الغنوشي معلقًا على جلسات ضحايا الاستبداد: تونس تتطهر للتوجه إلى المستقبل

هيئة الحقيقة والكرامة تلقت 65 ألف ملف انتهاك.. 32 ألفًا منها بحق الإسلاميين

الغنوشي معلقًا على جلسات ضحايا الاستبداد: تونس تتطهر للتوجه إلى المستقبل
TT

الغنوشي معلقًا على جلسات ضحايا الاستبداد: تونس تتطهر للتوجه إلى المستقبل

الغنوشي معلقًا على جلسات ضحايا الاستبداد: تونس تتطهر للتوجه إلى المستقبل

علق راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية (حزب إسلامي)، على جلسات الاستماع العلنية لضحايا الاستبداد التي جرت يومي الخميس وأول من أمس الجمعة، بقوله إن «تونس الجديدة كانت تتطهر وتتجمل لتخرج بعد هذه المحطة في أتم زينتها، متصالحة ومتضامنة ومتجهة إلى المستقبل في أبهى صورتها»، على حد قوله. وأشار الغنوشي إلى أن جلسات الاستماع العلنية كانت جيدة، وعبّرت عن مختلف فئات المجتمع، ممن تعرضوا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وشرعت هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية تهتم بالعدالة الانتقالية)، التي ترأسها الإعلامية والحقوقية سهام بن سدرين، في عقد جلسات استماع علنية، وذلك لأول مرة في تاريخها، خصصت لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، في إطار استكمال مسار العدالة الانتقالية.
وانطلقت تلك الجلسات بحضور ديفيد تولبار، رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ومستشاري عدد من الحكومات الأجنبية، وممثلين عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
كما شهدت حضور عدة رموز سياسية ذاقت فنون التعذيب والانتهاكات في عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، من بينهم راشد الغنوشي (إسلامي)، وحمة الهمامي (يساري)، ومصطفى بن جعفر، وهو حقوقي والرئيس السابق للمجلس التأسيسي التونسي.
ويشمل قانون العدالة الانتقالية الانتهاكات التي حدثت في تونس خلال الفترة الممتدة بين يونيو (حزيران) 1955 إلى حدود ديسمبر (كانون الأول) من سنة 2013. وأظهرت الإحصائيات التي قدمتها هيئة الحقيقة والكرامة أن عدد الضحايا ضمن ملاحقات الإسلاميين المنتمين لحركة الاتجاه الإسلامي وحركة النهضة وحزب التحرير (أحزاب إسلامية) خلال عقدي الثمانينات والتسعينات بالخصوص، قدر بأكثر من 32 ألف انتهاك. وورد على هيئة الحقيقة والكرامة قرابة 65 ألف ملف لانتهاك حقوق الإنسان، ولم توافق نسبة 19 في المائة منهم على المشاركة في جلسات الاستماع العلنية. فيما أظهرت البيانات التي قدمتها الهيئة نفسها أن هدف 68 في المائة من المنتفعين بالعفو التشريعي العام ممن تقدموا بملفاتهم إلى الهيئة، التمتع بتعويضات مالية، وأن 12 في المائة فقط منهم كان هدفهم كشف الحقيقة وجبر الضرر والاعتذار ومحاسبة المذنبين. وقالت سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، إنه من المنتظر تنظيم جلسات استماع أخرى لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وجلسة مماثلة يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2017، وذلك بمناسبة ذكرى ثورة 2011. ووضعت الهيئة جدولا زمنيا يقضي بإنهاء مهامها في المصالحة والتحكيم وطي صفحة الماضي بحلول شهر يونيو من سنة 2018. ونقلت إذاعات وتلفزيونات محلية وأجنبية مباشرة جلسات الاستماع العلنية التي