مزوار لـ«الشرق الأوسط»: «اتفاق باريس» لا رجعة فيه

وزير خارجية المغرب قال إن هناك واقع في أميركا يختلف عن الشعار الانتخابي

صلاح الدين مزوار وزير خارجية المغرب في قمة المناخ بمراكش أمس (إ.ب.أ)
صلاح الدين مزوار وزير خارجية المغرب في قمة المناخ بمراكش أمس (إ.ب.أ)
TT

مزوار لـ«الشرق الأوسط»: «اتفاق باريس» لا رجعة فيه

صلاح الدين مزوار وزير خارجية المغرب في قمة المناخ بمراكش أمس (إ.ب.أ)
صلاح الدين مزوار وزير خارجية المغرب في قمة المناخ بمراكش أمس (إ.ب.أ)

قال صلاح الدين مزوار، وزير خارجية المغرب، رئيس المؤتمر العالمي حول المناخ «كوب22»، إن من بين أهداف «قمة مراكش» حول المناخ، أن تخرج بـ«نداء مراكش»، لتؤكد فيه التزام المنظومة الدولية والفاعلين غير الحكوميين فيما يخص الأهداف التي تم تسجيلها في «اتفاق باريس»، وأيضا التأكيد على ضرورة الانخراط العملي في المشاريع المرتبطة بالتحول المناخي. وشدد مزوار، في حوار خص به «الشرق الأوسط»، على القول إن دخول «اتفاق باريس» حيز التنفيذ لا رجعة فيه، مشيرا إلى «أننا أمام خيار للمنظومة الدولية فيما يخص محاربة ومواجهة الآفات المرتبطة بالمناخ». وجاء جواب مزوار ردا على سؤال حول مدى تأثير الانتخابات الأميركية ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في واشنطن، على سير مفاوضات مراكش.
وقال مزوار: «لا يمكننا اليوم أن نحكم على شعار اتخذ في إطار الحملة الانتخابية، ونقول إنه سيتم تفعيله، وبالتالي يجب أن ننتظر ما سيصدر عن الإدارة الأميركية في هذا المجال».
وذكر مزوار أنه بصفته رئيسا لـ«كوب 22» سيفتح باب النقاش والحوار، ويقوم بمحاولة إقناع حتى تبقى المنظومة الدولية كلها ماضية على النسق نفسه والتضامن نفسه. وأشار مزوار إلى نقطة ثالثة مفادها أن هناك واقعا في الولايات المتحدة يختلف عن الشعار الانتخابي، ويكمن في أن هناك 40 ولاية منخرطة في تفعيل «اتفاق باريس»، ومنخرطة في المشاريع المرتبطة بالتحول المناخي، مضيفا: «هناك أيضا أكثر من 300 مدينة منخرطة في هذه المشاريع. لذلك، الواقع الميداني في الولايات المتحدة يختلف عن الشعار الانتخابي الذي رفعه الرئيس ترامب، وبالتالي لا يجب استباق الأمور، واعتبار أن هذه المسألة حسمت، بل يجب الاستمرار في توجيه خطابات ورسائل قوية». وفي ما يلي نص الحوار:
> وضعت الرئاسة المغربية لـ«كوب22» أفريقيا على رأس أولوياتها. هل تمكنتم خلال المؤتمر من تحقيق أشياء ملموسة لصالح القارة السمراء؟
- الرئاسة المغربية وضعت من بين الأولويات، الانتظارات التي تعبر عنها كل الدول النامية، بما فيها بالطبع الدول الأفريقية. فقمة «كوب22» تعقد في بلد أفريقي. وأكيد أن حجم الانتظارات وحجم التحديات الموجودة في أفريقيا يفرض على قمة مراكش، والقمم التي ستأتي بعدها، أن تأخذها بعين الاعتبار بالحجم والاهتمام الكافيين. نحن أردنا من هذه القمة أن تكون نقطة تحول في منطق التعامل مع هذه القضايا.
إن مرحلة المفاوضات قطعت الأشواط الأساسية التي سمحت بأن يكون هناك «اتفاق باريس»، وسمحت بأن يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ، الأمر الذي يفرض بالطبع أن تكون هناك مقاربة مختلفة تسير في اتجاه بلورة آليات للتمويل لمواكبة وتقوية القدرات ودعم المشاريع التي تدخل مباشرة في إطار الالتزامات التي أخذتها الدول على عاتقها وترجمتها على أرض الواقع. ما سيتم تحقيقه أولا، هو التحول في منطق التعامل. ثانيا، في هذه القمة سمحنا بفتح المجال لكل الفاعلين غير الحكوميين الذين لديهم دور أساسي ومؤثر في دينامية تفعيل التزامات الدول. وحينما أتحدث عن الفاعلين غير الحكوميين، أقصد بالطبع القطاع الخاص، والقطاع المالي، والمقاولات، والمجتمع المدني، وأيضا المسؤولين عن التدبير المحلي والمجالي الذين أصبح لهم دور أساسي، في إطار مهيكل، في مواكبة السياسات العمومية ودعم التزامات الدول وسياساتها العمومية.
فهذه الأشياء كلها؛ زد عليها الأولويات التي حددناها كرئاسة، والتي ستسمح لنا بالاشتغال أولا خلال عام 2017، على جانب تمويل وتوسيع وتنويع آليات التمويل المرتبطة بالمشاريع التي لها علاقة بالمناخ، وتقوية القدرات، وإعطاء الأهمية للتكيف، إضافة إلى إعطاء أهمية، في إطار مهيكل، وفي إطار المبادرة التي اتخذها المغرب وألمانيا، وتوسعت لتشمل مجموعة من الدول النامية والمتقدمة، لتقوية القدرات وتحديد التزامات الدول.
