ما بين وسام الحرية و«النوبل»

ما بين وسام الحرية و«النوبل»
TT

ما بين وسام الحرية و«النوبل»

ما بين وسام الحرية و«النوبل»

• قبل رحيله، قرر الرئيس باراك أوباما تكريم عدد من وجوه الفن بمنحهم وسام الحرية. وهو وسام من أعلى رتبة يمكن لرئيس جمهورية في الولايات المتحدة منحه لأي مدني على الإطلاق، وتم تأسيسه سنة 1963 عوضًا عن وسام سابق كان العمل بوشر به أيام الرئيس هاري س. ترومان في منتصف الأربعينات.

• من بين السينمائيين الذين تسلموا هذا الوسام من قبل جيمس كاغني وهيلين هايز في عهد رونالد ريغان وكيرك دوغلاس وجون واين في عهد جيمي كارتر، أودري هيبون في عهد بوش الأب كما بوب هوب في عهد ريتشارد نيكسون. وفي الفترة الرئاسية الأولى لأوباما تم منح الوسام سنة 2009 إلى الممثل سيدني بواتييه، الأفرو - الأميركي الوحيد الذي نالها في السينما حتى الآن.

• المتلقون الجدد لهذا الوسام هم توم هانكس وروبرت ردفورد وروبرت دينيرو ومعهم المغني بروس سبرينغستين. والاختيار يميل ما بين خط الوسط السياسي (هانكس، دينيرو) إلى اليسار (ردفورد وسبرينغستين) كما مالت اختيارات سابقة ما بين خط الوسط وخط يمين الوسط.

• أمر الجوائز الشرفية التي توزعها الدول على نحو رسمي مثير للتقدير مهما كان الفنان أو الأديب المحتفى به. فهو عبارة عن تقدير خدمات المحتفى به بصرف النظر عن ميوله الخاصة. والمحتفى بهم عادة ما يقدّرون جيدًا هذا التكريم، ولم يحدث أن رفض أحد وسامًا من رئيس الجمهورية الأميركي. جورج س. سكوت رفضه من الأكاديمية عندما نال أوسكار أفضل ممثل عن فيلم «باتون»، على أساس أنه لا يمكن مقارنة المواهب على هذا النحو. لكن لو عرض عليه وسام الحرية لكان من المستبعد أن يرفضه.

• من ناحية أخرى، يرفض المغني بوب ديالان الذهاب إلى ستوكهولم لتسلم جائزة نوبل التي فاز بها قبل نحو شهر. وهو فاز في مجال الأدب رغم أنه لم يمارسه إلا إذا كانت التسمية تشمل أيضًا الفن، وفي هذه الحالة لا بد من إيضاح. وهو كان من المفترض أن يظهر في العاصمة السويدية في العاشر من الشهر المقبل لكي يتسلم جائزته لكن ابن الخامسة والسبعين اعتذر عن الحضور.

• ديلان تخلف سابقًا عن حضور مناسبات مختلفة. ربما أولها حدث في عام 1968 عندما أقيمت الحفلة الشبابية العامرة بأكثر من 400 ألف شاب وشابة افترشوا مزرعة لثلاثة أيام لمتابعة، مجانية، لقمم مغني البلوز والصول والروك أند رول: ريتشي هافنز، رافي شانكار، جوان بواز، سانتانا، فرقة كاند هيت، فرقة «ذا هو»، جو كوكر، لكن عندما طُلب من ديلان الاشتراك امتنع، وقيل إن السبب أنه لم يكن مستعدًا للظهور مجانًا.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.