لبنان: قانون الانتخابات الجديد أولوية العهد.. وإقراره قبل الاستحقاق بعيد المنال

عون يرى أن إعادة تكوين السلطة تبدأ بتصحيح التمثيل النيابي

لبنان: قانون الانتخابات الجديد أولوية العهد.. وإقراره قبل الاستحقاق بعيد المنال
TT

لبنان: قانون الانتخابات الجديد أولوية العهد.. وإقراره قبل الاستحقاق بعيد المنال

لبنان: قانون الانتخابات الجديد أولوية العهد.. وإقراره قبل الاستحقاق بعيد المنال

كان الوعد بإقرار قانون جديد للانتخابات، واحدا من أهم العناوين الإصلاحية التي حملها خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس ميشال عون يوم انتخابه رئيسًا للجمهورية اللبنانية في 31 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وهو الخطاب الذي يحمل رؤية كل رئيس ومشروع حكمه على مدى السنوات الستّ، ويكون أشبه ببرنامج العمل والخريطة السياسية لعهده، وهذا ما أكد عليه عون أمس، عندما شدد على أن «إعادة تكوين السلطة تبدأ من قانون للانتخابات النيابية يصحح التمثيل».
إلا أن ثمة قراءات متضاربة حول قدرة القوى السياسية على إنتاج قانون انتخابي مثالي ضمن مهلة زمنية محدودة، باعتبار أن عامل الوقت بات ضغطًا على الجميع. فالانتخابات المقررة في شهر مايو (أيار) المقبل باتت قريبة جدًا، لا سيما أن أمام الهيئة العامة لمجلس النواب أكثر من عشرة مشاريع قوانين لم يحظ أي منها على توافق يؤمن الأكثرية النيابية لإقراره، وإجراء الانتخابات على أساسه. وهذا شكّل مبعث قلق لدى البعض الذين يتخوفون من تأجيل جديد للانتخابات وتمديد للبرلمان الحالي، أو الخضوع للأمر الواقع والذهاب إلى انتخابات بموجب القانون الحالي الذي تعارضه معظم الكتل النيابية.
وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، رأى أن المهلة الفاصلة عن دعوة الهيئات الانتخابية، آخر مارس (آذار) المقبل، كفيلة بإنجاز قانون انتخابات عصري إذا توافرت الإرادة لدى القوى السياسية. وتابع أن «كل الإجراءات التقنية واللوجستية جاهزة، ويبقى الاتفاق على القانون، فالمطلوب معرفة ما إذا كان القانون أكثريا أو نسبيا وكيف ستقسّم الدوائر الانتخابية».
وشدد قرطباوي وهو خبير قانوني ونقيب سابق للمحامين في لبنان ومقرب من عون، على أن «قانون الانتخابات العصري والحديث وحده الكفيل بإنتاج سلطة ممثلة لإرادة اللبنانيين، لأنه يترجم إرادة الناس، ويمكنها من تختار ليحكمها». وأضاف: «في كل الدول الديمقراطية عندما تحتدم الخلافات السياسية، تخضع المسؤولون لخيارات الناس ويذهبون إلى انتخابات مبكرة». ورأى أن «رئيس الجمهورية ومن موقعه السياسي ودوره الدستوري والمعنوي، وبما له من كتلة نيابية وازنة، قادر على لعب دور مؤثر ودافع نحو إقرار قانون انتخابي يرضي طموحات اللبنانيين». ومن جانب آخر اعتبر قرطباوي أن «أي فريق سياسي لم يعد قادرًا أن يخاطب المواطنين ويقنعهم بإجراء انتخابات على قانون عمره 65 سنة». في هذه الأثناء يبقى القانون الانتخابي «المقبول من الجميع» مطلبًا مسيحيًا، وهذا ما أشار إليه النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، الذي رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل فئة سياسية لديها تطلعات ومصالح للقانون الانتخابي الذي يؤمن لها أكبر قدر من النجاح». واستطرد «نحن نتمنى أن يكون هناك تعاون مع رئيس الجمهورية والتفاف حوله للاتفاق على قانون يرضي الأكثرية»، معتبرًا أن «هناك قضايا جوهرية يجب المحافظة عليها، وأن يؤمن القانون إمكانية بناء دولة قادرة على إعادة الأمور إلى نصابها والنهوض بالمؤسسات». وشدد مظلوم على أن بكركي (البطريركية المارونية) «تدعو دائمًا إلى وحدة الكلمة والاتفاق والتعاون بين الجميع، وإذا كان هناك من دور مساعد لتلعبه لن تتأخر في ذلك».
أما فيما خص الحديث عن تأجيل تقني للانتخابات، فقد أعلن قرطباوي أنه «مجرد الحديث عن تأجيل تقني للانتخابات، فإن ذلك يبرر تطيير الانتخابات برمتها»، معتبرًا أن «مهلة الستة أشهر الفاصلة عن موعد الانتخابات كافية، وإذا توفرت الإرادة يمكن إقرار القانون خلال شهر واحد». ولفت وزير العدل السابق إلى أن «القضية مرتبطة بالإرادة السياسية لا أكثر ولا أقل، ولا أحد قادر على تغطية نفسه بتأجيل الاستحقاق النيابي مرة جديدة».
من جهته، شدد رئيس الجمهورية ميشال عون في حديث لمجلة «فرنس كاثوليك» الفرنسية، على أن «إعادة تكوين السلطة هو الأهم». وتابع: «رغم امتلاكي كتلة نيابية هي الأكبر مسيحيًا وثاني أكبر كتلة على المستوى الوطني، فإن ذلك لم يمكنني من تشكيل أكثرية داعمة في المجلس النيابي لقانون انتخابات نيابي يصحح التمثيل الشعبي». ورأى عون أن «التمديد مرتين للمجلس النيابي اللبناني لو حصل في فرنسا لكان أطلق ثورة شبيهة بالثورة الفرنسية»، معتبرا أن «الفراغ الذي طال أمده في موقع رئاسة الجمهورية كان يمكن إنهاؤه بالعودة إلى الشعب، وهو اقتراح تقدم به في المجلس النيابي ولكنه رفض في حينه، ليبقى الحل الوحيد اليوم بانتخابات نيابية على أساس قانون جديد عصري للانتخابات النيابية يحقق عدالة التمثيل وصحته».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».