولا عداوات دائمة في عالم السياسة وإنما مصالح. وهذه المقولة برزت صحتها في اليومين الماضيين، حيث أعداء فيون في الأمس أصبحوا اليوم من أشد أنصاره وأشرس المدافعين عنه. وبعد أن أعلن الرئيس ساركوزي أنه سيصوت لصالح فرنسوا فيون، ضاقت مكاتب الأخير التي غزاها الموالون والأنصار الجدد من نواب وأعضاء مجلس الشيوخ وقادة اليمين وكبار عمداء المدن. وتجمع المصادر المتابعة للعملية الانتخابية أن جوبيه يحتاج لـ«معجزة» حتى يتمكن من الفوز بترشيح اليمين الفرنسي. ويتعين على جوبيه أولا أن يهدم الهوة السحيقة التي تفصله عن فيون (16 نقطة) وأن يجتذب ناخبين إضافيين يمكنونه من تخطي عتبة الخمسين في المائة فيما خصمه لا يحتاج إلا لست نقاط. ويعول فيون على ناخبي ساركوزي (20 في المائة) وناخبي المرشح الشاب برونو لو مير (2.5 في المائة) اللذين دعيا للتصويت لصالحه. وتبين عملية حسابية بسيطة أن فوز فيون بالأكثرية يبدو في متناول لديه إلا إذا حصل زلزال سياسي أو ارتكب خطأ كبيرا في الأيام الأربعة الفاصلة عن الجولة الثانية.
يريد جوبيه (وقد بدأ ذلك منذ أول من أمس) التصويب على برنامج منافسه فيون في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الداخل والخارج. كذلك يسعى لأن يدمج صورة فيون بصورة ساركوزي لأنه كان رئيس حكومته طيلة ولاية كاملة وبذلك يجعله «شريكا» في تحمل أخطاء وأوزار عهده. لكن النقطة المفصلية لخطة جوبيه هي تفنيد برنامج منافسه. ففي الجانب الاقتصادي، يعتبر أن مقترحات فيون «عنيفة» من جهة و«صعبة التنفيذ» من جهة أخرى. فبرنامج فيون مغرق في ليبراليته إلى درجة أن يقارن برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر أو الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان لأنه يريد خفض التقديمات الاجتماعية وتحجيم الآلة الحكومية والإدارية عن طريق إلغاء 500 ألف وظيفة في السنوات الخمس المقبلة وزيادة الضريبة المضافة نقطتين ورفع سن التقاعد إلى 65 عاما وإلغاء ضريبة الثروة التي تفيد الأغنياء وتخفيف العبء الضريبي عن الشركات. وبحسب جوبيه فإن هذا البرنامج لا يمكن تنفيذه دون إحداث خضات عنيفة داخل المجتمع الهش وبالتالي فإنه سيكون خطرا على السلم الاجتماعي. لكن تتعين الإشارة إلى أن بعض ما يقترحه فيون موجود في برنامج جوبيه ولكن بشكل مخفف قليلا.
أما في الجانب الاجتماعي، فإن جوبيه يركز على كون فرنسوا فيون مغرقا في «رؤية محافظة» للمجتمع؛ إذ إنه يتبنى النظرة الكاثوليكية المحافظة التي وقفت (وما زالت تقف) بوجه التحولات الاجتماعية. ويستفيد فيون من دعم المجموعات الأكثر محافظة في المجتمع الفرنسي التي أرادت أن تقصي ساركوزي من المنافسة ولكن دون أن تبنى طروحات جوبيه «الوسطية». وكان الأخير قد انتهج الخط الوسطي ليجذب إليه ناخبيهم وناخبي اليسار الذي «يئسوا» من الاشتراكيين وطريقتهم في إدارة شؤون البلاد في السنوات الخمس الماضية. وكما في البلدان الأوروبية الأخرى، فإن اليمين الفرنسي المحافظ يعيش «ربيعا» جديدا تحت تأثير التحولات الاجتماعية والسياسية بما فيها ظاهرة الإرهاب والهجرات وتصاعد الشعور المعادي للأجانب والإسلام بشكل خاص.
يبقى أن جوبيه لن يترك جانبا خطوط السياسة الخارجية التي يمكن أن يعتمدها فيون ومنها تقاربه مع روسيا والرئيس بوتين بالذات ودعوته للانفتاح على الرئيس السوري بشار الأسد ونظرته المشككة للاتحاد الأوروبي وللثنائية الفرنسية - الألمانية. وأمس، أعلن الناطق باسم الكرملين أن بوتين وفيون كانت لهما علاقات «مثمرة» يوم كان كل منهما رئيس حكومة بلده. وأضاف ديمتري بيسكوف أن الجانب الروسي «يراقب عن كثب مجريات الانتخابات التمهيدية إذ إن فرنسا شريك» كذلك «يمكن أن نقيم معها تعاونا أكبر من الذي قائم اليوم».
كل هذه العناصر تبين أن المعركة بين الرجلين ستكون طاحنة لأنها ستنتهي بإزاحة أحدهما وقطع طريق قصر الإليزيه عليه. ويراقب اليسار عن كثب ما يجري في الساحة اليمينية. ويبدو أن اليسار أكثر ارتياحا لفوز فيون لأنه سيكون بوسعه تأليب صفوف اليسار لمواجهة برنامج يميني محافظ ورجعي بينما مواجهة جوبيه كانت ستزيد من الصعوبات بوجهه.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.