مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: ضمانات أميركية لأنقرة بشأن المنطقة الآمنة

الأكراد سيقترحون على أهل الرقة ضمّها إلى «الإدارة الذاتية» بعد تحريرها

مقاتلتان من قوات الحماية الشعبية الكردية على سطح أحد الأبنية مع أسلحتهما في قرية «مزرعة خالد» (أ.ف.ب) - مقاتلات من قوات الحماية الشعبية الكردية بين زملائهن أمس قرب قرية «مزرعة خالد» 
التي تبعد 40 كلم عن الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش (أ.ف.ب)
مقاتلتان من قوات الحماية الشعبية الكردية على سطح أحد الأبنية مع أسلحتهما في قرية «مزرعة خالد» (أ.ف.ب) - مقاتلات من قوات الحماية الشعبية الكردية بين زملائهن أمس قرب قرية «مزرعة خالد» التي تبعد 40 كلم عن الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش (أ.ف.ب)
TT

مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: ضمانات أميركية لأنقرة بشأن المنطقة الآمنة

مقاتلتان من قوات الحماية الشعبية الكردية على سطح أحد الأبنية مع أسلحتهما في قرية «مزرعة خالد» (أ.ف.ب) - مقاتلات من قوات الحماية الشعبية الكردية بين زملائهن أمس قرب قرية «مزرعة خالد» 
التي تبعد 40 كلم عن الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش (أ.ف.ب)
مقاتلتان من قوات الحماية الشعبية الكردية على سطح أحد الأبنية مع أسلحتهما في قرية «مزرعة خالد» (أ.ف.ب) - مقاتلات من قوات الحماية الشعبية الكردية بين زملائهن أمس قرب قرية «مزرعة خالد» التي تبعد 40 كلم عن الرقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش (أ.ف.ب)

