المرشح الرئاسي الفرنسي فيون: دعوة للتحالف مع بوتين والانفتاح على الأسد

المعارضة السورية ستخسر بوصوله للسلطة

المرشح الرئاسي الفرنسي فيون: دعوة للتحالف مع بوتين والانفتاح على الأسد
TT

المرشح الرئاسي الفرنسي فيون: دعوة للتحالف مع بوتين والانفتاح على الأسد

المرشح الرئاسي الفرنسي فيون: دعوة للتحالف مع بوتين والانفتاح على الأسد

«صديق» آخر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتأهب للإمساك بناصية القرار في بلد كبير هو فرنسا، بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية؛ فرئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون الذي كذب كل التوقعات واستطلاعات الرأي، حل في المرتبة الأولى في انتخابات اليمين والوسط التمهيدية، أول من أمس.. «44 في المائة من الأصوات»، وهو مؤهل لأن يفوز رسميا بالترشيح الأحد المقبل، ليواجه على الأرجح مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف في شهر مايو (أيار) 2017.
إحدى النقاط التي تجمع بين فيون ولوبان، رغم خلافاتهما الكثيرة، هي رغبتهما في إعادة توجيه السياسة الخارجية الفرنسية لتتقارب مع روسيا، والتفاهم مع بوتين من أجل إيجاد حلول للحروب والبؤر المشتعلة، خصوصا في الشرق الأوسط. وإذا سارت الأمور وفق ما يشتهي فيون، فإن الدبلوماسية الفرنسية ستشهد بالتأكيد «إعادة تموضع»، لأن رئيس الجمهورية الفرنسية هو من يرسم السياسة الخارجية والدفاعية والحكومية، فضلا عن أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وحافظ «المفتاح» النووي.
لا يخفي فيون قرابته من الرئيس الروسي الذي يعرفه منذ أن كان رئيسا للحكومة (2007 – 2012) فيما كان بوتين أيضا رئيسا للحكومة بعد أن ترك الرئاسة مؤقتا لديمتري ميدفيديف. وفيون «معجب» ببوتين كما هو ترامب، لأنه يرى أن سياسته الخارجية «فعالة ونشطة». كذلك يرى فيون أن على فرنسا أن تحافظ على «استقلاليتها» بين الشرق الروسي والغرب الأميركي كما فعل الجنرال ديغول، ومن جاء بعده؛ حتى ساركوزي وهولاند، اللذين «اصطفا» وراء واشنطن والحلف الأطلسي. أما السمة الأخرى لرؤية فيون، فهي أنه يتعين الفصل بين موضوع احترام حقوق الإنسان من جهة، والعلاقة مع روسيا والمصالح المشتركة من جهة أخرى. وفيما يتهم الغرب روسيا بتأجيج النزاع في شرق أوكرانيا، فإن فيون يرى أن هذه الرؤية «خاطئة»؛ لا، بل إن مصير شبه جزيرة القرم يقرره «سكانها» الذين صوتوا عام 2014 للانضمام إلى روسيا.
إذا وصل فيون إلى قصر الإليزيه «وهو مرجح»، ستخسر المعارضة السورية في فرنسا صديقًا وفيًا، لأن باريس كانت أول من اعترف بـ«المجلس الوطني» ثم بـ«الائتلاف»، وما فتئت تدعم المعارضة وتدين تصرفات النظام وما تقوم به روسيا وإيران ميدانيا. وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، كان فيون واضحا في نظرته للأزمة السورية؛ إذ عدّ في مقال شهير نشرته مجلة «ماريان» أن «القوة الوحيدة التي تتسم بالواقعية في سوريا هي روسيا»، لا؛ بل ذهب إلى الترحيب بتدخلها العسكري الكثيف ابتداء من شهر سبتمبر (أيلول) 2015. ويذهب فيون إلى حد اعتبار روسيا «السد المنيع» الوحيد بوجه تنظيم «داعش».
يتبنى فيون رؤية مختلفة تماما عن الرؤية الرسمية للدبلوماسية الفرنسية منذ اندلاع الانتفاضة ثم الحرب في سوريا.. فهو من جهة يأسف للقطيعة الدبلوماسية مع نظام الأسد التي أقرتها حكومة هولاند. كذلك يعد فيون الرئيس السوري «محاورا» مقبولا رغم كونه «ديكتاتورا». فضلا عن ذلك، يرى فيون أن «الأسد يتمتع بشعبية، ولذلك فإن نظامه ما زال قائما». ومن مآثره أنه «يوفر الحماية للمسيحيين». وبحسب فيون، فإن سقوط الأسد سيعني آليا وصول «الإسلاميين» إلى السلطة في دمشق بما لذلك من تأثيرات على تيارات الهجرة باتجاه أوروبا. وبأي حال، فإن فيون يرى أن التشدد الذي يصفه بـ«التوتاليتارية الإسلامية» يشكل تهديدا للمجتمعات أيا تكن، في الشرق الأوسط أو في فرنسا وأوروبا، وقد كتب كتابا يحمل هذا العنوان عقب العملية الإرهابية التي ضربت مدينة نيس الساحلية في شهر يوليو (تموز) الماضي وأوقعت 80 قتيلا ومئات الجرحى.
أما بشأن عمليات القصف التي تصب الحمم على الأحياء الشرقية في حلب، فإن للمرشح فيون رؤية خاصة عبر عنها في كلمة ألقاها بمنتجع سوتشي في روسيا، بحضور بوتين، حيث أكد أن ما تشهده حلب «جريمة»، داعيا الأسرة الدولية إلى إدانتها بأقسى العبارات. ولكن ما يحصل، وفق نظرته هو «نتيجة عجزنا منذ 4 سنوات، وقصورنا عن فهم ما يجري في سوريا، ورفضنا الحوار مع روسيا عندما كان ذلك ممكنا، وكذلك رفضنا الحوار مع النظام. والسلام في سوريا يمر بالحوار مع روسيا». وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ذهب فيون إلى حد الدعوة لـ«التحالف» مع الأسد لمحاربة الإسلاميين.. فبين «الشمولية المتشددة» ونظام «لم يعلن الحرب علينا»، يرى فيون أن «لا سبيل للتردد» وأنه يتعين على فرنسا الانضمام للحلف الروسي - السوري لمحاربة المتشددين «بفعالية». وفي شهر سبتمبر من العام الماضي، عدّ فيون أنه «من الواجب مساعدة نظام الأسد رغم مساوئه، لأنه على وشك السقوط». أما في مناسبات أخرى، فقد عدّ فيون أنه لا حل نهائيا في سوريا مع بقاء الأسد. لكن الوضع الراهن يفترض، برأيه، التعامل معه والتعويل على روسيا.
هل هذا يعني أن ما قاله فيون المرشح سيتحول إلى سياسة رسمية لفرنسا؟
السؤال مطروح في باريس، كما طرح سابقا في واشنطن ولندن، وهو يطرح إشكالية العلاقة بين الدعاية الانتخابية والسياسة الرسمية التي تأخذ بعين الاعتبار التقاليد الدبلوماسية للدولة المعنية ومصالحها ومؤسساتها السياسية والأمنية. ورغم أن للرئيس الفرنسي اليد الطولى، فإن تغييرا جذريا لسياسة فرنسا الخارجية لن يكون فوريا، وإنما سيتم بالتدريج، وسيأخذ وقتا حتى تتأقلم الإدارة الجديدة (الخارجية، الدفاع، الإليزيه) مع الوافد الجديد إلى القصر الرئاسي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.