تواصلت مساء أول من أمس، وقالت ريدة الكدوسي التي قتل ابنها رؤوف (27 عاما) برصاص الشرطة عام 2011 وترك ابنا رضيعا، مخاطبة السلطات: «لن نسكت ولن نسلّم في حق أولادنا»، مطالبة بسحب ملفات «شهداء الثورة» من القضاء العسكري وتكليف القضاء المدني بها. وقتل أكثر من 300 تونسي بالرصاص خلال الثورة التي قمعها النظام. وقد أصدر القضاء العسكري أحكاما مخففة في قضايا قتل متظاهرين خلال الثورة. وأضافت ريدة مخاطبة على الأرجح إسلاميي حركة النهضة، التي قادت حكومة «الترويكا» من نهاية 2011 حتى 2014 «من أخرجهم من السجون، من أعادهم من المنفى؟.. نحن قدمنا أبناءنا جرحى وشهداء.. وأنتم تمسكون الكراسي وتتنعمون وتنسوننا.. لماذا لا تلتفتون إلينا؟».
وتابعت باستياء موضحة أن السلطات سحبت من حفيدها دفتر علاج مجانيا كانت وضعته على ذمته إثر مقتل والده رؤوف، ودعت السلطات إلى «الالتفات إلى المناطق (الداخلية) التي قدمت شهداء» خلال الثورة وما زالت تعاني من غياب التنمية بعد خمس سنوات من الإطاحة ببن علي. وخلال الجلسة، أعطت امرأتان أسماء عناصر الأمن الذين أطلقوا النار على ابنيهما، منتقدتين الأحكام المخففة التي أصدرها القضاء العسكري على «قتلة الشهداء». وقالت فاطمة، التي قتل ابنها أنيس برصاص الشرطة في العاصمة قبل الإطاحة بنظام بن علي، غاضبة: «القضاء العسكري لم ينصفنا». وتساءلت: «من جلب لكم الديمقراطية؟ ابني مات من أجل تونس ومن أجل العَلم التونسي. أريد تحقيق العدالة»، قبل أن يقاطعها الحضور بالتصفيق.
بعد ذلك، جاء دور كل من أرملة ووالدة كمال المطمامي، الإسلامي الذي اختفى قسرا في 7 من أكتوبر (تشرين الأول) 1991 في قابس (جنوب). وقالت أرملة المطماطي إن شرطة قابس اعتقلت زوجها وقتلته تحت التعذيب في التاريخ المذكور، لكنها أخفت الأمر عن عائلته التي ظلت تبحث عنه من سجن إلى آخر إلى أن علمت في 2009 أنه قُتل، مضيفة أنها لم تحصل على حجة وفاته الرسمية إلا في 2015.
وروت أن الشرطة نفت في البداية علمها بمكان وجود زوجها، قبل أن تطلب منها إحضار ملابس نظيفة وطعام له، ما أحيا آمالها في رؤيته. وطالبت الأرملة باستعادة جثمان زوجها لدفنه و«محاسبة» قاتليه.
وفي قاعة الجلسة، ذرف أعضاء من هيئة الحقيقة والكرامة وحاضرون الدموع. واختتمت الجلسة بالاستماع لشهادة الكاتب جيلبرت النقاش، المعارض اليساري الشهير للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي قال إن «البوليس السياسي أو غيره لا يعرفون إلا أسلوبا واحدا هو التعذيب. فقد دخلت السجن ثلاث مرات، وفي المرات الثلاث تعرضت للتعذيب».
وأكد النقاش أهمية جلسات الاستماع العلنية، معتبرا أن الجلسة الأولى «عوضت كثيرا إحباط السنوات الخمس الأخيرة وأظهرت أن الثورة لا تزال حية». وتقضي مهمة هيئة الحقيقة والكرامة وفق قانون العدالة الانتقالية بـ«كشف حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان» الحاصلة في تونس منذ الأول من يوليو (تموز) 1955، أي بعد نحو شهر من حصول تونس على الحكم الذاتي من الاستعمار الفرنسي، وحتى 31 من ديسمبر (كانون الأول) 2013. و«مساءلة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض الضحايا ورد الاعتبار لهم». وأمام هيئة الحقيقة والكرامة مدة أقصاها خمس سنوات لإنجاز مهامها.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.