الفلسطينيون يقيمون قرى في مناطق معدة للاستيطان ردًا على «البؤر» الاستيطانية

عريقات: كل حجر استيطاني في الضفة الغربية منذ 1967 غير شرعي

نشطاء فلسطينيون وأجانب خلال مواجهة مع قوات الاحتلال التي أطلقت قنابل مسيلة للدموع عند قرية الياسر في منطقة الأغوار (أ.ب)
نشطاء فلسطينيون وأجانب خلال مواجهة مع قوات الاحتلال التي أطلقت قنابل مسيلة للدموع عند قرية الياسر في منطقة الأغوار (أ.ب)
TT

الفلسطينيون يقيمون قرى في مناطق معدة للاستيطان ردًا على «البؤر» الاستيطانية

نشطاء فلسطينيون وأجانب خلال مواجهة مع قوات الاحتلال التي أطلقت قنابل مسيلة للدموع عند قرية الياسر في منطقة الأغوار (أ.ب)
نشطاء فلسطينيون وأجانب خلال مواجهة مع قوات الاحتلال التي أطلقت قنابل مسيلة للدموع عند قرية الياسر في منطقة الأغوار (أ.ب)

لم ينتظر الفلسطينيون هذه المرة المستوطنين حتى يتمددوا في بناء تجمعات جديدة لمستوطناتهم القائمة في كل مكان، وسبقوهم إلى إقامة قرية رمزية بالقرب من خربة الحمة، في الأغوار الشمالية، التي هدمها الاحتلال سابقا.
ووضع مسؤولون في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وناشطون عرب وأجانب، أمس، اللبنات الأولى لقرية الياسر، في محاولة لمحاكاة الفعل الاستيطاني الإسرائيلي، المبني على فرض الأمر الواقع، مع فارق هو الأهم، أن الإسرائيليين يبنون على أراضي الفلسطينيين المحتلة.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وليد عساف، إن النشطاء الذي نصبوا خياما هناك ينوون بناء مزيد منها، في محاولة لمنع المستوطنين من السيطرة على المنطقة التي يفترض أن تتحول إلى بؤرة استيطانية جديدة.
لكن إسرائيل لم تسمح للقرية الجديدة بأن ترى النور طويلا، وهاجمت قواتها القرية وأزالت الخيام، ما فجر مواجهات انتهت بإصابة 4 من الناشطين واعتقال آخرين.
وهذه ليست المرة الأولى التي تهدم فيها إسرائيل خياما ومنازل في المكان. فقد هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خلال الأسابيع القليلة الماضية، 32 منزلا في المكان، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، ومنعت وصول مساعدات للعائلات هناك.
وقال ‎زاهر أبو حسين، المسؤول في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان‎، إن قوات الاحتلال أطلقت وابلا من الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، تجاه المشاركين في الفعالية، التي أقيمت بالقرب من خربة الحمة بالأغوار الشمالية، التي قام الاحتلال بهدمها، ما أدى إلى وقوع إصابات. وأوضح أن جنود الاحتلال اعتدوا على الطواقم الصحافية الموجودة في المكان، ومنعوها من التغطية، كما اعتقلوا اثنين من الناشطين الأجانب.
وتعهد مسؤول هيئة مقاومة الاستيطان، بإعادة بناء ما تهدمه إسرائيل في كل مرة. وقال عساف: «سنواجه البؤر الاستيطانية (..) ولن نسمح بتمرير قانون تشريع هذه البؤر»، في إشارة إلى قرار الكنيست الإسرائيلي المصادقة بالقراءة التمهيدية على مشروع القانون الذي طرحه حزب البيت اليهودي المتطرف، والهادف إلى شرعنة وتبييض البؤر والوحدات الاستيطانية العشوائية التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة. ويخشى الفلسطينيون من تسريع عمليات بناء بؤر استيطانية جديدة بعد هذا القرار. وتوجد في الضفة عشرات من هذه البؤر، التي تقضم مساحات واسعة من الأراضي، وهي تختلف عن المستوطنات التي تطلق عليها إسرائيل اسم الكتل الكبيرة، وتسعى من خلالها لفرض أمر واقع بقانونية هذه الكتل «المرخصة»، فيما يستمر الخلاف على البؤر «غير المرخصة».
ووصف صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: «كل حجر استيطاني وضع على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 حتى هذا اليوم، بأنه (غير شرعي)»، مشددًا على ضرورة التوجه إلى مجلس الأمن الدولي وعرض مشروع الاستيطان بشكل فوري. وأكد عريقات، في بيان، أن «محاولات شرعنة الاستيطان باطلة ولاغية وغير مقبولة»، مضيفا: «لا يوجد في القاموس السياسي والقانوني الدولي استيطان شرعي وغير شرعي». وأعرب عريقات عن أسفه من ضعف الموقف الدولي، تجاه محاولات إسرائيل شرعنة البؤر الاستيطانية وممارساتها في الأراضي المحتلة، وقال إن «الرد الدولي على ممارسات إسرائيل لم يرقَ إلى المستوى المطلوب». وتابع: «للأسف الشديد، إسرائيل تشعر أن لها حصانة، وتواصل سياسة الاستيطان والتهجير والاغتيالات والاعتقالات، واحتجاز جثامين الشهداء، وسرقة الأراضي والموارد الطبيعية».
وقلل عريقات من أهمية مطالبة طاقم الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، بعدم المبادرة إلى توسيع البناء في المستوطنات قبل أن يدخل إلى البيت الأبيض، قائلا إن الإدانات الأميركية الرسمية كانت تقابل دائما بمزيد من الاستيطان. وأردف: «الذين يسعون لهزيمة الإرهاب في المنطقة عليهم أن يدركوا أنه دون تجفيف مستنقع الاحتلال فلن تستقر المنطقة». وشدد عريقات على ضرورة التحرك الفلسطيني، والعمل من أجل عرض مشروع الاستيطان على مجلس الأمن بشكل فوري، والعمل على توفير الحماية للشعب الفلسطيني.
ومن جهتها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، مجلس الأمن بوقف سياسة الكيل بمكيالين في التعاطي مع قضايا المنطقة والعالم.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.