أنجيلا ميركل.. زعيمة ألمانيا دون منافس

رغم انحدار شعبيتها بسبب أزمة اللجوء.. وارتفاع قوة الحزب اليميني

أنجيلا ميركل.. زعيمة ألمانيا دون منافس
TT

أنجيلا ميركل.. زعيمة ألمانيا دون منافس

أنجيلا ميركل.. زعيمة ألمانيا دون منافس

بعد أن ظلت في منصب المستشارية لأحد عشر عاما تقريبا حتى الآن، ضمنت أنجيلا ميركل لألمانيا مكانا كقوة عظمى في أوروبا، وتم اعتبارها على الدوام المرأة الأكثر نفوذا في العالم اليوم. ولذلك يؤكد عدد من الساسة الذين لديهم تعاملات معها أن أكبر خطأ هو أن يتم التقليل من المستشارة الألمانية، واعتبارها مجرد شخصية انطوائية متوسطة الأناقة.
في عام 1998 خلعت ميركل بجرأة كول من زعامة حزبهما «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»، وانطلقت ميركل، الحاصلة على دكتوراه في فيزياء الكم، لتفوز في ثلاثة انتخابات عامة، (أعوام 2005، و2009. و2013)، وبلغت سيطرتها على حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي إلى حد عدم وجود منافس لها داخليا حاليا. أما خصومها في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يقف حاليا شريكها الأصغر في الائتلاف الحكومي، فليس لديهم منافس واضح لتحديها في انتخابات العام المقبل.
وفي ألمانيا يطلق عدد كبير من المواطنين على ميركل لقب «موتي» أي ماما، في إشارة إلى أننا جميعا نبقى متعلقين بأمهاتنا سواء أحببناهن أم لا، ويتذكرون كيف قادت هذه السياسية المتميزة، التي تزوجت مرتين دون أن ترزق بأطفال، الاتحاد الأوروبي ببراعة نحو التقشف. وقد قالت ذات مرة مفسرة أسلوبها في العمل «قد تجد أني أستغرق بعض الوقت لاتخاذ قرار، ولكني أفكر في الأمر قبل أن أفعل شيئا، وهذا له مزاياه».
هكذا هي المستشارة، التي يعتقد الألمان أنهم يعرفونها، وكانوا يتوقعون إعادة انتخابها في عام 2017، الأمر الذي من شأنه أن يضعها على قدم المساواة مع المستشار الأسبق كول، الذي ترأس الحكومة لمدة 16 عاما.
وتجلى فكر ميركل الحريصة في 5 من سبتمبر (أيلول) 2015، عندما قررت فتح حدود ألمانيا أمام طوفان من اللاجئين المتجهين غربا عبر النمسا. وكانت هذه المرة الأولى التي تأخذ فيها ميركل بقيادة الألمان إلى قرار حاسم، حيث تجاهلت المعارضة اليمينية، وأقنعت شعبها بالتحلي بالسخاء، وبناء الملاجئ للقادمين الجدد، وبهدوء أعلنت «يمكننا التعامل مع الأمر»، حيث وصل ما يقرب من 900 ألف مهاجر في سنة 2015 إلى ألمانيا، وقد أدت هذه السياسة المثيرة للجدل إلى انحدار شعبية ميركل، وارتفاع مواز في قوة الحزب اليميني، المناهض للهجرة «البديل من أجل ألمانيا» (إيه إف دي). لكن في الخارج، فإن ميركل تظل في أوج قوتها، إذ لا تتمتع كل من فرنسا، وبريطانيا المغادرة للاتحاد الأوروبي، بسلطة على القارة، إلا بقدر أقل بكثير من ألمانيا.
ولا يزال الجزء الأساسي من إرثها يتمثل في تمكنها من أزمة الديون بمنطقة اليورو، رغم الصد من قبل اليونان الفقيرة، حيث يتم التعريض بها في كثير من الأحيان من خلال رسوم كاريكاتيرية، تصورها كما لو كانت جيلا جديدا من النازية.
ولم تخش ميركل، التي تتحدث الروسية بطلاقة، الوقوف في وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولتأمين هدنة في شرق أوكرانيا، ألحت على موسكو وعززت قوة كييف لترقى كل منهما إلى شروط السلام التي تم الاتفاق عليها في المحادثات.
وتشكلت شخصية ميركل من خلال طفولتها في إطار نظام استبدادي. فقد ولدت في هامبورغ في 17 من يوليو (تموز) 1954، واقتيدت إلى ألمانيا الشرقية الشيوعية ليربيها والدها رجل الدين اللوثري اليساري. ودرست الفيزياء في جامعة كارل ماركس بمدينة لايبتستيج، وعملت كنادلة في حانة إبان فترة دراستها. كما عملت عالمة في المعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية في الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة. ودون أن تلوثها العلاقات الشيوعية، بدأت مسيرتها السياسية متحدثة باسم أول حكومة لمرحلة ما بعد الشيوعية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.
وبعد إعادة توحيد ألمانيا عام 1990، انضمت إلى الحزب المسيحي الديمقراطي، وانتخبت عضوا في أول برلمان لألمانيا الموحدة. وبعد ذلك بعام اختارها كول في حكومته وزيرة للصحة وشؤون المرأة.
وحلت ميركل محل المستشار السابق غيرهارد شرودر في الانتخابات المبكرة التي جرت في 2005 لتقود ائتلافا كبيرا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي حتى عام 2009، وفي أعقاب فوزها في انتخابات 2009، دخل تحالف ميركل المسيحي في ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الحر، واستمر حتى نهاية ولايته في 2013، وفي أعقاب فوزها في انتخابات ذلك العام شكلت مجددا ائتلافا كبيرا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو الائتلاف الحاكم الحالي في ألمانيا.
تزوجت أنجيلا دوروتيا كاسنر، من زميلها أولريش ميركل عام 1977، ورغم انفصالهما في وقت لاحق، فإنها لا تزال تحمل اسم عائلته، وهي حاليا متزوجة بالعالم الكيميائي يواخيم زاور. وتعيش ميركل حياة تتسم بالتواضع دون ممتلكات باهظة الثمن، ولديها شقة في برلين، وتقضي عطلة
نهاية الأسبوع في كوخ ريفي، وتقوم بجولات تسوقها الخاصة بنفسها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».