فهذه كلها أشياء عملية ستضيفها قمة مراكش، التي ستحقق التحول الذي نرغب فيه، وأن يكون الحديث والعمل على المضمون أكثر منه على المفاوضات.
> مسألة التمويل من بين أهم القضايا المطروحة على قمة «كوب22»، خصوصا الدعم المالي للبلدان النامية. هل نجح المؤتمر في الوصول إلى هدف المائة مليار دولار، وما أجندة التزامات المانحين؟
- هدف تحقيق مائة مليار دولار هو التزام الدول المتقدمة، بحيث أعطيت المسؤولية لبلدين لبلورة المقترحات بشأن ذلك؛ هما أستراليا وبريطانيا، ذلك أنهما جاءا بخريطة طريق تتضمن اقتراحات، بيد أنه حتى الآن لم يصلا إلى تحقيق هدف مائة مليار دولار. فهناك 67 مليار دولار، زائد 20 مليار دولار التي تقررت كآليات جديدة، على أساس أن نصل إلى مائة مليار دولار. لكننا ندفع في اتجاه ما إذا كان هذا الالتزام سيتم خلال القمة أم خلال الرئاسة المغربية لـ«كوب22». فهذه مسألة سنواكبها. لكننا في الوقت نفسه على دراية بأن مائة مليار دولار لا تشكل إلا نقطة في بحر. إن طموحنا، والهدف الذي حددناها كرئاسة لهذه القمة، هو أن نوسع مجالات التمويل، وكذلك تبسيط شروط الولوج إلى التنمية.
> رغم اختلاف أوضاع الدول العربية، فإن لديها حساسية مفرطة إزاء التغيرات المناخية. هل هناك تنسيق عربي داخل المؤتمر، وما مواقفه والإنجازات التي حققها؟
- أولا، أود أن أشكر كل الدول العربية على الدور الذي قامت وتقوم به خلال قمة مراكش، وعلى دعمها القوي للرئاسة المغربية، والأهداف التي حددتها خلال القمة. هناك تنسيق متميز، والإخوة العرب كلهم معبأون. لكن الرسالة القوية تبقى - على مستوى دول الخليج العربي والدول المنتجة للنفط والغاز - أن انخراطهم في مجموعة من المشاريع والمبادرات التي تمضي في اتجاه التحول المرتبط بالطاقات المتجددة والمناخ، وهي مشاريع والتزامات قوية، يعطي انطباعا بأن الدول العربية من بين المجموعات المؤثرة في دينامية المناخ، ومن الدول التي لها كلمة مسموعة. لذا، أغتنم هذه الفرصة لأوجه تحية خاصة إلى الدول العربية المشاركة في هذه القمة، وأشكرهم على مبادراتهم.
> الانتخابات الأميركية ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في واشنطن، إلى أي حد أثر ذلك على سير مفاوضات مراكش؟
- أعتقد أنه نظرا للشعار الذي رفعه ترامب خلال الحملة الانتخابية، أكيد أنه بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات كانت هناك بعض المخاوف التي جرى التعبير عنها، وطرحت تساؤلات حول ذلك، لكننا كرئاسة مغربية أكدنا بشكل واضح أن دخول «اتفاق باريس» حيز التنفيذ لا رجعة فيه. إننا أمام خيار للمنظومة الدولية فيما يخص محاربة ومواجهة الآفات المرتبطة بالمناخ. ثانيا، لا يمكننا اليوم أن نحكم على شعار اتخذ في إطار الحملة الانتخابية، ونقول إنه سيتم تفعيله. وبالتالي، يجب أن ننتظر ما سيصدر عن الإدارة الأميركية في هذا المجال. بالطبع، كرئيس للقمة، سأفتح نقاشا وحوارا، إلى جانب القيام بمحاولة إقناع، حتى تبقى المنظومة الدولية كلها ماضية في نفس النسق ونفس التضامن. النقطة الثالثة التي يجب الانتباه إليها هي أن هناك واقعا داخل الولايات المتحدة، يختلف عن الشعار الانتخابي، وهو واقع يكمن في أن هناك 40 ولاية منخرطة في تفعيل «اتفاق باريس»، ومنخرطة في المشاريع المرتبطة بالتحول المناخي. هناك أيضا أكثر من 300 مدينة منخرطة في هذه المشاريع. لذلك فإن الواقع الميداني في الولايات المتحدة يختلف عن الشعار الانتخابي الذي رفعه الرئيس ترامب. وبالتالي، لا يجب استباق الأمور، واعتبار أن هذه المسألة حسمت؛ بل يجب الاستمرار في توجيه خطابات ورسائل قوية. إن من بين أهداف «قمة مراكش» أن تخرج بـ«نداء مراكش» لتؤكد فيه التزام المنظومة الدولية والفاعلين غير الحكوميين فيما يخص الأهداف التي تم تسجيلها في «اتفاق باريس»، وأيضا التأكيد على ضرورة الانخراط العملي في المشاريع المرتبطة بالتحول المناخي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».