بعد أيام من انطلاق «قوات سوريا الديمقراطية» في عملية تحرير مدينة الرقة الواقعة في الشمال السوري بدعم جوي أميركي، من تنظيم داعش، برزت تصريحات لقياديين أكراد رجحوا فرضية ضم المدينة ذات الغالبية السنية إلى ما يُعرف بـ«منطقة الإدارة الذاتية الكردية»، وهو ما أثار مخاوف المعارضة السورية وناشطين في المنطقة وجعلهم يتساءلون عن مغزى الدعم الأميركي للمقاتلين الأكراد في هذه المعركة وما إذا كانت واشنطن باتت تؤيد حقيقة قيام دولة كردية أو أقله اعتماد نظام فدرالي في سوريا. بينما أكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن أنقرة حصلت على ضمانات كاملة من واشنطن باستكمال عملية درع الفرات ومنع الربط بين جرابلس وجيب عفرين الكردي القريب من مدينة هطاي الحدودية التركية مع سوريا. كذلك دخول الجيش السوري الحر إلى مدينة منبج، التي لا يزال يوجد فيها 200 من عناصر الوحدات الكردية تريد أنقرة إخراجهم إلى شرق الفرات. فضلا عن تسريع عملية إخراج «داعش» من مدينة الباب.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، إن خطة تركيا لإقامة منطقة آمنة على مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع بطول 98 كيلومترا بين جرابلس وأعزاز وبعمق 45 كيلومترا في عمق الأراضي السورية، باتت محل توافق مع واشنطن وموسكو من أجل عودة اللاجئين السوريين المنتمين إلى القرى والبلدات التي تقع ضمن هذه المنطقة إلى أراضيهم.
في الوقت نفسه واصل الجيش التركي تعزيز قواته على الحدود مع سوريا والعراق وقام رئيس الأركان التركي بزيارة لمواقع القوات التركية على الحدود السورية أعقبها أمس بزيارة للقوات التركية على حدود العراق.
من جانبه أكد وزير الدفاع التركي فكري إيشيك أن الجيش التركي سيتقدم إلى كل مكان ضروري لحماية الأمن التركي.
وتخشى تركيا من تحول المواجهات مع «داعش» إلى حرب عرقية أو طائفية تهدد المنطقة وتهدد تركيا نفسها، وهذا ما يدفع تركيا إلى التمسك بعدم دخول القوات الكردية ضمن قوات سوريا الديمقراطية إلى داخل الرقة، والإصرار على أن يتم ذلك من خلال قوات عربية تقوم بتدريبها على غرار ما حدث في درع الفرات حتى الآن.
في سياق آخر، نقلت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية عن ممثل حزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري في موسكو عبد سلام علي، أمس، قوله إن الكرد، بعد الانتهاء من «تطهير المدينة من الإرهابيين، قد يضمونها إلى منطقتهم الذاتية الحكم»، لافتا إلى أنه بإمكان «قوات سوريا الديمقراطية»، التي يشكل الأكراد عمودها الفقري، تشكيل مجلس عسكري لإدارة المدينة بعد «تطهيرها»، وضمها إلى النظام الفيدرالي الذي أعلنوه في شهر مارس (آذار) الفائت. وأضاف أن «هذه المسألة يقررها سكان المدينة، فإذا وافقوا على بقاء القوات الكردية في المدينة، فسوف تبقى القوات. وطبعا، فإن الجزء الرئيسي من هذه القوات سوف ينسحب من المدينة في جميع الأحوال، أي سيبقى فيها ما يلزم لحفظ النظام. أما من الناحية الإدارية، فإن من الممكن تكليف مجلس عسكري للقيام بهذه المهمة، على غرار ما جرى في مدينة منبج بعد تحريرها».
وبينما اعتبرت نوروز كوباني، من المكتب الإعلامي لوحدات حماية المرأة YPJ، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه «من الطبيعي أن يتم إنشاء مجالس وبلدية ومحاكم تكون على صلة بمدن محررة أخرى من أجل بت مسألة إدارة الرقة بعد تحريرها»، لافتة إلى أنه «لا شيء محسوم أو واضح حتى الساعة»، شدّد قيادي كردي على أنه «لا وجود لمصطلح (ضم) لدى قوات سوريا الديمقراطية وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، باعتبار أنه لا يمكن فرض أي شيء من هذا القبيل على أي منطقة أو مدينة»، مشيرا إلى أن «أهلها هم من يقررون مصيرها». وقال القيادي المذكور الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «من المستغرب سعي الإعلام الروسي المستمر لطرح الموضوع من هذه الزاوية، خاصة أن الأمور لا تزال أصلا بعيدة طالما لم يتم حتى الساعة تحرير مدينة الرقة».
ولا توحي تصريحات المسؤولين الأميركيين بتأمينهم غطاء للأكراد لضم الرقة إلى «منطقة الحكم الذاتي»، وهو ما عبّر عنه أخيرا المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر، لافتا إلى أن «الولايات المتحدة تعتقد أن التشكيلات الكردية المسلحة المشاركة في عملية تحرير مدينة الرقة سوف تنسحب من المدينة بعد تحريرها وتطهيرها»، ولكنه لم يحدد ما إذا كانت القوات الكردية ستنسحب بكاملها أم سيبقى جزء منها في المدينة لإدارتها وللمحافظة على الأمن فيها.
ولا تقتصر الإشكالية المطروحة على الرقة باعتبار أن ملف مدينة منبج التي حررتها «قوات سوريا الديمقراطية» بوقت سابق من تنظيم داعش عاد ليُفتح مع إعلان مقاتلي المعارضة المنضوين في عملية «درع الفرات» نيتهم التوجه إلى المدينة بعد سيطرتهم على الباب، وهو ما يؤكد المسؤول الكردي أنه «غير ممكن على الإطلاق، من منطق أن هذه المجموعات من المقاتلين تابعة مباشرة لتركيا»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لن يُسمح لهذه المجموعات بالتقدم في أي منطقة حررتها قوات سوريا الديمقراطية كي تكون الكلمة فيها لأنقرة».
بالمقابل، يحسم أحد القياديين في «درع الفرات» بأن خطة عملهم تقضي بالتوجه إلى منبج بعد السيطرة على الباب، لافتا إلى أنهم تلقوا وعودا من الأميركيين بانسحاب المقاتلين الأكراد إلى شرقي الفرات، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لكن إذا لم يتجاوب هؤلاء مع المطالب الأميركية فإننا لن نتردد بخوض مواجهة مباشرة معهم.. والصدام سيكون قادما لا محالة».
وفي التطورات الميدانية التي شهدتها الرقة ومحيطها يوم أمس، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستمرار الاشتباكات العنيفة بين «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى في الريف الشمالي للمدينة، وسط تمكن قوات سوريا من التقدم والسيطرة على قرية جديدة ليرتفع إلى 17 قرية ومزرعة على الأقل عدد المناطق التي تقدمت إليها هذه القوات منذ بدء معركة «غضب الفرات» قبل أيام والتي تهدف لعزل مدينة الرقة عن ريفيها الشمالي والشرقي، لافتا إلى أن الاشتباكات تترافق مع قصف للتحالف الدولي على قرية خنيز ومناطق أخرى في الريف الشمالي.
وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية» فإن عاصفة من الغبار أعاقت تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» في المنطقة الصحراوية نحو مدينة الرقة، كما شلت قدرة طائرات التحالف الدولي على رصد تحركات عناصر تنظيم داعش.
من جهتها، أشارت المتحدثة باسم حملة «غضب الفرات» جيهان شيخ أحمد إلى أن «قواتنا تقترب من الالتقاء، وتعتمد استراتيجيتنا على التقدم وفق مراحل ومحاصرة العدو ضمن مناطق واسعة تمهيدا لبدء عمليات التمشيط». وأضافت أنه «بعد السيطرة على 15 قرية والكثير من المزارع منذ بدء الهجوم، استطعنا قطع ثلث المسافة نحو مدينة الرقة، إذ أحرزنا تقدما باتجاهها بمسافة 15 كيلومترا ولا يزال يفصلنا عنها ثلاثون كيلومترا».
ودفعت المعارك والغارات الآلاف من سكان القرى الواقعة في ريف الرقة الشمالي إلى النزوح خشية من استخدامهم كدروع بشرية. وأحصت قوات سوريا الديمقراطية الخميس نزوح أكثر من خمسة آلاف شخص منذ بدء الهجوم السبت، من مناطق الاشتباك باتجاه مدينة عين عيسى. وقالت إنهم يعيشون في ظروف صعبة جراء النقص في المساعدات.
ولا تقتصر التحديات التي يعيشها المدنيون في الرقة ومحيطها على نقص المساعدات والحصار الذي يفرضه «داعش» بل وبشكل أساسي على القصف الذي يتعرضون له من طيران التحالف الذي لا يميز في الكثير من الأحيان بين الأهداف العسكرية وتلك المدنية، وهو ما أدّى يوم الثلاثاء إلى مقتل 20 منهم في قرية الهيشة الواقعة تحت سيطرة التنظيم المتطرف في ريف الرقة الشمالي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».